«نيوزويك»: «السيسي» أسكت كل المعارضة.. و«الإخوان» غارقة في انقساماتها

الأحد 8 يوليو 2018 09:07 ص

كانت الثورة المصرية أهم حدث في الربيع العربي، فبعد 30 عاما من السيطرة، تم إجبار «حسني مبارك» على التنحي عن السلطة خلال احتجاجات استمرت 18 يوما فقط، من قبل ملايين المصريين الذين خرجوا ضد الدكتاتورية.

وكانت المظاهرات التي أطاحت بـ«مبارك» مدفوعة من قبل أشخاص من جميع الخلفيات والمعتقدات السياسية. وحين ذهب الرجل المستبد، حولت مصر انتباهها إلى من يخلفه، وإلى الانتقال من عقود من الاستبداد إلى ديمقراطية حرة، ومن بين جماعات المعارضة المتنوعة، كان «الإخوان المسلمون» وحزب «الحرية والعدالة» المصري في وضع أفضل للاستحواذ على السلطة.

وفاز الحزب بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات عام 2011 البرلمانية، وفاز بالانتخابات الرئاسية من خلال مرشحه «محمد مرسي» عام 2012، وشكل انتخابه علامة بارزة على الإنجازات السياسية لـلإخوان المسلمون، لكن في غضون عامين، أدى الصراع بين «الإخوان» والأحزاب الأخرى في البلاد والمؤسسة العسكرية القوية إلى حدوث اضطرابات جماهيرية.

وتدخل الجيش، وبعد عام فقط من توليه المنصب، تمت عزل «مرسي»، وأعقب ذلك الاعتقالات الجماعية والمذابح في صفوف «الإخوان المسلمون» وحظر الجماعة. وتم سجن قادتها الروحيين والسياسيين، بمن فيهم «مرسي»، وحكم عليهم بالإعدام أو بالسجن المؤبد، وهرب حفنة من المحظوظين لبدء حياة المنفى، بعيدا عن وطنهم وأروقة السلطة التي سيطروا عليها لفترة وجيزة. ويعكس تراجع جماعة «الإخوان المسلمون» تراجع الديمقراطية والتعددية الحزبية في مصر.

وبعد 5 أعوام من الانقلاب، فرضت الحكومة العسكرية، بقيادة «عبدالفتاح السيسي» رئيس الجمهورية، قبضة حازمة على البلاد، وأسكتت كل المعارضة، وفي الانتخابات الرئاسية لهذا العام، فاز «السيسي» مجددا بنسبة 97% من الأصوات.

حركة بدون عمل

وأخبر «يحيى حامد»، وزير الاستثمار السابق لحكومة حزب «الحرية والعدالة»، «نيوزويك» أن الانقلاب، والقمع اللاحق، أوقع الجماعة في حالة من الفوضى. وقال من منفاه في إسطنبول: «أنا لا أؤمن بأن الإخوان المسلمين لا يزالون فاعلين بالطريقة التي اعتادوا عليها. وعلى الرغم من عدم وجود قيادة ثابتة، ستجدون أشخاصا هنا وهناك ممن ينتمون إلى الجماعة ومدرستها الفكرية، لكن هؤلاء الأعضاء يحاولون الحفاظ على زخم الحركة، في ظل انهيار القوة التقليدية للجماعة».

وقد اضطر «حامد» إلى الفرار من مصر عندما بدأت أجهزة الأمن بمراقبة منزله استعدادا للقبض عليه، وكانت التأشيرة الوحيدة التي لديه في ذلك الوقت إلى تركيا، لذلك توجه إلى إسطنبول، وفي مرحلة ما، اضطر إلى السير عبر الصحراء هربا من الاعتقال. وعلى الرغم من تمكن عائلته من الانضمام إليه في تركيا، إلا أنه لا يزال يحلم بالعودة إلى مصر.

ومن القيادة العليا إلى الأفراد العاديين، تم وصم أعضاء «الإخوان المسلمون» بالإرهاب، ودفعوا للاختباء تحت الأرض. وأوضح «حامد»: «الصف الأول، الصف الثاني، الصف الثالث، الصف الرابع ... تم تعقب الجميع».

وقالت «كلوي تيفان، منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لمجلة «نيوزويك»، إن موقف «الإخوان» الصعب ليس من المرجح أن يتحسن في أي وقت قريب، وبالنسبة للنظام فإنه «لا يزال ينظر إلى الجماعة على أنها تهديد ضخم»، الأمر الذي ينعكس في القمع القاسي المستمر للجماعة تحت إدارة «السيسي».

وأوضحت «تيفان»: «هناك بالفعل شعور بأن الجماعة تشكل تهديدا وجوديا لمصر، ونظامها، ولا أرى حقا أن النظام قد يصبح أكثر ليونة أو أن ينظر إليهم على أنهم أقل تهديدا».

وفي الوقت الذي شكل فيه القمع تاريخيا عاملا لتوحيد جماعة «الإخوان المسلمون»، إلا أنه يتسبب الآن في انقسامها. والآن، تقبع القيادة العليا في السجن أو في المنفى، وأولئك الذين لا زالوا في الداخل خارج السجون منقسمون بين الحذر والتسوية مع الحكومة، ويشعر الأصغر سنا والأكثر ثورية بالرغبة في مواجهة النظام. ومع وجودها محاصرة من دون بصيص أمل للعودة، ومع تفكهها الداخلي، يبدو أن جماعة «الإخوان» قد فشلت.

الثورة الضائعة

لقد شجعت سياسة «السيسي» تغيير جيوسياسية المنطقة، وعلى الرغم من أن النموذج التقليدي لحكومات الشرق الأوسط ينقسم تقليديا بشأن دعم الجماعة والفروع التابعة لها، إلا أن الميزان الآن يميل إلى المعسكر المناهض لـ«الإخوان المسلمون». وفي الأشهر الأخيرة، قام ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» بتطهير البلاد من الأكاديميين المنتمين للجماعة، في حين أن قطر، وهي مصدر دعم بارز لـ«الإخوان»، أصبحت معزولة من قبل جيرانها، وبينما ينسجم «السيسي» مع المحور الإسرائيلي السعودي الأمريكي الناشئ، فإن الدعم الخارجي يمنحه يدا أكثر حرية في الوطن.

لكن «حامد» يعتقد أن سيطرة «السيسي» ليست قوية كما تبدو، وقد قال: «لا تزال هناك ثورة مستمرة»، وعلى الرغم من عدم وجود معارضة حقيقية لحكومة «السيسي»، إلا أن الظروف الاقتصادية السيئة في مصر تركت العديد من المواطنين مستائين ويائسين يعانون من ارتفاع أسعار الوقود ويواجهون تضخم أسعار الطعام؛ ففي الشهر الماضي، أعلنت الحكومة عن رفع الأسعار بنسبة 45% لمياه الشرب، و26% للكهرباء، ومن المرجح أن يتبع ذلك المزيد من الزيادات.

وقد قبلت الحكومة قرضا بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في محاولة لترسيخ أسسها، لكن الاقتصاد لا يزال غير مستقر، وتبلغ نسبة البطالة نحو 12%، وبلغ معدل التضخم رقما قياسيا وصل 33% العام الماضي.

وقالت «تيفان»: «إذا كانت الأمور سيئة للغاية من حيث نقص الطعام أو شعور الناس بأنهم لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية، فقد يتحولون إلى أعمال الشغب أو العنف»، لكن بغض النظر عن مدى غضب المصريين، «لا يوجد أحد لقيادة المعارضة فعليا».

وقد أشارت «تيفان» إلى أنه «من الصعب جدا معرفة أين ومتى سيأتي البديل في الواقع إن لم يكن من داخل الجيش».

ومع هزيمة «الإخوان المسلمون» فعليا، يتجه «السيسي» لقمع المعارضين الآخرين، وقد أصبح الليبراليون واليساريون والعاملون في المنظمات غير الحكومية الآن في مرمى سلاحه، بمن فيهم بعض الذين دعموا الحكومة العسكرية ذات يوم، ويستعد «السيسي» لتغيير الدستور للسماح لنفسه بولاية ثالثة كرئيس، ومن الواضح أنه لا أحد يستطيع منعه.

وقالت «تيفان» لمجلة «نيوزويك»: «لقد أصبح من الصعب تصور نظرة إيجابية لمصر».

المصدر | نيوزويك

  كلمات مفتاحية

الانقلاب العسكري قمع المعارضة جماعة الإخوان المسلمين عبد الفتاح السيسي