«ميدل إيست آي»: مصر والانقلاب.. حكاية 11 يوما أطاحت بـ«مرسي»

الأربعاء 4 يوليو 2018 10:07 ص

في 3 يوليو/تموز من العام 2013، تمت الإطاحة بالرئيس المصري «محمد مرسي» في انقلاب عسكري قاده الجنرال «عبدالفتاح السيسي».

وقد تحدث مؤخرا أحد كبار المسؤولين في وقت «مرسي» لأول مرة عن الكيفية التي تكشفت بها الأحداث، وطلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع.

23 يونيو/حزيران 2013.. تحذير «السيسي»

قبل أسبوع واحد من الانقلاب، أدلى «عبدالفتاح السيسي»، الذي كان قد عينه «مرسي» وزيرا للدفاع وقائدا للقوات المسلحة، بخطاب غير عادي، محذرا من أن الجيش قد يتدخل إذا تسببت الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمظاهرات المضادة لها في اضطراب البلاد.

وقال «السيسي»: «نحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حماية إرادة الشعب المصري العظيم، وأولئك الذين يسيئون للجيش يسيئون إلى كل المصريين، ومن يظن أننا سنبقى صامتين تجاه أي هجوم على الجيش فهو مخطئ».

وأضاف: «لم تحاول القوات المسلحة أبدا التدخل في الشؤون العامة أو السياسة، لكن أود أن أقول إننا جميعا لدينا مسؤولية أخلاقية وقومية وتاريخية، ولن نقبل أن تدخل مصر إلى نفق مظلم من الصراع أو الصراع الداخلي أو الحرب الأهلية أو انهيار مؤسسات الدولة».

وكان «السيسي» قد التقى «محمد مرسي» قبل الخطاب بوقت قصير، لكنه لم يعط أي إشارة لما كان سيخرج به على الناس، وفي اليوم السابق، كان بضع مئات من المتظاهرين قد قاموا بمسيرة إلى وزارة الدفاع، لدعوة «السيسي» للاستيلاء على السلطة من «مرسي».

ويقول المسؤول: «في المكتب الرئاسي، كنا واثقين إلى حد ما من أن الجيش لن يتدخل على الأقل، لكن في الوقت نفسه، بعد خطاب السيسي العام في 23 يونيو/حزيران، كان من السذاجة الاستمرار في التفكير بنفس الطريقة».

ويعتقد المسؤول أن «السيسي» كان يخطط للانقلاب لعدة أشهر، وعلى الرغم من أن قليلين هم من كانوا يعرفون ذلك، فقد كان «السيسي» يجتمع أسبوعيا مع قادة المعارضة كل خميس في نادي القوات البحرية في القاهرة، منذ الأزمة الدستورية في ديسمبر/كانون الأول عام 2012، والتي تم اتهام «مرسي» فيها من قبل خصومه بمنح نفسه المزيد من الصلاحيات.

وقدم «السيسي» نفسه كوسيط محايد بين المعارضة و«مرسي»، لكن في الوقت الذي تحدث فيه «السيسي» في 23 يونيو/حزيران، كان يدعم المعارضة بشكل علني.

وقال المسؤول: «كان هذا يتماشى بشكل غير عادي مع مواقف المعارضة».

وفي مؤتمر صحفي في اليوم السابق، تم تنظيمه تحت عنوان «ما بعد المغادرة»، دعا تحالف المعارضة، «الجبهة الوطنية للإنقاذ»، إلى استقالة «مرسي» وعقد «انتخابات مبكرة».

23 يونيو/حزيران.. مطالبة «مرسي» بمغادرة القصر

وفي نفس اليوم، طلب اللواء «محمد زكي»، رئيس الحرس الجمهوري المكلف بحماية الرئيس، من «مرسي» ومساعديه، مغادرة قصر رئاسة الجمهورية، والبدء بالعمل من مقر الحرس الجمهوري، من منشأة عسكرية أمنية في شارع منشية الطيران في مصر الجديدة، بالقاهرة.

ولم تكن وسائل الإعلام وعامة الناس على علم بالموقع الجديد لـ«مرسي» ​​في ذلك الوقت، وقد تم إبلاغ «مرسي» وفريقه أن القصر الجديد سيكون أكثر أمنا من القصر الرئاسي خلال المظاهرات المزمعة ضد «مرسي»، والتي كان من المقرر لها أن تبدأ بعد أسبوع في 30 يونيو/حزيران، فيما كان من المتوقع أن يسير المتظاهرون إلى القصر.

وفي وقت لاحق، تبين أن اللواء «زكي» هو الذراع اليمنى لـ«السيسي» في تنسيق الانقلاب.

26 -29 يونيو/حزيران.. الاضطرابات في الشوارع

وشهد الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران اندلاع أعمال عنف في جميع أنحاء البلاد، معظمها ضد مؤيدي «مرسي» و«الإخوان المسلمون»، وتم نهب وإحراق ما لا يقل عن 20 مقرا للحزب السياسي لـ«الإخوان المسلمون» على الصعيد الوطني.

وفي 25 يونيو/حزيران، تم إضرام النيران في منازل اثنين من قادة الإخوان في محافظة «مرسي»، الشرقية، شمال مصر.

وبدأ معظم العنف بعد خطاب «مرسي» المطول في 26 يونيو/حزيران، الذي تحدث فيه عن التحديات التي واجهها خلال العام السابق ورؤيته للمستقبل.

وقال «مرسي»: «لكل ثورة أعداؤها وخصومها، وتواجه كل دولة تحديات، ونحن كمصريين نستطيع، إن شاء الله، التغلب على هذه الفترة».

وأضاف: «لقد كنت على حق في بعض الأحيان، وكنت مخطئا في أحيان أخرى، وبالطبع لقد ارتكبت العديد من الأخطاء، وكنت على حق قدر الإمكان، ومن المتوقع حدوث أخطاء، ولكن تصحيحها واجب».

«وهناك من يتطلع إلى القدرة على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والعودة إلى حالة الفساد والظلم والإفقار، ويبدو للأسف أن هناك من بيننا أشخاصا لا يستطيعون تخيل القدرة على الأكل أو العيش بدون هذا الفساد».

ومنذ 28 يونيو/حزيران، بدأت الاحتجاجات المتنافسة في التجمع في أجزاء مختلفة من القاهرة. وفي مصر الجديدة والتحرير، أقام المحتجون المناهضون لـ«مرسي» ​​مخيمات استعدادا ليوم 30 يونيو/حزيران.

وكان المتظاهرون المؤيدون لـ«مرسي» ​​يتجمعون منذ 21 يونيو/حزيران في اعتصام في ميدان «رابعة».

ولم يُسمح لمؤيدي «مرسي» بالاحتجاج في ميدان التحرير، الذي كان بوتقة الثورة ضد «حسني مبارك» في فبراير/شباط عام 2011، ولعدة أشهر، كان التحرير ومنطقة وسط المدينة بأكملها خارج حدود مؤيدي «مرسي»، وقد أصبح ذلك ممكنا بفضل تطويق الساحة من قبل الجيش، وتم السماح فقط لمعارضي «مرسي» بالاحتجاج في التحرير.

ووقع عدد من الاشتباكات في التحرير، مع اعتراض الناشطين الليبراليين الشباب، الذين عارضوا «مرسي»، على رفع صور «مبارك» في الميدان، وتم طردهم من الميدان من قبل المتظاهرين الآخرين.

وبحلول 29 يونيو/حزيران، كان العنف ينتشر ويزداد سوءا، وتعرضت المقار المرتبطة بحزب «الحرية والعدالة» التابع لـ«مرسي» وجماعة «الإخوان المسلمون»، لهجمات من قبل عصابات مسلحة هتفت ضد الحكومة.

وقد تم طعن شاب أمريكي في الإسكندرية، وهو «أندرو بوختر»، حتى الموت، أثناء تصويره احتجاجا للمعارضة، كما تم الإبلاغ عن مقتل ما لا يقل عن ٧ من أنصار «مرسي».

وتعرضت 7 نساء على الأقل، بما في ذلك صحفية هولندية، للتحرش الجنسي، وتعرض بعضهن للاغتصاب الجماعي، وفق ما وثَّقته جماعات حقوق الإنسان.

وطبقا للمسؤول، توقعت الحشود الموالية لـ«مرسي» ​​الخيانة من قبل الجيش، وفي محاولة لمنع ذلك، قاموا باحتجاجات حاشدة في ميادين «رابعة» و«النهضة» في القاهرة.

وكانوا يحاولون على وجه السرعة التعبير عن دعم «مرسي» وشرعيته، على أمل أن يردع التعبير عن الشعور الشعبي الجيش.

ورددت حركة «تمرد»، التي ادعت أنها جمعت 22 مليون توقيع في التماس للإطاحة بـ«مرسي»، أن الحشود الموالية لـ«مرسي» ​​أطلقت عريضة موازية تسمى «تجرد»، والتي ادعت جمع عدد مماثل من التوقيعات.

وقال المسؤول: «لقد استمعنا إلى هذه المزاعم، ونعرف أنه لا يمكن التحقق من أي منها بشكل مستقل، ولكننا ندرك أيضا أن الأصوات المناهضة لمرسي ​​تم تضخيمها في الصحافة الغربية».

30 يونيو/حزيران..  احتجاجات جماهيرية

وفي 30 يونيو/حزيران، كان «مرسي» لا يزال في مقر الحرس الجمهوري، لكن المتظاهرين ساروا باتجاه القصر الرئاسي «قصر الاتحادية»، وبينما كانوا يسيرون، رفعوا بطاقات حمراء، وهتفوا «يسقط مرسي!».

وكانوا أيضا يدعون علنا ​​الجيش للتدخل، وفي واحدة من المسيرات، تم حمل ضباط الشرطة على أكتاف الرجال كما لو كانوا في حفل انتصار.

وفي ذلك المساء، اجتمع «عصام الحداد»، مستشار الشؤون الخارجية في إدارة «مرسي»، بالسفيرة الأمريكية «آن باترسون».

وقال المسؤول الكبير، الذي تم إطلاعه على الاجتماع، إن الرسالة التي أعطتها السفيرة لـ«الحداد» في تلك الليلة هي أنه بغض النظر عن حجم الاحتجاجات، فإن المتغير الأهم هو الجيش.

وقالت لـ«الحداد»: «جمهوركم السيسي وليس الشعب، يميل الشعب المصري إلى نسيان أن من أطاح بمبارك لم يكن الشعب، بل المجلس العسكري، ولن يحدث شيء إلا إذا قام الجيش بعمله».

وقال المسؤول الكبير إن «باترسون» أوضحت تحليلها لموقف «السيسي» وما كان يسعى إليه.

حيث كان يريد أن يكون للجيش اليد العليا، وليس أن يكون تابعا للمدنيين، وربما لم يكن «السيسي» في ذلك الوقت هو المسيطر على كل شيء، ويمكن لأعضاء آخرين في الجيش الضغط عليه أو حتى تهديده، وكان أهم ما في ذهنه هو العلاقة المهمة بين الجيش والولايات المتحدة، وهو أمر لا يريد أن يعرضه للخطر.

وفقا للمسؤول، عرف الجيش الأعداد الحقيقية للمتظاهرين على كلا الجانبين.

وقال: «كان أعلى رقم رسمي حصلنا عليه من مجلس الأمن القومي هو 675 ألف متظاهر في جميع أنحاء البلاد، ولقد كان هذا هو تقدير الجيش، وتم تأكيده أيضا من قبل وكالات أخرى، ومن قبل كشافينا».

«وقد شعر المتشائمون بيننا بأن الجيش لن يتدخل إلا إذا كانت هناك أعداد كبيرة في الشوارع، لذا كان تصورنا أن الجيش لن يفعل أي شيء بهذه الأعداد الصغيرة، ووفقا للتقديرات الرسمية، كان عدد المتظاهرين المؤيدين لمرسي ​​مساويا أو أكبر من عدد المتظاهرين المعارضين».

ومع ذلك، كان معظم الصحفيين في ذلك اليوم أكثر اهتماما بتغطية الاحتجاجات المناهضة لـ«مرسي»، وذهب عدد قليل جدا إلى «رابعة» أو «النهضة»، حيث تجمع المتظاهرون المؤيدون لـ«مرسي»، وكانت عيون العالم على «التحرير» و«الاتحادية» وموجات المعارضة ضد «مرسي».

1 يوليو/تموز..  إنذار «السيسي»

وعلى الرغم من الإشارات العديدة للانقلاب الوشيك، ظل معظم المسؤولين الرئاسيين متفائلين حتى اليوم الأخير، وكان هذا في الأساس بسبب الطمأنة التي كانوا يحصلون عليها من «مرسي»، الذي كان يعتقد بنفسه أن «السيسي» ما زال يلعب دور الوسيط.

وفي مساء يوم 1 يوليو/تموز، التقى مرسي بـ«السيسي» في مكتبه في منشأة الحرس الجمهوري، وفي الوقت نفسه، كان مسؤولو الرئاسة يتابعون بيانا متلفزا من قبل الجيش، تم بثه على أنه خبر عاجل.

وكانت صورة «السيسي» في الخلفية، مع تعليق صوتي لمتكلم آخر من الجيش، في بيان أعطى جميع أطراف الأزمة مهلة مدتها 48 ساعة للتوصل إلى اتفاق، وفي حالة فشل ذلك، فإن الجيش سيتدخل لاستعادة النظام.

وقد تفاجأ الجميع، لأن «مرسي» نفسه لم يكن يعلم ببيان الجيش قبل دخوله الاجتماع، ولم يخبره «السيسي» إلا في نهاية الاجتماع، «لكنه نجح في جعل الأمر يبدو كأنه لم يكن إنذارا فعليا»، كما قال المسؤول.

وعندما التقى «السيسي» بالرئيس، ادعى أنه قابله لإبلاغه بآخر أخبار محاولاته للتوسط في اتفاق مع المعارضة، وقال المسؤول: «كان السيسي مخادعا جدا».

«وفي نفس اليوم، قام الرئيس بتوبيخ السيسي على هذا البيان، وأصدرنا بيانا ندد فيه الرئيس ببيان الجيش، وأصدر الجيش بيانا يتراجع عن المعنى الضمني بأنه سيتدخل».

وأضاف المسؤول: «لقد تلاعب بنا الجيش حقا، من خلال التراجع أحيانا، والتفاوض في بعض الأحيان، وتقديم المقترحات في أحيان أخرى».

2 يوليو/تموز.. عرض «مرسي»

اجتمع «مرسي» مع «السيسي» يوم الثلاثاء، 2 يوليو/تموز، بعد اجتماع سابق مع ممثلي أنصاره المجتمعين في ميدان «رابعة»، ووفقا لـ «مرسي»، كما أخبر كبار مستشاريه، فقد قدم إلى «السيسي» مبادرة اقترحها حلفاؤه.

وشملت المبادرة تعديلا وزاريا كاملا، بما في ذلك تعيين رئيس وزراء جديد، وتعديلات دستورية لجميع المواد التي ترفضها المعارضة، ولجنة للمصالحة.

وسأل «مرسي» «السيسي» عما إذا كان يرى هذا كافيا لإنهاء الأزمة، وأجاب «السيسي»: «نعم، إنه كذلك، هذا أكثر مما طالبت به المعارضة».

وتمت كتابة هذا كاتفاق، وكان من المفترض أن يأخذ «السيسي» البيان المكتوب للمعارضة. وقال «السيسي» للرئيس: «سأعود إلى المعارضة وأعود إليك قريبا».

واستغرق الأمر منه ٥ ساعات للقيام بذلك، وفي حوالي الساعة ٩ مساء، اتصل بـ«مرسي»، وأبلغه بأن المعارضة لم توافق على الاتفاق.

3 يوليو/تموز.. «السيسي» يستولي على السلطة

ومع ذلك، في اليوم التالي، الأربعاء 3 يوليو/تموز، اجتمع «السيسي» مع المعارضة، وادعى أنه يقدم لهم اقتراحا من الرئيس.

لكن «منى مكرم عبيد»، العضوة في المعارضة، قالت في وقت لاحق إن «السيسي» التقى بهم صباح الأربعاء ليقدم لهم خطته وخارطة الطريق الخاصة به، بدلا من الخطة التي اقترحها «مرسي».

ويخلص المسؤول إلى أن «السيسي» لم يقدم أبدا عرض «مرسي» إلى المعارضة.

وقال المسؤول: «ربما لم يظهر لهم أي شيء في اليوم السابق، وكان يلتقي مع مرسي فقط ليعطيه الانطباع بأن الأمور تسير بسلاسة، وأنه يحاول بصدق التوسط في التوصل لاتفاق».

وكان المبعوث الغربي الآخر الذي التقى به «الحداد» مساء اليوم السابق هو «تور وينيزلاند»، السفير النرويجي.

وأخبره «الحداد» أنه من الصعب التراجع الآن، لأن حلفاء «مرسي» لم يثقوا بالجيش أو المعارضة، ولقد شعروا بأن حياتهم ستكون معرضة للخطر بمجرد تفريق احتجاجاتهم أو قبول استقالة الرئيس.

وقال للسفير: «ليس الأمر أننا لا نرغب في تقديم تنازلات، بل إننا لا نستطيع المساومة»، وقال «وينزلاند» إنه يفهم موقفهم، ووعد بالقيام بشيء ما، وقال بثقة: «سأحاول أن أوقف الساعة».

وكان «وينيزلاند»: «القناة غير الرسمية للأمريكيين»، كما قال المسؤول.

وأضاف المسؤول: «كان الأمريكيون إذا أرادوا إيصال رسالة دون أن يظهروا متورطين علنا، فإن السفير النرويجي عادة ما يكون هو قناة الاتصال، ولقد فهمنا أنه سيطلب من الأمريكيين إبلاغ الجيش بتأخير الانقلاب، بحيث تكون هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق الآن بعد أن فهموا الصورة بشكل أفضل».

وكان من المفترض أن ينظم الجيش الانقلاب صباح يوم الأربعاء، وعندما لم يحدث ذلك، شعرنا أن السفير كان على الأرجح قادرا على إيقاف الساعة كما قال، وشعرنا بالاطمئنان أكثر عندما اتصل وزير خارجية قطر بـ«الحداد» لينقل له رسالة من الأمريكيين.

وكان مضمون الرسالة سؤالا من الأمريكيين لـ«مرسي» ما إذا كان سيقبل اقتراحا يحل فيه رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة محل الوزراء الحاليين، وأن يتم تسليمهم جميع السلطات التشريعية.

وكان «مرسي» على استعداد للتفاوض على الاقتراح، لكن قبل بضعة أيام، بينما كان يناقش الحلول الوسط الممكنة مع فريقه، أخبرهم «أنه سيرفض أي محاولة لإعادة الجيش إلى إدارة البلاد مع وجود مرسي كواجهة»، وقال إنه يفضل الموت بدلا من الاستسلام لذلك الأمر.

ودعا «الحداد» السفيرة الأمريكية لمناقشة الاقتراح. وكانت رسالة «باترسون» أن الوقت قد فات، وأن الجيش قد اتخذ قراره بالتحرك بالفعل.

ووفقا للمسؤول، لم يكن لدى المكتب الرئاسي أي اتصال مع الإماراتيين.

وفي السابق، كان أحد عملاء المخابرات البريطانية قد التقى «الحداد» وأخبره أنه يمكن الضغط على السعوديين لتغيير موقفهم من «مرسي» و«الإخوان المسلمون»، لكنهم لا يستطيعون فعل ذلك مع الإماراتيين.

وقال المسؤول البريطاني، الذي كان يعمل لحساب وكالة الاستخبارات البريطانية، في إشارة إلى ولي عهد أبوظبي صاحب النفوذ: «الشيخ محمد بن زايد نفسه لا يمكن إقناعه».

ومع كل هذه الحركات، وقبل كل شيء الأعداد الهائلة من الناس في «رابعة» و«النهضة»، دفع ذلك مسؤولي «مرسي» للاعتقاد بأن الفرصة ما زالت موجودة.

وقال المسؤول: «لم نتوقع أبدا استعداد الجيش للتحرك ضد الشعب، خاصة مع تراكم أعداد هائلة في رابعة والنهضة، أو أن تكون القوى الغربية داعمة بشكل علني لنظام استخدم الجيش للاستيلاء على السلطة».

وقد وضح أن هذا التقييم كان يستند إلى افتراضين تبين خطؤهما:

الأول، هو أن الجيش لن يتمكن من القيام بانقلاب غير دموي سريع، وأنه لن يلجأ إلى عنف هائل، لأنه سيضر بصورة الجيش.

وقال المسؤول: «تبين أنه كان من الغباء ألا يدرك الجميع خطأ هذا الافتراض».

والثاني، هو أن المجتمع الدولي سيرفض أن يكون الانقلاب في مصر دمويا للغاية، لأنه سيؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد لأعوام قادمة.

وأكمل المسؤول: «اتضح أن أولئك الذين لديهم المعلومات الاستخبارية لمعرفة ذلك لم يمانعوا العنف، وأن أولئك الذين يمارسون العنف قد تعرضوا لخدعة أن الجيش قادر على السيطرة عليه بسرعة».

ومع خروج الأحداث عن سيطرتهم، طلب «مرسي» من فريقه العودة إلى منازلهم، مع علمه بأنه سيتم اعتقالهم، لكن معظمهم رفضوا، وقرروا البقاء معه حتى إلقاء القبض عليه.

وقال المسؤول لـ«ميدل إيست آي»: «لقد بقوا معه تضامنا مع ما كانوا يعتبرونه مثابرته ومقاتلته ضد الدولة العسكرية».

وبينما كان «السيسي» يتحدث على التلفاز ليعلن أن الجيش قد سيطر على السلطة، تم اعتقال «مرسي» ومعظم كبار مستشاريه على يد «زكي»، رئيس الحرس الجمهوري.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، تمت ترقية «زكي» من قبل «السيسي» إلى منصب وزير الدفاع، فيما يعتبره البعض «مكافأة على دوره المحوري في الانقلاب».

ويقبع «مرسي» في سجن «طرة» في مصر، حيث يقضي عدة أحكام بالسجن، إلى جانب العديد من الأشخاص الآخرين المرتبطين بجماعة «الإخوان المسلمون» المحظورة من قبل النظام الحالي، ويقول مؤيدوه إن المحاكمات ذات دوافع سياسية، وتستند إلى شهود غير موثوقين وأدلة محدودة.

ورفض مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على مراسلات «باترسون» مع المسؤولين المصريين، قائلا: «نحن لا نناقش تفاصيل المحادثات الدبلوماسية الخاصة».

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لـ «ميدل إيست آي»، عبر البريد الإلكتروني: «في وقت الاحتجاجات يوم 30 يونيو/حزيران، واصلت الولايات المتحدة دعمها لمصر والشعب المصري في سعيهم من أجل دولة مستقرة وديمقراطية ومزدهرة تضمن حقوق وحريات مواطنيها».

واتصلت «ميدل إيست آي» بوزارة الخارجية النرويجية للتعليق، لكن لم ترد حتى وقت النشر.

المصدر | ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

الانقلاب العسكري في مصر محمد مرسي عبد الفتاح السيسي محمد حمدي زكي عصام الحداد