دراسة: توعية النساء بـ«الاعتداءات الجنسية» تزيد إلقاء اللوم عليهن

الأربعاء 11 يوليو 2018 08:07 ص

كشفت أبحاث جديدة أن انتشار معلومات الوقاية من الاعتداءات الجنسية التي تركز على تقديم المشورة للنساء حول كيفية التصرف واللباس المناسب وغيرها من النصائح، تؤدي إلى زيادة إلقاء اللوم على الضحية وتوجيه المسؤولية إليها في حال التعرض لاعتداء أو تجاوز جنسي، وعدم تجريم الجناة الذكور.

وجاءت تلك الملاحظات نتيجة خمس دراسات منفصلة أجراها علماء النفس «كارل جاجو» و«نيكولاس كريستينفيلد» من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو، ونشرت على منصة «بصمة» الأكاديمية «PsyArxiv».

ووفقا لمجلة «كوزموس»، تضيف استنتاجات الباحثين، بُعدا جديدا للأحاديث حول الاعتداء الجنسي، وضرورة الابتعاد عن المناهج التي تنطوي على أنماط معينة من التقديم والتي تعني نظريا أن الضحية مذنبة بطريقة ما.

وأطلق الباحثان دراستهم في محاولة لحل مشكلة الفوضى التي تواجهها العديد من الكليات والجامعات الأمريكية. ردا على زيادة الاعتداءات الجنسية التي تحدث في الجامعات، رغم أنه في عام 2013 أصدر الكونغرس قانون القضاء على العنف الجنسي في الحرم الجامعي.

ويشترط التشريع على كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي أن تستوفي عدة معايير فيما يتعلق بسلامة الطلاب كشرط أساسي لتمويلها. وواحدة من هذه الشروط هي توفير برامج الوقاية والتعليم على مستوى الحرم الجامعي.

ومع ذلك، لا يتم تحديد طبيعة ومحتوى هذه البرامج في أي مكان. ونتيجة لذلك، ركزت العديد من المؤسسات جهودها لتوجيه النصائح والمعلومات بشكل مباشر إلى النساء، لحماية أنفسهن من التعرض للتحرش؛ وليس لتوعية المتحرشين بخطورة أفعالهم.

وشملت التحذيرات، ملاحظات للمنتسبات إلى تلك المؤسسات بـ«عدم ارتداء ملابس استفزازية» أو «التصرف بطريقة مثيرة للغزل» أو «قبول ركوب السيارة مع آخرين» أو «السير في المناطق المضاءة بشكل سيء بعد حلول الظلام».

أدى هذا النهج -على الرغم من حسن النية- إلى اندلاع موجات من الغضب بين النساء، اللواتي يقترحن، بشكل معقول، أن تستهدف برامج الوقاية من الاعتداء الجنسي  الرجال أيضا، من خلال إخبارهم بعدم الإقدام على الاغتصاب أو التحرش بقريناتهم من النساء.

وقال الباحثان النفسيان حول ذلك «بعض المسؤولين في الحرم الجامعي يجادلون بأنه من المعقول، بل وحتى إلزامي، زيادة الدورات الخاصة بنصائح التعرض للخطر».

وتابع «جاجو» و«كريستينفيلد»: «من ناحية أخرى، فإن أولئك الذين يعترضون على النهج الذي يركز على الضحية يجادلون بأن تقديم المشورة بشأن كيفية تجنب الإيذاء قد يزيد من إلقاء اللوم على الضحية لأنه يشير إلى وجود أشياء يمكن أن يفعلها الضحايا لمنع الاعتداء عليهم».

ولاختبار تلك الأفكار من كلا المنظورين، قام «جاجو» و«كريستنفيلد» بإعداد خمس دراسات، تضم كل منها ما بين 70 و400 متطوع ومتطوعة. كانت أربع من الدراسات في شكل حلقات دراسية قدمت نصائح حول تجنب المخاطرة بالاعتداء الجنسي بطرق مختلفة. بينما الخامسة، جاءت كاختبار للنظرية، وركزت على نصيحة تجنب المخاطر للتقليل من احتمال سرقة جهاز كمبيوتر محمول.

وبعد كل حلقة دراسية تم إعطاء المشاركين استبيانا تم تصميمه لقياس درجة المسؤولية الأخلاقية التي يجب أن يتحملها ضحايا «الاعتداء الجنسي» (أو سرقة) الذين فشلوا في الالتزام بالتعليمات السلوكية المقدمة.

وخلص الباحثان إلى أن «النتائج تثبت أن المعلومات الوقائية التي تركز على الضحية يمكن أن تزيد من إلقاء اللوم عليها».

وفي ثلاث من الحلقات الدراسية، من بين أربعة عن الاعتداء الجنسي، ثبت أن تقديم المشورة بشأن اللباس أو السلوك الخاص بالضحية، يزيد من مستويات إلقاء اللوم عليها. كما لم تتأثر درجة لوم الضحية بنوع الشخص الذي جرت مقابلته.

ومع ذلك، فإنه في الدراسة الخامسة، لم يزد إلقاء اللوم على الضحية بعد أن قيل أن السلوكيات تقلل من احتمالية سرقة الكمبيوتر.

ويقترح الباحثان تحديد توجيه اللوم والمسؤولية للمعتدين خلال الحلقات الدراسية والدورات عن الاعتداء الجنسي. وتغيير نمط الدورات الذي ينتج عنه خروج الحاضرين بمعلومات في أذهانهم تقول إنه «يمكن للمرأة أن تزيد أو تقلل من فرص تعرضها للاعتداء، عن طريق تبني أو تجاهل بعض البروتوكولات. لذلك ، فإن فرص التعرض للاعتداء هي أمر يمكن للضحايا المحتملين السيطرة عليه، وبالتالي فإن الفشل في القيام بذلك يزيد من المسؤولية عليهن».

وتابع الباحثان: «تشير مثل هذه الآثار إلى أن خطر التأكيد على الخطوات التي يمكن أن تتخذها الضحية هو أنها ستحول المسؤولية عن الجاني -المسؤول الفعلي عن الجريمة- إلى الضحية المعذبة أخلاقيا».

هذا التأثير تم تصويره على أرض الواقع مؤخرا في مدينة ملبورن الأسترالية، مقر مجلة «كوزموس»، بعد اغتصاب وقتل امرأة شابة في متنزه داخل المدينة.

حيث استجابت الشرطة بسرعة وبشكل عاجل للجريمة، وحثت الجمهور العام عبر وسائل الإعلام ووسائل الإعلام الاجتماعية على الإبلاغ عن مشاهد الجاني المزعوم.

وبعدما تم القبض على الرجل بسرعة، قامت الشخصيات البارزة في الشرطة ببث تعليمات للنساء، تحثهن فيها على اتخاذ خطوات لحماية أنفسهن من خلال كيفية ارتدائهن ملابسهن وطريقة مشيهن.

ما تسبب في إثارة الحدث لجدل كبير بين المواطنين، الذين وجدوا في تلك الدعوات، إلقاء للمسؤولية على النساء وطريقة ملبسهن أو مشيهن في تعرضهن للاعتداء من عدمه.

وخلص البحث إلى أنه «على الرغم من أن الملابس التي تجذب الانتباه عموما قد تجذب أيضا انتباه المعتدين المحتملين، فلا توجد طريقة لارتداء الملابس التي تقضي على خطر الاعتداء الجنسي»، و«شرب الكحول يزيد الخطر من الاعتداء الجنسي، مع ذلك، عدم الشرب أيضا لا يمنع المرء من الوقوع ضحية للاعتداء».

وختم الباحثان بأن «النتائج تشير إلى أنه من الممكن تقديم النصيحة العملية دون زيادة إلقاء اللوم على الضحية، إذا ما تم التركيز على نصحهن في سياق أوسع من النصيحة الذي يشمل كلا الطرفين، لتجنب المبالغة في إلقاء المسؤولية على الضحية بشكل أو بآخر».

  كلمات مفتاحية

تحرش اعتداء جنسي توعية دراسة بحث إلقاء اللوم على الضحية معتدي مسؤولية