ارتفاع أسعار النفط.. «ترامب» هو المشكلة وإيران هي الحل

الأربعاء 11 يوليو 2018 11:07 ص

يلجأ الرئيس «دونالد ترامب» مرة أخرى إلى «تويتر» لانتقاد «أوبك» لرفع أسعار النفط.

المجموعة هي كبش فداء مناسب في إلقاء اللوم عليها لارتفاع أسعار البنزين، ولكن الضغط عليها لضخ المزيد من النفط الخام لن يخفض الأسعار لفترة طويلة، وإنما الطريق إلى خفض الأسعار هو أن يغير «ترامب» سياسته إزاء إيران.

لسوء الحظ، من غير المحتمل حدوث ذلك، وبالتالي قد تستمر أسعار النفط في الارتفاع.

فجوة النفط الإيراني

وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 50% خلال عام، وصولا إلى 80 دولاراً للبرميل قبل أن تنخفض قليلا، حيث يتوقع المتداولون أن تتقلص احتياطيات الطاقة الإنتاجية العالمية المتاحة لتعويض انقطاع الإمدادات بشكل خطير.

هؤلاء المتداولون يعرفون شيئًا لا يفهمه الرئيس الأمريكي أو لا يريد فهمه وهو أنه عندما تدخل العقوبات على إيران حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني، لن يستطيع باقي المنتجين تعويض ناتجها المفقود.

وإذا نجح «ترامب» في وقف جميع صادرات النفط الإيرانية، فسيتعين عليهم استبدال 2.7 مليون برميل يومياً من الإمدادات الإيرانية، وهو أمر متعذر.

وإذا لم يتمكن المنتجون من فعل ذلك، فستكون التكلفة باهظة، فوفقاً لـ«ميريل لينش» من «بنك أوف أمريكا» فإن الوقف الكامل للمبيعات الإيرانية قد يدفع أسعار النفط إلى ما فوق 120 دولاراً للبرميل إذا لم تستطع السعودية مواكبة ذلك.

في عالم «ترامب»، يجب أن تقل أسعار البنزين الذي يركز عليه، وقالت السعودية يوم الأربعاء الماضي إنها ضخت نحو 10.5 مليون برميل من النفط الخام يومياً في الشهر الماضي، بزيادة تقدر بحوالي 500 ألف برميل يوميًا مقارنة بشهر مايو/أيار، ما يجعلها أكبر قفزة شهرية في إنتاج المملكة منذ يونيو/حزيران 2004.

لكن المفاجأة أن هذه الزيادة في الإنتاج السعودي لم ترفع إنتاج «أوبك»، حيث ابتلعتها انخفاضات في الإمدادات من دول أخرى، بما في ذلك خسارة 350 ألف برميل يومياً من الإمداد الكندي بعد انفجار في الرمال النفطية في فورت ماكموراي.

غير قابلة للتعويض

وتبقى الحقيقة ببساطة أنه لا وجود لطاقة إنتاجية احتياطية كافية في العالم لتحل محل الخسارة الكاملة للصادرات الإيرانية.

ويعتمد «ترامب» على القدرة المفترضة للسعودية لزيادة الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل في اليوم على الفور لتصل إلى 12.5 مليون في غضون ستة إلى تسعة أشهر، حسبما قال ولي العهد «محمد بن سلمان» في مقابلة مع «بلومبرغ» في عام 2016، لكن الخبراء كانوا أقل تفاؤلا آنذاك إذ قالت وكالة الطاقة الدولية في ذلك الوقت إن تجاوز 11 مليون برميل يتطلب زيادة الإنتاج البحري الأكثر تكلفة.

ويبقى أكثر ما استطاعت السعودية ضخه على أساس شهري هو 10.72 مليون برميل في اليوم في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وفقاً للأرقام الرسمية المقدمة لـ«أوبك».

هذا لا يعني أن زيادة الإنتاج السعودي هو أمر مستحيل ولكنه يبقى غير مؤكد في أفضل الأحوال، وكل ما يمكننا أن نقوله على وجه اليقين في هذه المرحلة هو أن السعودية لديها حوالي 200 ألف برميل يومياً من القدرة الاحتياطية المثبتة المتوفرة على الفور.

وقد يكون هناك بضع مئات الآلاف من البراميل يومياً من الإمارات والكويت، وما يصل إلى 500 ألف برميل في المنطقة المحايدة المشتركة بين السعودية والكويت، وقد ظلت الحقول هناك عاطلة منذ عام 2015 بعد أن أغلقتها السعودية لأسباب بيئية، وهناك الآن اقتراحات بأنه يمكن إعادة فتحها في الأشهر القادمة.

وربما تمتلك بقية «أوبك» مئة ألف برميل أخرى من الطاقة الاحتياطية، وخارج المجموعة هناك روسيا التي بدأت بالفعل في تعزيز إنتاجها، ولم تتحدث روسيا أبدًا عن تقدير رسمي لمقدار القدرة الإنتاجية المعطلة التي يمكن أن تستعيدها، وتتباين التوقعات من 215 ألف برميل يومياً وفقاً لشركة «رينيسانس كابيتال» إلى نحو 500 ألف برميل وفقاً لشركة «جازبروم» التي تديرها الدولة.

الخلاصة أن لدينا حوالي 1.5 مليون برميل يومياً من النفط المتوفر على الفور ليحل محل فاقد نفط إيران في أحسن الأحوال، وهذا الرقم لن يكون كافيا.

وربما يوفر تحرير النفط من احتياطي البترول الاستراتيجي في الولايات المتحدة إجابة نظرية قصيرة الأمد، لكن ذلك لن ينجح لفترة طويلة حيث بدأت المصافي الأمريكية في استنفاد طاقتها بالفعل، لذا سيتم تصدير أي إمدادات إضافية من الاحتياطي الاستراتيجي.

لذلك عندما يغرد «ترامب» منتقدا «أوبك» على ارتفاع الأسعار فإن عليه أن ينظر إلى نفسه أولا.

وهناك طريقة واحدة يمكن أن يحقق بها الرئيس بسرعة أسعارًا أقل، ويمكنه أن يرى هذه الطريقة تحدق في مرآته، يمكنه إعادة فرض العقوبات على إيران بطريقة أكثر تدرجًا، بدلاً من فرضها مرة واحدة يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

بالتأكيد، سيطيل هذا من العملية، لكنه سيخفف أيضًا الضغط على أسواق النفط وأسعار البنزين المهمة، لكن للأسف، لا يبدو أن الصبر من بين قائمة فضائل الرئيس.

ربما يبدو ضخ المزيد من النفط الخام في السوق خطة جيدة لتقليص المخاوف من نقص الإمدادات عندما تبدأ عقوبات «ترامب» على إيران، لكن تأثير ذلك لن يكون طويلا وسوف تعكس أسعار النفط كل هذا.

المصدر | بلومبرغ

  كلمات مفتاحية

ترامب أوبك إيران السعودية أسعار النفط