مقص الرقيب وحظر النشر يطالان صحفا موالية لنظام «السيسي»

الأربعاء 11 يوليو 2018 08:07 ص

وسط تراجع كبير في مؤشر الحريات في البلاد، باتت الصحف القومية والخاصة الموالية لنظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، في مأزق كبير، بعد أن طالها مقص الرقيب الذي كان يعتقد على نطاق واسع أنه تم تخصيصه فقط لصحف المعارضة.

بمكالمة هاتفية، يستطيع أي مسؤول أمني، أو استخباراتي، حذف ما يريد من مانشيتات الصحيفة، وموضوعاتها، قبيل الطبع، وإذا لزم الأمر فإلقاء النسخ المطبوعة وسحبها من الأسواق، تحت لافتة تجيز ذلك، وتحمل شعار «دواع أمنية»، وقريبا بموجب تشريع قانوني لتنظيم الصحافة والإعلام.

وينظم مشروع القانون كافة أوجه العمل الصحفي والإعلامي بالبلاد، ممثلا في 3 نصوص معنية بتنظيم شؤون «الهيئة الوطنية للصحافة»، و«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، وكذلك تنظيم عمل الصحافة والإعلام بالبلاد.

وحاز المشروع بنسخه الثلاث موافقة برلمانية مبدئية يومي 10 و11 يونيو/حزيران الماضي، وأحيل لمجلس الدولة المعني بدراسة مدى دستوريته.

الحظر أو الفرم

خلال الأسابيع الماضية، تعرضت صحف مصرية كبرى مثل «المصري اليوم»، و«الوطن»، و«الشروق»، لأزمات كبيرة بوقف طباعتها للاعتراض على بعض المحتوى، وطلب استبداله دون أدنى مبرر، حتى طال الحظر مصطلحات سياسية، وأسماء قيادات في الدولة، بشكل بات مثار تندر وسخرية.

ووفق مصادر مطلعة، فقد أوقفت السلطات مؤخرا طباعة صحيفة «الوطن» (يومية خاصة) رغم أن الصحيفة شديدة التأييد للنظام، ومعروفة بدعمها الانقلاب العسكري وعدائها الشديد للإسلاميين، وتمحور الرفض حول كلمات وردت في محتوى الصحيفة مثل «السلطة» حيث طالبوا باستبدالها بكلمة الحكومة أو أي شيء آخر، وكذلك عند انتقاد «فشل السياسات» مطالبين باستبدالها بـ«فشل الإجراءات».

وفي أبريل/نيسان الماضي، وعلى خلفية خطأ في صورة والدة «السيسي»، تقرر إيقاف 4 صحفيين عن العمل وتغريمهم مبالغ مالية؛ ومصادرة عدد مجلة الهلال (حكومية) من الأسواق.

وفي مارس/آذار الماضي، تقرر إحالة رئيس تحرير «المصري اليوم» «محمد السيد صالح»، ومحررة بالموقع الإلكتروني إلى نقابة الصحفيين، للتحقيق معهما، وتوقيع غرامة قدرها 150 ألف جنيه (8 آلاف دولار)، على خلفية صدور مانشيت الجريدة بعنوان «الدولة تحشد الناخبين»، الذي نشرته الصحيفة عن ثالث أيام الانتخابات الرئاسية التي فاز بها «السيسي».

ولاحقا، تم إقالة رئيس تحرير الصحيفة «محمد السيد صالح» واختيار الكاتب الصحفي «حمدي رزق» خلفًا له.

وقبل أشهر صادرت السلطات صحيفة «البوابة» الموالية للنظام، لاحتوائها على تقرير ينتقد عدم تمكن الأجهزة الأمنية من القبض على وزير الداخلية الأسبق، «حبيب العادلي»، الهارب منذ مايو/آيار قبل الماضي، قبيل تسليم نفسه وإعادة محاكمته من جديد.

والعام الماضي، منعت السلطات المصرية طباعة وتوزيع صحيفة «المصرية» الأسبوعية المستقلة، بمطابع دار «أخبار اليوم» الحكومية، بسبب غلاف العدد الذي كان يتضمن قصيدة زجل لمواساة لاعب «النادي الأهلي» السابق، «محمد أبوتريكة»، بسبب وفاة والده.

وجراء تمسكها بمصرية جزيرتي «تيران وصنافير»، التي أقر البرلمان اتفاقية نقل السيادة عليها إلى السعودية، أوقفت السلطات طباعة صحيفة «الصباح» (خاصة)، يونيو/حزيران قبل الماضي.

كذلك صحيفة «المصريون» (مستقلة)، التي دعمت بقوة أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 التي أطاحت بحكم جماعة «الإخوان»، تم إيقاف طباعتها أكثر من مرة لاستخدام كلمة «المخابرات العامة»، أو الإشارة إلى رئيس الجهاز اللواء «عباس كامل»، مع تعليمات واضحة بعدم الإشارة إلى الجهاز من قريب أو بعيد.

اللافت أن حظر النشر طال قضايا رياضية وفنية، آخرها أزمة رئيس هيئة الرياضة السعودية «تركي آل الشيخ» مع إدارة النادي الأهلي، وزواجه من المطربة المصرية «آمال ماهر»، وبلغ الأمر فرم أعداد صحيفة «المصري اليوم» التي خرقت حظر النشر، الذي بات من صلاحيات جهات أمنية، دون الرجوع إلى النائب العام، المختص قانونيا ودستوريا بإصدار مثل هذا القرار.

«صادق» و«مكرم»

زاد من حدة الجدل في الساحة المصرية تنازع النائب العام المصري «نبيل صادق»، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام (حكومي) «مكرم محمد أحمد»، حول أحقية إصدار قرار حظر النشر في قضية فساد «مستشفى 57357» المتخصص في علاج سرطان الأطفال.

وقال بيان للنيابة العامة المصرية، قبل أيام، إن قرار المجلس الأعلى للإعلام بشأن حظر النشر عن «مستشفى 57357»، «منعدم ولا أثر له، ويعتدي على اختصاصات السلطتين القضائية والتنفيذية في حماية الشأن العام».

وأمر النائب العام، بحسب البيان، بمثول «مكرم» أمام نيابة أمن الدولة العليا، مطالبا إياه بـ«توضيح حيثيات قراره المنعدم، بحظر النشر».

وتثير قرارات حظر النشر جدلا متجددا حول معايير حظر النشر في القضايا التي تهم الرأي العام، خاصة التي تتضمن وقائع فساد، وسط تزايد لافت في قرارات الحجب والمصادرة والحظر، وتوسع كبير في استخدام مقص الرقيب.

ويبلغ عدد المواقع المحجوبة في مصر، منذ مايو/آيار 2017 حتى الآن، نحو 500 موقع إلكتروني على الأقل.

وتصنف منظمة «مراسلون بلا حدود» مصر في المركز 161 من أصل 180 دولة على مؤشر حرية الصحافة لعام 2018 وتصفها بأنها «واحدة من أكبر سجون الصحفيين في العالم».

ويسمح قانون الطوارئ الذي يسري في البلاد، لرئيس الجمهورية بإصدار أوامر (كتابة أو شفاهية)، بمراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم ووسائل التعبير والدعاية والإعلان، قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.

  كلمات مفتاحية

حظر النشر عبدالفتاح السيسي صحف مصرية نقابة الصحفيين قانون تنظيم الصحافة والإعلام المخابرات العامة