أثار الداعية السعودي البارز الدكتور «سفر الحوالي» جدلا واسعا، بعد أن تضمن كتابه، الذي صدر مؤخرا بعنوان «المسلمون والحضارة الغربية» هجوما لاذعا على سياسات النظام السعودي الحالي، لاسيما تقاربه مع الولايات المتحدة والإمارات والنظام المصري.
الكتاب الذي يقع في ثلاثة آلاف صفحة، متبوعة بثلاثة ملاحق، تضمن ثلاثة فصول رئيسية، الأول تضمن نصائح للعلماء، والثانية للدعاة، أما الثالثة فكانت لـ«آل سعود»، على حد وصف المؤلف، وهي التي شهدت جل الاهتمام، بسبب ما احتوته من انتقادات صريحة وواضحة لنظام الحكم الحالي بالمملكة.
وخلال ذلك الفصل، انتقد «سفر الحوالي» دفع السعودية مليارات الدولارات لإدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» مؤخرا، لتجعل الأمريكان يزاحمون المسلمين في ثرواتهم، ليحصلوا بها – أي الأمريكيين – على آلاف الوظائف، ليبقى المتأخرون من حملة الشهادات العليا في السعودية عاطلون، ولتتعطل كل المشروعات التنموية بالمملكة، وتفلس الشركات فيها، بسبب تلك الأموال التي دفعت لواشنطن.
وقال «الحوالي»: «لو أن تلك المليارات الفلكية التي أعطيت لترامب وشركاته – غير الهدايا – أنفقت لقضايا المسلمين وفكاك أسراهم لكان خيرا حتى في السياسة الدنيوية، ولو أننا اشترطنا على الأمريكان إلغاء قانون جاستا مثلا لوجدت المخارج القانونية لذلك، ولكن الله بحكمته جعل الناس يرزق بعضهم بعضا، وتقول العامة (رزق الهبل على المجانين)».
وفي موضع آخر، انتقد الداعية السعودي تقارب حكومته مع النظام المصري الحالي، معتبرا أن «المليارات التي قبضها السيسي من المملكة لم تجعله يتزحزح عن موقفه المؤيد لبشار الأسد، ولم تدفعه للاشتراك بفاعلية في التحالف العربي، بل إنه ثبت إمداده للحوثيين بالسلاح».
وشن «الحوالي» هجوما على قرار حصار قطر، قائلا إنه جعل قطر والكويت وعمان ترتمي في أحضان إيران، وكأن السعودية تؤيد سياسات إيران وتعطيها الهدايا بهذا القرار.
واختار «سفر الحوالي» في جزء آخر مهاجمة دولة الإمارات، معتبرا أنها تكره السعودية وتعتبرهم وهابيين، وتقرب كل أهل البدع لها، وأنها نادت من قبل بضرورة التخلص من الأسرة السعودية، وتدعي أن المملكة تحتل جزءا من أرضها، على حد قوله.
وأضاف أن انضمام الإمارات إلى التحالف العربي يهدف إلى تقسيم اليمن وتحطيم وحدتها وبناء قواعد عسكرية لها ولأمريكا في قلب تلك البلاد، مؤكدا أن الإمارات قوة احتلال في اليمن وليست مساندة للشرعية في اليمن، مستشهدا بحديث الرئيس اليمني الحالي «عبدربه منصور هادي» عن ذلك.
وتحدث «سفر الحوالي» في كتابه عن نشوب الخلافات الداخلية بين أركان أسرة «آل سعود»، وتحدث عن بعض المخالفين، كالأمير «خالد آل سعود» والشيخ «عبدالمحسن العبيكان آل سعود»، والأمير «نواف بن عبدالعزيز»، والذي توقع «الحوالي» أنه هو شخصية «مجتهد» الشهيرة، والتي تكتب تغريدات معارضة لـ«آل سعود» عبر «تويتر».
واعتبر أن تلك الخلافات باتت علنية وتشكل خطرا على الدولة السعودية الحالية.
ووجه «الحوالي» كلمة إلى النظام السعودي قال فيها: «أنتم داخليا أحوج ما تكونون لمن ينصحكم، وأعوذ بالله أن ينفجر صمت الشعب في وجهي ووجه هيئة كبار العلماء ووجوهكم..».
ولقي الكتاب وما جاء فيه ردود أفعال واسعة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أثنى عليه الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة الكويتي «حاكم المطيري»، معتبرا أنه «كتاب مبارك ككتب الشيخ المباركة».
ووعد المعارض السعودي «سعد الفقيه» بنشر سلسلة تغريدات حول الكتاب، معتبرا أن أهم ما فيه هو ملحق النصائح لـ«آل سعود».
ووصف حساب «كارا» كتاب «سفر الحوالي» بأنه «كتب بمبضع جراح خبير بمواقع المرض من جسد الأمة».
واحتفى الكاتب السوري «أحمد موفق زيدان» بانتقاد «الحوالي» دفع السعودية المليارات لـ«ترامب».
ورأى البعض أن الكتاب الجديد ليس من تأليف الداعية «سفر الحوالي»، بل مدسوس عليه، معتبرين أنه يحوي أشياء غريبة على أسلوب الشيخ.
واختار بعض المغردين مهاجمة «الحوالي»، حيث قال حساب يدعى «مبهم» إن الشيخ الراحل «محمد بن صالح العثيمين» وصف «الحوالي» بأنه «خارجي على مذهب أهل الباطل».
بينما وصفه حساب آخر بـ«داعشي الفكر».
واعتبر حساب يدعى «هشام بن عبدالعزيز الغنام» أن «الحوالي» منفصل عن الواقع متوقف عنده الزمن في تسعينات القرن الماضي.
والداعية «سفر الحوالي» ينحدر من مدينة الباحة، جنوب غربي السعودية، ويصنفه الكثيرون ضمن تيار الصحوة القريب من «الإخوان المسلمون».
برز «الحوالي» مع حرب الخليج وفاجأ الجميعَ بجرأته وبخطابه السياسي غير التقليدي، إذ رفض الاستعانة بالقوات الأمريكية في هذه الحرب بوضوح شديد مختلفاً في الرأي مع السلطة السياسية بقيادة الملك «فهد» والمؤسسة الدينية بقيادة الشيخ «عبدالعزيز بن باز»، وتسبب ذلك في دخوله السجن لسنوات.
ولا يزال «الحوالي» يعاني من آثار نزيف دماغي أصابه عام 2005.