مسلسل «الشريط الأحمر» يفضح تجاوزات مستشفى «57357» في مصر

الجمعة 6 يوليو 2018 09:07 ص

«الشريط الأحمر».. هو عنوان المسلسل الذي تسبب في رفع الغطاء عن «تجاوزات ووقائع فساد» في مستشفى «57357» المتخصص في علاج سرطان الأطفال، والذي يحصل على كعكة ضخمة من تبرعات المصريين تقدر بنحو مليار جنيه (نحو 57 مليون دولار) سنويا.

فهذا العمل الدرامي -الذي حاول القائمين عليه تبيض صورة مستشفى «57357»- أثار اتهامات جديدة لإدارة المستشفى بدفع أموال للقائمين عليه، من أجل درء اتهامات «الفساد» عنها.  

زاد الطين بلة، إصدار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر (حكومي)، الأربعاء الماضي، قراراً يقضي بوقف النشر في كل ما يتعلق بالمستشفى، مطالبا جميع الأطراف بالتوقف عن الكتابة في الموضوع ووقف بث البرامج المرئية والمسموعة التي تتناول هذا الموضوع إلى حين انتهاء اللجنة الوزارية من التحقيقات التي تجريها حاليا وإعلان نتائجها.

القرار أثار حالة من الجدل وردود أفعال غاضبة في الأوساط الإعلامية والصحفية المصرية؛ نظرا إلى كونها المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا القرار من جهة غير قضائية؛ إذ إن النائب العام المصري هو المخول بإصدار حظر النشر في القضايا المختلفة، التي غالبا ما تأتي لاعتبارات الأمن القومي وفي قضايا معدودة ومحدودة، حسب صحيفة «الحياة» اللندنية.

وكان للكاتب والسيناريست المعروف «وحيد حامد»، دور بارز في تسليط الضوء على تجاوزات إدارة المستشفى، والكشف عن وقائع «فساد» جرت فيها، تشمل تعيينات لذوي القربى مقابل أجور خيالية، إضافة إلى تورط مديرها «شريف أبو النجا»، في دعم إنتاج مسلسل «الشريط الأحمر».

وقال «حامد»، في مقابلة مع صحيفة «الأهرام» الحكومية: «كل شخص انتفع أو حصل على غنيمة من هذا المستشفى أصبح ضدي فى هذه القضية».

وعن تشكيل وزارة التضامن الاجتماعي لجنة لكشف مخالفات المستشفى، علق «حامد» بالقول: «لست مستبشرا خيرا بهذه اللجنة، وأشعر أن هناك فخا كبيرا، أول ما نقول لجنة تم تشكيلها فى أي مجال، اعرف أن القضية ستموت».

وكشف «حامد» عن تعرضه لضغوط لمنعه من الاستمرار فى تلك القضية من قبل القائمين على المستشفى؛ لأن لديهم نفوذا، وحاولوا منع النشر بأكثر من طريقة أو أخرى، لكنهم فشلوا؛ فقاموا بعمل كتائب إليكترونية مدفوعة الأجر، وللأسف تم الإنفاق عليها أيضا من أموال التبرعات.

وتضمنت المخالفات المزعومة تقاضي الصحفي والكاتب «محمد فتحي» المقرب من إدارة المستشفى  5 ملايين و800 ألف جنيه (326 ألف دولار تقريبا) من أموال المتبرعين نظير تأليف مسلسل «الشريط الأحمر»، على الرغم من أنه العمل الأول لـ«فتحي».

وتطرق «حامد» إلى إجمالى حجم التبرعات المقدمة للمستشفى، مشيرا إلى أنها تتجاوز سنويا المليار جنيه، بينما يجري انفاق ما بين 160 لـ200 مليون جنيه (من 9 ملايين إلى 11.2 مليون دولار) في السنة فقط على الأطفال، وبند الأجور والمرتبات يبلغ 281 مليونا سنويا (15.8 مليون دولار)، متوقعا أن يتجاوز العام الحالي 400 مليون جنيه (22.4 مليون دولار)، وينفق المستشفى على الإعلانات 160 مليونا سنويا (9 ملايين دولار).

وفي مقال نشرته صحيفة «المصري اليوم» (مصرية خاصة)، وصف «حامد» المستشفى بـ«المؤسسة العسكرية»؛ حيث لا يشرف أحد على المصاريف والوارد والخارج، كما أن ميزانيته تعتبر سرية.

تطورات أخرى

الأزمة تطورت سريعا بعد دخول أطراف عدة للدفاع عن المستشفى ومديرها، أبرزهم صاحب قناة «القاهرة والناس» (مصرية خاصة)، «طارق نور»، الذي قال إن قنواته تذيع إعلانات المستشفى مجانا، لكن «حامد» كذبه مدعيا أن القناة المذكورة تتقاضي سنويا 100 مليون جنيه (5.6 ملايين دولار) نظير إعلانات المستشفى.

وأدت الاتهامات إلى اتخاذ وزراة التضامن الإجتماعي عدداً من الإجراءات بينها تشكيل لجنة للتحقيق وفحص أعمال المستشفى، ووضع البنك المركزي شروطا جديدة لحملات التبرع.

نواب البرلمان تفاعلوا مع القضية أيضا.

إذ تقدمت البرلمانية «إيناس عبدالحليم» بمقترح لإنشاء هيئة للسيطرة على فوضى التبرعات، وقالت في مشروع القانون إن الكثير من المستشفيات شيدت بالكامل بتبرعات المصريين، بهدف العلاج المجاني بالكامل، كصدقة من جانب أغنياء وفقراء مصر، وتزايدت في الآونة الأخيرة الإعلانات التي تهدف إلى جمع التبرعات.

وأشارت إلى أن هناك شكاوى كثيرة من عدم حصول البعض على العلاج بحجة الإمكانيات، وهناك شكاوى بشأن حالات أخرى رفضت المستشفيات علاجها بسبب عدم وجود الأجهزة، وتساءلت: «أين تذهب التبرعات؟».

وطالبت النائبة بإنشاء هيئة عليا للإشراف على جمع التبرعات للمستشفيات، تشكل بقرار من رئيس الوزراء وعضوية وزير الصحة، ووزارة التضامن، والرقابة الإدارية، والبنك المركزي، وكافة الجهات المعنية بالأمر؛ بحيث تكون الهيئة معنية بالرقابة على موازنات التبرعات وكيفية جمعها وصرفها، ورفع تقاريرها إلى رئيس الوزراء وإلى الرقابة الإدارية لاتخاذ اللازم بشأن أي مخالفات قد ترد بهذا الشأن.

وتوالت شهادات آخرين عن وقائع فساد بالمستشفى وضرورة الحصول على وساطات لتلقي العلاج، وإجراء أطباء بالمستشفى 9 تجارب سريرية على 817 طفلا دون علمهم، وإسناد حملات دعائية لقنوات بعينها، وحصول فنانين على أجور ضخمة مقابل المشاركة في حملات إعلانية.

وأصيب المصريون بصدمة كبيرة بعد انتشار اتهامات «الفساد» بحق إدارة المستشفى الأشهر في علاج السرطان، وتزيد ميزانيته السنوية على أكثر من مليار جنيه، تعتمد على التبرعات عبر الإعلانات في كافة أنحاء مصر.

ووفق مؤشر مدركات الفساد لعام 2016، الذي أعلنته منظمة الشفافية الدولية، تحتل مصر المركز 108 في مؤشر الفساد من بين 176 دولة، وكانت تحتل المرتبة 88 من بين 168 دولة في 2015.

المصدر | الخليج الجديد + صحف

  كلمات مفتاحية

مصر مستشفى 57357 المجلس الأعلى للإعلام حظر النشر الشريط الأحمر