هزموا فريق «ستالين» المفضل لكرة القدم.. فاعتقلهم كـ«أعداء للشعب»

الأربعاء 4 يوليو 2018 06:07 ص

عند حافة استاد «سبارتاك» الذي تقام به مباريات ضمن بطولة كأس العالم لكرة القدم، تطالعك 4 تماثيل برونزية لا يمكن للعين تجاهلها، إنها لأربعة أشقاء عباقرة في لعبة كرة القدم، لكن موهبتهم شهدت نهاية مأساوية بعدما هزموا الفريق المفضل للديكتاتور السوفيتي «جوزيف ستالين».

وأخيرا، بعد 75 عاما من القضية، نشرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية طرفا من ملفات سرية أفرجت عنها المخابرات الروسية FSB بشأن قضية «ستاروستين» التي تعود للحقبة الستالينية وذلك في خطوة نادرة من قبل جهاز المخابرات المعروف بتكتمه الشديد.

وكشفت تلك الملفات عن وقائع «جريمة وحشية» ضد لاعبي كرة القدم في الاتحاد السوفيتي، في الوقت الذي تقام فيه بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تقام حاليا في روسيا.

ترجع التماثيل البرونزية إلى «ألكسندر» و«أندريه» و«نيكولا» و«بيوتر ستاروستين»، وجميعهم أشقاء ولاعبو كرة قدم عباقرة، أمر رئيس المخابرات الروسي «لافرينتي بيريا» باعتقالهم عام 1942 باتهامات ملفقة.

وبين هذه الاتهامات أنهم خططوا لتنفيذ اعتداء على «ستالين» نفسه أثناء مشاركته في العرض في مايو/ أيار 1973 حسبما يروي المؤرخ السوفيتي «سيرجي بوندارينكو».

يعمل هذا المؤرخ لصالح منظمة «ميموريال» الروسية التي لها فضل كبير في معالجة أحداث الحقبة الستالينية في روسيا، إلى هنا وقضية «ستاروستين» معروفة جيدا بهذا الشكل في روسيا.

غير أن الباحثين المستقلين يأملون من وراء الملفات التي أفرجت عنها المخابرات في الحصول على توضيحات أدق لملابسات القضية وخاصة معرفة كيف بدأت ملاحقة اللاعبين الأربعة.

لم يكن الأخوة اللاعبون آنذاك رياضيين عاديين، بل كانوا نجوما حيث شارك «نيكولاي ستاروستين» على سبيل المثال في تأسيس نادي «سبارتاك موسكو»، وكانت هناك حسابات يريد رئيس المخابرات «بيريا» تصفيتها مع «ستاروستين» على وجه الخصوص.

لكن النادي الوليد الذي أسسه الأشقاء، نجح قبل ستة أعوام من إلقاء القبض على اللاعبين في الفوز عام 1936 في مباراة أمام نادي دينامو موسكو المفضل لدى «بيريا» وكانت المباراة على عشب صناعي في الميدان الأحمر وأمام أعين «ستالين».

نُظر لهذا الفوز في الكرملين على أنها استفزاز للشرطة السرية؛ و«أمر ستالين بعد ذلك بمعاقبة أعداء الشعب داخل الرياضة»، وبذلك «بدأت الملاحقة» حسبما يروي المؤرخ الرياضي «يوري كوشيل».

على إثر تلك الأوامر، انطلقت الآلة الإعلامية الموالية للنظام، وبدأت صحف روسية نشر مقالات هجومية تنتقص من وطنية لاعبين ومسؤولين في الرياضة، كان من بينها مثلا مقالات اتهمتهم بتبديد الأموال وبالجشع.

ولم يفوت «بيريا» فرصته، إذ نشط على مدى سنوات في جمع ما قال إنها «أدلة إدانة ضد عائلة ستاروستين»، وأمر بالقبض على 11 شخصا على الأقل من معارف هؤلاء الأخوة وتعذيبهم.

تحت التعذيب الوحشي، شهد هؤلاء في جميع الوثائق أن «الإخوة ستاروستين شاركوا في التخطيط لهجوم على ستالين»، حسبما شرح «بوندارينكو» في صحيفة «كوميرسانت».

وأوضح: «قالوا في شهادتهم إنهم خططوا لهجوم في الميدان الأحمر، إما تفجير قنبلة أو إطلاق النار على ستالين من سطح متجر GUM» وفق المؤرخ.

ولم تفلح تلك الشهادات في نجاة المقربين من الإخوة الأربعة، إذ «حكم لاحقا على أغلبية المعتقلين بعد استجوابهم بالقتل».

وبسبب الحرب التي كان الاتحاد السوفيتي يخوضها ضد الإمبراطورية الألمانية عام 1942، فإن أحدا لم يلاحظ أنه قد تم القبض على الرياضيين الأربعة الذين اتهموا أمام المحكمة بأنهم «أسسوا فرقة إرهابية من الرياضيين».

لكن «الاتهامات» كانت واهية حتى من أجل محاكمة وهمية، ولذلك غير «بيريا» الدعوى وبدأ يتهم الإخوة «ستاروستين» بالسطو على قطارات وسرقة منسوجات.

ورغم أنه لم تكن هناك أدلة على ذلك أيضا إلا أن الأمر لم يكن يتعلق بالأدلة، لذلك حكم عل كل من الأخوة الأربعة بالسجن 10 سنوات.

وبعد ثلث المدة أفرجت السلطات السوفيتية عن «نيكولاي ستاروستين» بمبادرة من نجل «ستالين»، «فاسيلي»، لكن أخوته الثلاثة قضوا كامل المدة في السجن.

ولم يستطع الأربعة تنفس الصعداء إلا بعد وفاة «ستالين» و«بيريا» عام 1953، بل حصل هؤلاء فيما بعد على وظائف تدريبية وتقلدوا مناصب قيادية في اتحاد الكرة السوفيتي.

عاش «نيكولاي» عمرا مديدا سمح له بمعاصرة «ميخائيل جورباتشوف» الذي أكرمه ومنحه نياشين كنوع من المصالحة، ولكن أخوته الثلاثة توفوا قبله.

أما نيكولاي نفسه فتوفي عام 1996 وهناك شارع باسمه الآن في موسكو.

وعندما كشف الستار قبل بضعة أيام في «كومسومولسك-نا-أموري» عن لوحة تذكارية لهذا الرياضي الأسطورة تحمل لاعب المنتخب القومي الروسي «يوري جازينسكي» نفقات هذه اللوحة التي بلغت 100 ألف روبية (نحو 1500 يورو) حيث قام «ستاروستين» بتدريب النادي الذي كان قريبا من مسقط رأس «جازينسكي».

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

ستالين الاتحاد السوفيتي كرة القدم فريق سبارتاك موسكو المخابرات الروسية