يترقب العالم تداعيات المعركة الجمركية الكبرى بين أكبر قوتين اقتصادتين في العالم، أمريكا والصين، والتي هدد الطرفان ببدء سريانها مع انتصاف ليل الجمعة، مستهدفة واردات كل طرف من الآخر بما يقدر بمليارات الدولارات.

ومع توالي تهديدات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بإطلاق شرارة الحرب التجارية بين البلدين، حذرت الصين من أن الولايات المتحدة «تفتح النار» على العالم برسومها الجمركية التي تهدد بفرضها.

وقالت بكين إنها سترد فور دخول الإجراءات الأمريكية حيز التطبيق، في إطار تشديد بكين لهجتها في نزاعها التجاري المرير مع واشنطن.

وكان من المقرر أن تبدأ إدارة «ترامب» تطبيق رسوم جمركية بنسبة 25% على أكثر من 800 صنف من الواردات الصينية قيمتها 34 مليار دولار اعتبارا من الساعة 04:01 بتوقيت غرينتش الجمعة (منتصف الليل في واشنطن)، وهو ما يوافق بعد قليل منتصف النهار في بكين.

وتدرس الولايات المتحدة حاليا إضافة حزمة ثانية تضم 284 منتجا بقيمة 16 مليار دولار.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر صناعي أمريكي، قوله، إن «هناك احتمال بنسبة 99% لبدء فرض الرسوم الجمركية الجمعة».

وأكدت مصادر متعددة أن التواصل يبدو مقطوعا بين واشنطن وبكين لمحاولة إيجاد حل منقذ في اللحظات الأخيرة، وأنه يبدو أن هناك إصرارا من جانب الإدارة الأمريكية على المضي قدما في الإجراءات وعدم التراجع في اللحظات الأخيرة، بينما تؤكد الصين أنها لن تستسلم من جانبها.

وبحسب المعلن من الإدارة الأمريكية، فإن الرسوم الجمركية ستفرض على واردات صينية مثل رقائق أشباه الموصلات وقطع غيار الآلات، في حين تستهدف الرسوم الصينية المنتجات الزراعية والطائرات والسيارات الأمريكية، بالإضافة لبضائع أخرى.

وكانت الصين قالت إنها لن «تطلق الرصاصة الأولى»، لكن الجمارك الصينية أوضحت أمس الخميس أن الرسوم الجمركية الصينية على سلع أمريكية ستطبق فور بدء تطبيق الرسوم الأمريكية على السلع الصينية.

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية «غاو فنغ» في مؤتمر صحفي أسبوعي، إن «الولايات المتحدة هي التي تسببت بهذه الحرب التجارية، نحن لا نريد أن نخوضها، ولكن حفاظاً على مصالح البلاد والناس، ليس أمامنا من خيار سوى أن نقاتل».

وأضاف: «إذا طبقت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية، فإنها ستفرض في الواقع رسوما على شركات من جميع البلدان بما فيها الشركات الصينية والأمريكية».

وتابع: «ببساطة، تفتح الولايات المتحدة النار على العالم بأسره بما في ذلك هي نفسها».

وفي وقت سابق، هدد «ترامب» بتصعيد النزاع التجاري بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 450 مليار دولار إذا ردت الصين، ما تسبب في هز الأسواق المالية بما فيها الأسهم والعملات وتجارة السلع العالمية من فول الصويا إلى الفحم.

وتحت شعار «أمريكا أولا»، استهدف «ترامب» كذلك شركاء تجاريين تقليديين آخرين للولايات المتحدة على غرار الاتحاد الأوروبي واليابان والمكسيك وحتى كندا.

وتخطط الصين لفرض رسوم جمركية على مئات السلع الأمريكية، ومنها فول الصويا والسرغوم والقطن، مما يهدد المزارعين الأمريكيين في الولايات التي دعمت «ترامب».

من جانبها، حثت غرفة التجارة الأمريكية النافذة، الرئيس «ترامب» على إعادة النظر في إجراءاته، مشيرة إلى أن الرسوم الانتقامية باتت تؤثر على صادرات أمريكية بقيمة 75 مليار دولار وتهدد الوظائف.

وتحذر الجهات المصنعة من أنه سيتم فقدان الكثير من الوظائف في الشركات المنتجة للسيارات وقطعها والمعدات وغيرها من المنتجات التي تعتمد على المكونات المستوردة، ورجحت دراسة خسارة ما يقارب من 400 ألف وظيفة.

ويحذر خبراء من أن الإجراءات الانتقامية بين البلدين ستشكل هزة للاقتصاد العالمي وتضرب النظام التجاري العالمي في الصميم.