عقبات وانقسامات تعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة

الجمعة 6 يوليو 2018 09:07 ص

يمر لبنان بأزمة سياسية منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 6 مايو/آيار 2018، وتكليف «سعد الحريري» بتشكيل حكومة جديدة.

وتنذر الأزمة القائمة بمخاطر تهدد الدولة اللبنانية، لكن «الحريري» وحده يبدي قدرا من التفاؤل في الخروج من الأزمة سريعا، والعبور إلى ضفة الاستقرار السياسي، بحسب «الأناضول».

مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2016، تم انتخاب الجنرال «ميشال عون» القائد الأسبق للجيش، رئيسا للجمهورية، بعد شغور في المنصب لأكثر من عامين.

وتسببت في هذا الشغور خلافات سياسية بين الأطراف الفاعلة في البلاد، على خلفية توزيع الحصص بين مكونات طائفية سنية وشيعية، ودينية إسلامية ودرزية ومسيحية، منقسمة على بعضها هي الأخرى.

وتماشيا مع اللوائح المعمول بها بعد اتفاق الطائف الذي أسس للمحاصصة الطائفية، يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النوب شيعيا، فيما يكون رئيس مجلس الوزراء سنيا.

وتعاني معظم المكونات الطائفية اللبنانية من انقسامات بينية داخل المكون نفسه، وخلافات مع الطوائف الأخرى حول توزيع الحقائب الوزارية.

وداخل المكون المسيحي ثمة خلافات حول التمثيل الفرعي للمسيحيين في الحكومة المقبلة، حتى بعد توقيع مذكرة تفاهم «اتفاق معراب» للمناصفة على أساس الشراكة بين «التيار الوطني الحر» بزعامة «عون»، وحزب «القوات اللبنانية» برئاسة «سمير جعجع».

في الانتخابات الأخيرة، حصل «القوات اللبنانية» المسيحي الماروني على ما يكفي من الأصوات لمقاعد نيابية بلغت 15 مقعدا.

ويطالب الحزب بأربع حقائب وزارية على الأقل، وهو ما يرفضه «التيار الحر»، وهو أيضا حزب مسيحي ماروني، وحصل على 24 مقعدا، ولا يمانع منح «القوات اللبنانية» ثلاث حقائب وزارية فقط.

رفع «القوات اللبنانية» سقف مطالبه بالحصول على تمثيل موازٍ لتمثيل «التيار الوطني الحر» الذي حاز بالتحالف الكتلوي مع آخرين 29 مقعدا، مقابل 15 مقعدا لـ«القوات».

ويتمسك حزب «القوات» بتفاهمات «اتفاق معراب»، كما يطالب بإحدى الحقائب السيادية التي يتم توزيعها مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهي الخارجية، والدفاع، والداخلية، والمالية.

ويسعى «التيار الوطني» لزيادة حصته من الحقائب الوزارية تحت سقف التمثيل المسيحي في الحكومة المقبلة، عبر الحصول على وزارات توازي حجمه النيابي المتمثل بـ 15 نائبا، لتحجيم دور «القوات اللبنانية»، والحيلولة دون ظهوره شريكا فاعلا في الأوساط المسيحية.

إذن يطالب «القوات» بوزارة سيادية بجانب أربع وزارات خدمية، على خلفية الاتفاق مع «التيار الوطني» بتقاسم الحصص الوزارية للمسيحيين مناصفة بين الطرفين، لكن «التيار الوطني» لا يرى إمكانية ذلك في ظل حكومة من 30 وزيرا.

حتى الآن يسعى «التيار الحر» لتقليل حصة «القوات» التي يتوافق «الحريري» مع مطالبه.

كما أن «حزب الله» و«حركة أمل» الشيعيين لا يبديان أي اعتراض على الحصة الوزارية التي يطالب بها «القوات».

ويدور حديث في الأوساط السياسية عن إمكانية الخروج بحل وسط مع «القوات»، بمنحه أربع حقائب وزارية، ثلاث منها خدمية وواحدة سيادية.

المكون الشيعي:

حصل «حزب الله» على 13 مقعدا وحليفته «حركة أمل» على 16، بجانب حلفاء آخرين، بواقع ثلاثة مقاعد لـ «الحزب القومي الاجتماعي السوري» ومثلها لـ«حزب المردة».

يتمسك الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، بالحصول على ست حقائب وزارية يتم اقتسامها مناصفة بينهما.

ويهتم «حزب الله» بالانخراط في العمل السياسي ضمن سقف الحكومة المقبلة بوتيرة متصاعدة عن اهتماماته سابقا، لتحقيق وجود أقوى داخل مؤسسات الدولة كفيلة بتحصينه من الضغوط الدولية والإقليمية بعد سلسلة عقوبات غربية بحق بعض قياداته ومنظمات تابعة له.

المكون السني:

حصل «تيار المستقبل» برئاسة «الحريري» على 21 مقعدا، لتتراجع حصته عن 33 مقعدا في انتخابات 2009.

لكن التيار لا يزال زعيما للسنة في لبنان، والمكلف برئاسة مجلس الوزراء، الذي هو من حصة السنة.

قد يكون البيت السني متفاهما على توزيع الحقائب الوزارية بعد لقاء جمع «الحريري» مع رؤساء الحكومات السابقين قبل أيام، بحضور رئيس وزراء لبنان السابق «نجيب ميقاتي»، وإقرارهم بشرعية تمثيل «الحريري» للسنة في لبنان.

المكون الدرزي ومكونات أخرى:

كما فازت أحزاب أخرى وشخصيات مستقلة بمقاعد نيابية، مثل الحزب «الاشتراكي التقدمي» برئاسة «وليد جنبلاط»، الذي حصل على 8 مقاعد، و«تيار العزم» 4 مقاعد، وحزب «الكتائب» 3 مقاعد.

ومن المتوقع أن تدخل هذه المكونات في تحالفات مع الكتل النيابية الأربع الكبرى داخل مجلس النواب.

ويعيش في لبنان ما لا يقل عن 200 ألف شخص ينتمون إلى الطائفة الدرزية (مكون عرقي ديني)، ويتمتع الحزب «التقدمي الاشتراكي» بالقاعدة الجماهيرية الأوسع بين أبناء الطائفة.

ووفقا للدستور اللبناني وتعديلاته بعد اتفاق الطائف، فإن حصة الطائفة هي ثلاث حقائب وزارية يصر «جنبلاط» على منحها لأعضاء حزبه.

ويعني ذلك حرمان منافسه من الطائفة نفسها وزير المهجرين في الحكومة الحالية «طلال أرسلان»، رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني»، من الحقيبة الوزارية.

ويزيد ذلك من تعقيد عملية تشكيل الحكومة ما لم يتم الأخذ باقتراحات «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بزيادة حقيبتين وزاريتين في التشكيلة المقبلة، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء المكلف.

ويمكن إيجاد حل وسط للتمثيل الدرزي بإعطاء حقيبتين وزاريتين لـ«الاشتراكي الديمقراطي»، وإعطاء حقيبة ثالثة لشخصية درزية مقبولة من طرفي التنافس «جنبلاط» و«أرسلان».

وحيث إن الأحزاب السياسية في لبنان تقوم على أساس الانتماء الطائفي، فإن مسألة اقتسام الوزارات ستظل خاضعة لهذا العامل، ما يسهم إلى حد ما في تعقيد مهمة رئيس الوزراء المكلف، الذي يبدو متفائلا رغم كل ذلك.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

الحكومة اللبنانية سعد الحريري حزب الله ميشال عون وليد جنبلاط الدروز ماروني مسيحي