الحرب التجارية الصينية الأمريكية تبدأ خلال ساعات.. وأوروبا تترقب

الخميس 5 يوليو 2018 09:07 ص

تبدأ مع منتصف الليلة، الإجراءات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، فيما يعرف بالحرب التجارية بين البلدين، تتجه الأنظار لمعرفة من يفتح النار أولاً بالنظر إلى فارق التوقيت.

وتدخل الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجات صينية بعشرات مليارات الدولارات حيز التنفيذ، منتصف ليل السادس من يوليو/تموز الجاري، مع استعداد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» للضغط على الزناد لإطلاق شرارة، ما قد يتحول إلى حرب تجارية.

وكانت واشنطن، أعلنت أنها ستفرض رسوما جمركية على ما قيمته 34 مليار دولار من الواردات الصينية، وتعهدت بكين بالرد بالمثل في اليوم نفسه.

غير أن فارق التوقيت بين البلدين وقدره 12 ساعة، يجعل بكين واقعيا البادئة في تنفيذ هذه الرسوم الجمركية.

لكن وزارة المالية الصينية، أكدت، أنها لن تبادر بتطبيق الرسوم قبل أن تفرض الولايات المتحدة رسومها على سلع صينية.

قتال تجاري

وستفرض الولايات المتحدة رسوما بنسبة 25% على أكثر من 800 صنف من البضائع الصينية، فيما حذرت من أن المزيد قادم في حال تصاعدت الحرب التجارية.

وهدد «ترامب» بتكثيف العقوبات الأمريكية بشكل تدريجي، على بضائع يبلغ مجموع قيمتها 450 مليار دولار، وهو ما يساوي حصة الأسد من جميع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وتستهدف الرسوم شريحة واسعة من البضائع الصينية على غرار عربات الركاب وأجهزة البث الإذاعي وقطع الطائرات وأقراص الحواسيب الصلبة، وهي صناعات تقول واشنطن إنها استفادت من ممارسات تجارية غير منصفة.

وتدرس الولايات المتحدة حاليا إضافة حزمة ثانية تضم 284 منتجا بقيمة 16 مليار دولار.

ومن المتوقع أن ترد الصين فور دخول الرسوم الأمريكية حيز التنفيذ، عبر فرض رسوم على منتجات بنفس القيمة تقريبا، لكن مع تركيز أكبر على المنتجات الزراعية التي لها حساسية سياسية.

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية «غاو فنغ»، إن «الولايات المتحدة هي التي تسببت بهذه الحرب التجارية، نحن لا نريد أن نخوضها، ولكن حفاظاً على مصالح البلاد والناس، ليس أمامنا من خيار سوى أن نقاتل».

وأضاف: «التدابير الأمريكية تتعرض في الأساس للإمدادات العالمية ولسلسلة القيمة. وببساطة، الولايات المتحدة تطلق النار على كل العالم، وتطلق النار على نفسها كذلك».

تحذيرات

وأمام ذلك، حذر خبراء من أن الاجراءات الانتقامية بين البلدين ستشكل هزة للاقتصاد العالمي وتضرب النظام التجاري العالمي في الصميم.

وحذرت رئيسة صندوق النقد الدولي «كريستين لاغارد»، من الدخول في دوامة الإجراءات الانتقامية، مشيرة إلى أنها «لن تخلق سوى خاسرين من الطرفين».

كما حذر خبراء اقتصاد على مدى أشهر من الضرر المحتمل على الاقتصاد الأمريكي والعالمي على حد سواء من تطبيق سياسات تجارية عدائية وحمائية، مشيرين إلى أن ذلك قد يرفع الأسعار ويحدث هزة في سلاسل الإمداد العالمية.

لكن فريق «ترامب» لم يأبه كثيرا لهذه التحذيرات، حيث وصفها وزير التجارة الأمريكي «ويلبور روس» بأنها «سابقة لأوانها وربما حتى غير دقيقة».

وقال «ترامب» في تغريدة هذا الأسبوع، إن الاقتصاد «لربما في أفضل حالاته»، حتى «قبل تعديل بعض أسوأ الاتفاقيات التجارية وأكثرها إجحافا التي تبرمها أي دولة على الإطلاق».

وتحت شعار «أمريكا أولا»، استهدف «ترامب» كذلك شركاء تجاريين تقليديين آخرين للولايات المتحدة على غرار الاتحاد الأوروبي واليابان والمكسيك وحتى كندا.

وتتزايد المؤشرات إلى أن النزاع التجاري المتصاعد يؤثر على أكبر قوة اقتصادية في العالم حيث تم فرض رسوم عقابية على الحديد الصلب والألمنيوم في وقت يهدد البيت الأبيض بفرض رسوم على واردات السيارات.

تصعيد خطير

ومع اقتراب ساعة الصفر، قالت منظمة التجارة العالمية، إن الحواجز التجارية التي أقامتها اقتصادات كبرى قد تعرض للخطر تعافي الاقتصاد العالمي، حيث بدأت آثارها في الظهور بالفعل.

وقال المدير العام للمنظمة «روبرتو أزيفيدو»: «يشكل هذا التصعيد المتواصل تهديدا خطيرا للنمو والتعافي في جميع الدول، وبدأنا نرى أن هذا انعكس في بعض توقعات النشاط الاقتصادي».

ولم يشر تقرير منظمة التجارة إلى أي دولة بالاسم، وقالت إنه في حين أن الاقتصاد العالمي «يبدأ أخيرا بتوليد زخم اقتصادي متواصل في أعقاب الأزمة المالية العالمية، فإن حالة عدم اليقين التي أوجدها انتشار إجراءات مقيدة للتجارة قد تعرض التعافي الاقتصادي للخطر».

ترقب أوروبي

وعلى الرغم من عدم تحمس الاتحاد الأوروبي للاصطفاف مع الصين في وجه أمريكا، إلا أن السياسات الاقتصادية الحمائية للولايات المتحدة، وقراراتها التجارية، وتأثيراتها السلبية على الاتحاد، قد يؤدى إلى إشعال فتيل الحرب التجارية بين الطرفين، خاصة مع التلويح بفرض ضرائب إضافية على قطاع السيارات.

وفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 9 مارس/ آذار الماضي، ضرائب جمركية إضافية بمعدل 25% على الصلب، و10% على الألمنيوم، وإعفاء الاتحاد الأوروبي من هذه الضرائب حتى تاريخ الأول من يونيو/حزيران الماضي.

بالمقابل كان الاتحاد الأوروبي قد دعا إلى الإعفاء من الضرائب الجمركية بشكل دائم، بحجة عدم تشكيله تهديدا على الأمن القومي لحليفها الأمريكي، إلا أن المفاوضات بين الطرفين بهذا الخصوص لم تثمر.

نقل الاتحاد الأوروبي، الأزمة الناتجة عن فرض واشنطن ضرائب إضافية على الصلب والألمنيوم، إلى منظمة التجارة العالمية.

وفيما بعد، هدد «ترامب» بفرض ضرائب إضافية بقيمة 20% على السيارات المستوردة من أوروبا.

وأشار إلى بلاده لن تتراجع خطوة إلى الوراء بخصوص قطاع التجارة، إذ قال إن «الولايات المتحدة ستفرض رسوم إضافية بقيمة 20% على السيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي، في حال لم يلغِ الاتحاد الحواجز التجارية المفروضة منذ وقت طويل على الولايات المتحدة، والشركات الأمريكية».

وردا على ذلك، حذّر نائب رئيس المفوضية الأوروبية «جيركي كاتاينين»، من اتخاذ خطوات مماثلة في حال فرض الولايات المتحدة رسوم جمركية إضافية على السيارات الأوروبية.

من جانبه، أعلن رئيس المفوضية الأوروبية «جان كلود يونكر»، أنه سيجري زيارة لواشنطن في 21 يوليو/تموز الجاري، تلبية لدعوة «ترامب»، حيث سيتناولان خلال اللقاء التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تفرض في الوقت الحالي رسوما جمركية قدرها 2.5% على السيارات الأوروبية، و25% على الشاحنات الأوروبية، في حين تفرض دول الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية بقيمة 10% على السيارات الأمريكية.

وتمتلك عدد من كبرى الشركات الأوروبية، على غرار «فولكس فاغن»، و«دايملر»، و«بي إم دبليو»، منشآت إنتاجية ضخمة في الولايات المتحدة.

وحسب الأرقام، فإن الشركات الأوروبية تبيع في الولايات المتحدة سيارات بقيمة 48 مليار دولار سنويا، أكثر من نصفها تعود لشركات ألمانية، في حين يؤمن قطاع صناعة السيارات الأوروبي فرص عمل لنحو 12 مليون عامل، ويشكل نحو 4% من الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي.

  كلمات مفتاحية

حرب تجارية الصين أمريكا ضرائب رسوم الاتحاد الأوروبي ترامب

الصين تهدد بفرض رسوم جديدة على بضائع أمريكية

رسوم أمريكية على منتجات صينية بنحو 200 مليار دولار

فائض تجاري أوروبي مع أمريكا وعجز هائل مع الصين