كيف يخطط «بولتون» لإسقاط النظام الإيراني بجيش عربي في سوريا؟

الثلاثاء 10 يوليو 2018 12:07 م

يسير نهج «دونالد ترامب» للسياسة الخارجية في الشرق الأوسط كقيادة رعناء متعرجة يتم دفعها إلى حد كبير بواسطة مستشار الأمن القومي «جون بولتون»، في ظل كون الهوس الأساسي لدى «بولتون» هو إحداث تغيير في النظام في إيران.

فعندما يسأل «دونالد ترامب» بفظاظة عن سبب بقاء الجنود الأمريكيين في سوريا في حين أن جيرانها العرب لا يفعلون شيئًا للمساعدة في إنهاء تنظيم الدولة، يقفز «جون بولتون» بإجابة جاهزة من خلال الدعوة إلى تشكيل قوة عربية، وستتألف القوة المطلوبة من قوات من مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعُمان وقطر) وكذلك مصر والأردن.

غير واقعية

عندما طرح «بولتون» الفكرة، فإنه كان إما جاهلا بشكل ساذج أو خبيثا بعمد في اقتراح أن تكون قطر جزءاً من القوة المشتركة، حيث تورط القطريون في نزاع مرير مع رباعي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، الذين فرضوا عليهم حصارًا بريًا وجوًا وبحريًا لأكثر من عام.

هذا العداء المدفوع إلى حد كبير من قبل الإماراتيين والسعوديين، انغمس إلى أعماق جديدة من العبث حين قامت السعودية بخرق حقوق البث التليفزيوني لكأس العالم العائدة لقطر وهددت بحفر قناة لتحويل البلد إلى جزيرة.

في هذه الأثناء، تعاني مصر من طول مواجهة التمرد في شمال سيناء مع جماعة ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة، وحتى لو استخدم الأمريكيون العصا الغليظة المتمثلة في التهديد بقطع المساعدات لإجبار مصر على المشاركة، فمن المستبعد جداً أن تمتثل حكومة «السيسي»، حيث لا يزال المصريون يذكرون ما حدث قبل أكثر من 5 عقود، عندما تدخلت مصر في اليمن ودمر جزء كبير من الجيش.

بالحديث عن اليمن، فإن جيش «بولتون» سيعتمد إلى حد كبير على الإماراتيين والسعوديين إذا أراد أن يكون له أمل في النجاح، لكن البلدين متورطان في حرب دامت ثلاث سنوات جلبت بؤساً هائلاً لشعب أفقر بلد في الشرق الأوسط، ولا تزال الحرب تمشي في طريق مسدود، في ظل قلة ثمار مجهودات السعودية، والتي تشمل تدمير البنية التحتية الأساسية وقتل وجرح الآلاف من المدنيين بحملة قصف جوي أدت وحشيتها إلى إدانة دولية للسعوديين.

قد تكون الإمارات -التي يشار إليها باسم «إسبرطة الصغيرة» على حد وصف وزير الدفاع الأمريكي «جيم ماتيس»- متحمسة لمغامرة عسكرية أخرى من شأنها أن تدعم طموحاتهم في السياسة الخارجية، لكن السعودية المنخرطة في حرب مستمرة على حدودها الجنوبية ستود تجنب ذلك.

أما الأردن، فهو منشغل في أزمة اقتصادية وسياسية عميقة تفاقمت بفعل أكثر من مليون لاجئ سوري أغرقوا البلاد، وآخر شيء في ذهن الملك «عبدالله» بالتأكيد، هو الانضمام إلى حملة من شأنها أن تدخل جيشًا سنيًا عربيًا إلى بلد يحكمه الديكتاتور العلوي «بشار الأسد»، مدعومًا من إيران الشيعية وروسيا.

لذا فإن جيش «بولتون» العربي هو خيال منسوج من الجهل والأماني الذي من غير المرجح أن تتحقق على أرض الواقع، وإذا تحقت فسوف يكون لها عواقب وخيمة.

إسقاط النظام بلا تكاليف

وبالنظر إلى أن «جون بولتون» يريد قلب النظام الحالي في طهران، فإن وجود قوة سنية محاربة في سوريا، وفي صراع مع «حزب الله» وجنود الحرس الثوري الإيراني يمكن أن تكون الشرارة التي تثير الحرب التي يتوق إليها.

وتبقى المعضلة لديه هي أنه يجب أن تكون الحرب المرتقبة حربا تساهم بها الولايات المتحدة لكن دون أن تقودها، وقد ضاقت قاعدة «ترامب» الشعبية ذرعاً بالتدخلات العسكرية الأمريكية في الأماكن التي لا يهتمون بها، بل ربما لم يسمعوا عنها إلا بشكل مبهم.

ويبقى الدعم اللوجستي والقيادة من الخلف، والتحالف مع حملة قصف جوي، دون وجود قوات على الأرض، هو ما يستطيع «ترامب» تحمل تكاليفه، لكن هذا حتى يتخطى ما يريد وزير دفاعه والبنتاغون أن يفعلوه.

وقد كان «ماتيس» حذرا، فرغم إشارته إلى أن الخيارات العسكرية تجاه إيران تبقى مطروحة على الطاولة، لكنه يتجنب بشكل واضح اللغة المهيجة التي يتبناها «بولتون».

لعبة قد تنجح

وتكمن الخطورة هنا في أن وزير الدفاع يصبح شخصية معزولة بشكل متزايد، فبعد مرور أكثر من عام على رئاسة «ترامب»، لم يعد يشعر بالحاجة إلى إحاطة نفسه بالأشخاص الذين يرفضون الانصياع له في الوقت الذين يظهر فيه هوسه بالانصياع الشخصي.

وبفضل ما يعتبره «ترامب» نجاحا لسياسته مع ديكتاتور كوريا الشمالية «كيم جونغ أون»، يعتقد «ترامب» أن السياسة الخارجية، مثل حروبه التجارية، هي ميدان لتحقيق الانتصارات سهلة، وهو يحيط نفسه بأناس يُطرون «الأنا المتضخمة» الخاصة به، ويطمئنونه أن «كيم جونغ أون» سوف يرقص على النغمة التي يلعبها، في الوقت الذي تشير فيه جميع الأدلة الموضوعية إلى أنه من المحتمل أن تكون أمريكا هي التي ترقص على نغمة كوريا الشمالية.

يعرف «جون بولتون» كيف يلعب اللعبة، وكيف يتلاعب بـ«ترامب» وكيف يتنمر على من حوله للوصول إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه، وهو تغيير النظام في إيران، وللحصول على ذلك، يريد من حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط، بطريقة أو بأخرى، الذهاب إلى الحرب مع إيران، ويبدو أنه يقدم أفضل ما في جعبته لتحقيق ذلك.

المصدر | بيل لو - جالف هاوس

  كلمات مفتاحية

جون بولتون ترامب سوريا قوة عربية مشتركة إيران