«ستراتفور»: لماذا تهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز؟

الجمعة 6 يوليو 2018 11:07 ص

في الآونة الأخيرة، كانت الحكومة الإيرانية منشغلة بإعادة النظر في أمر التهديد بعرقلة مضيق «هرمز» الاستراتيجي.

ففي تصريحات نُشرت في 3 يوليو/تموز الجاري، أصدر الرئيس «حسن روحاني» تهديدا غامضا ضد صادرات النفط الإقليمية، قائلا: «زعم الأمريكيون أنهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية تماما، وهم لا يفهمون معنى هذا؛ لأن لن يتم منع تصدير النفط الإيراني، في حين يتم السماح بتصدير نفط باقي المنطقة».

وفي 4 و5 يوليو/تموز، أعرب العديد من مسؤولي «الحرس الثوري» الإيراني عن رغبتهم في تنفيذ التهديد الضمني للرئيس؛ إذ قال قائد تلك القوة العسكرية، «محمد علي جعفري»، على سبيل المثال: «نأمل تنفيذ الخطة التي عبر عنها رئيسنا إذا لزم الأمر. سنجعل العدو يفهم أنه بإمكان الجميع استخدام مضيق هرمز أو لا أحد سيستخدمه على الإطلاق».

وتنتهج الولايات المتحدة خطا صارما ضد إيران، التي تعتبرها مسؤولة عن غياب الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.

وتأمل واشنطن أن تؤدي العقوبات إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني إلى درجة تجبر طهران على تغيير سلوكها وربما تغيير النظام في النهاية.

وفي مواجهة هذا الموقف الصعب، يجب على إيران إيجاد طرق للرد على الولايات المتحدة دون المساس باقتصادها وتحالفاتها الدولية.

تهديدات متبادلة

بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ستعيد الولايات المتحدة العقوبات على صادرات النفط الإيرانية التي تم تعليقها إثر توصل طهران إلى اتفاق مع القوى الكبري بشأن برنامجهها النووي، في 14 يوليو/تموز 2015. ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2016.

وفي حين لا تزال سياسة واشنطن منذ انسحابها من الاتفاق، في مايو/أيار الماضي، غير واضحة تماما، يبدو من المرجح بشكل متزايد أن الولايات المتحدة ستطلب من حلفائها وقف استيراد النفط الإيراني.

وفي الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة أيضا على حلفائها العرب في الخليج لإنتاج المزيد من النفط، ليس فقط للتعويض عن الانسحاب الإيراني المتوقع، بل أيضا لمكافحة النواقص الناتجة عن الاضطرابات في البلدان الكبيرة المنتجة للنفط مثل ليبيا.

وإذا أوقف جميع حلفاء الولايات المتحدة استيراد النفط الإيراني؛ فقد تنخفض صاردات طهران من النفط في نهاية المطاف إلى نحو مليون برميل يوميا، من 2.28 مليون برميل يوميا؛ مما يؤدي إلى خسارة كبيرة في الإيرادات.

وهذا الاحتمال الرهيب يعزز الحاجة إلى الرد على واشنطن وحفظ ماء الوجه بطريقة ما، ويدفع إيران إلى العودة إلى تهديدها المألوف بإغلاق مضيق «هرمز» أمام أي نوع من التجارة.

ويزيد مجرد التهديد بإغلاق المضيق من عدم التيقن في السوق، ويحفز أسعار النفط، ويخلق بعض النفوذ لإيران دون أن يتطلب ذلك التنفيذ الفعلي.

أهمية مضيق هرمز

يعد مضيق «هرمز» ممرا ضيقا في الخليج العربي بين الأراضي العمانية والإيرانية.

وتمر عبر هذا المضيق ما بين 30 إلى 35% من تجارة النفط البحرية في العالم.

إذ يسافر ما يقرب من 17 مليون برميل من النفط عبر المضيق كل يوم، ويجب على جميع سفن الشحن في الخليج العربي أن تمر عبره.

ويشمل ذلك الشحن من موانئ العراق والكويت والبحرين وقطر، ومعظم موانئ الإمارات، وبعض موانئ السعودية.

وبالتالي، فإن التهديدات التي يتعرض لها مضيق «هرمز»، سواء كانت واقعية أم لا، تؤثر بشكل جذري على الثقة في الأسواق؛ لأن كل مستوردي النفط أو الغاز الطبيعي في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، يعتمدون على المرور الآمن للشحن عبر المضيق.

تهديدات سابقة

تذكرنا التهديدات الحالية بالبيانات السابقة التي أصدرتها القيادة الإيرانية على مر السنين، كلما شعرت طهران أن واشنطن تتحدى سيادتها الاقتصادية.

وفي 2012، هددت إيران بإغلاق المضيق ردا على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على البرنامج النووي لطهران.

وقال قائد البحرية الإيرانية إنه سيكون من «السهل» عرقلة المضيق، في حين حذر نائب الرئيس من أن «قطرة» واحدة من النفط لن تمر عبره إذا تم تكثيف المزيد من العقوبات على إيران، لكن حتى عندما تم توقيع تلك العقوبات، لم تمنع إيران المرور عبر المضيق.

لكن أحد الفوارق بين ذلك الحين والآن هو مدى استجابة البيت الأبيض للتهديدات الإيرانية.

فالإدارة الأمريكية السابقة خففت من خطورة التهديد، حين سعت للتفاوض على صفقة نووية معقدة، لكن الإدارة الحالية تنتهج سياسة شديدة اللهجة ضد طهران في الشرق الأوسط، بينما تحاول بناء علاقاتها مع الحلفاء مثل (إسرائيل) والسعودية، الذين ينظرون إلى إيران على أنها خصمهم الرئيسي.

هل تغلق إيران المضيق؟

رغم حدة الخطاب، فإن منع المرور عبر مضيق «هرمز» ربما يمثل خيار إيران الأخير والأقوى.

وأولا، وقبل كل شيء، فإن محاولة إغلاق المضيق من شأنه أن يؤدي إلى حرب مدمرة لإيران تشنها الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي؛ حيث يسعى الأخير إلى الحفاظ على حرية الملاحة والمرور البحري عبر المضيق الحرج.

وفي الوقت نفسه، يعتمد اقتصاد إيران ونشاطها البحري أيضا على المرور الحر للبضائع والسفن عبر المضيق.

وأخيرا، فإن قطع الطريق عبر مضيق «هرمز» من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية على هدف إيران الحالي، المتمثل في محاولة تجنب المزيد من العقوبات الأمريكية، وإبقاء الاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرين مثل الصين والهند إلى جانبها.

وستكون هذه الخطوة مدمرة بشكل لا يصدق لأسواق الشحن والنفط العالمية؛ مما يفسد العلاقة مع حلفاء تحتاجهم إيران الآن أكثر من أي وقت مضى.

ما لم يحدث شيء متطرف مثل اندلاع صراع عسكري إقليمي شامل، لن توقف إيران مضيق «هرمز»، حتى عندما يتم إعادة فرض العقوبات المتعلقة بالنفط عليها في نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة الضغوط المفروضة على إيران، من المحتمل أن تقوم طهران بالانتقام بطرق أخرى، مثل استخدام قدراتها الإلكترونية ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، أو مضايقة السفن في الخليج العربي.

ومن المرجح أن يشمل هذا سفن الولايات المتحدة أو الحلفاء العسكريين، أو الناقلات التي تحمل النفط الخام السعودي أو الإماراتي، أو منصات الإنتاج البحرية السعودية أو الإماراتية.

ويعد هذا النوع من المضايقات أمرا شائعا بالنسبة لأسطول «الحرس الثوري» الإيراني، الذي حافظ على استراتيجية الردع في الخليج العربي، حتى بعد تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة.

وفي عام 2017، قامت إيران بمضايقة السفن الإماراتية ومنصة سعودية.

وفي نفس العام، وقعت حادثة بين سفينة تابعة لـ«الحرس الثوري» وسفينة حربية أمريكية، أطلقت خلالها الأخيرة  طلقات تحذيرية في محاولة لمنع حدوث تصادم.

ووضع «الحرس الثوري» حدا لهذه التصرفات في أغسطس/آب 2017، عندما بدأت إيران حملة لتهدئة الاتحاد الأوروبي، ومحاولة منع الولايات المتحدة من مغادرة الاتفاق النووي.

لكن بعد أن أعاد البيت الأبيض العقوبات، وفي ظل عجز الاتحاد الأوروبي على تقديم ضمانات اقتصادية، قد يبدأ «الحرس الثوري» هذا النوع من النشاط مرة أخرى.

  كلمات مفتاحية

إيران ترامب السعودية الاتفاق النووي مضيق هرمز