«فورين بوليسي»: مصالح أمريكا بسوريا تقتضي صفقة مع روسيا

الأربعاء 11 يوليو 2018 08:07 ص

دعت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، الرئيس «دونالد ترامب»، إلى عقد صفقة مع نظيره الروسي «فلاديمير بوتين» في سوريا.

وقال الباحثان البارزان في مؤسسة «راند» الأمريكية «صموئيل شارب» و«جيفري مارتيني»، إن السبب الذي يدفع «ترامب» لهذه الخطوة، هي «حماية ما تبقى من مصالح أمريكية في سوريا قبل فوات الأوان».

وجاء في مقاربتهما التي نشرتها المجلة، أن تفكير «ترامب» بعقد صفقة مع «بوتين» بشأن سوريا أثناء قمة هلسنكي، يعتبر تطوراً إيجابياً.

وأشارا إلى أن الحملة الجارية التي يقوم بها نظام «بشار الأسد» في سوريا، على ما تبقى من المناطق في يد المعارضة السورية، يؤكد الحاجة الماسة لبحث واشنطن عن حل دبلوماسي يحافظ على مصالحها في النزاع، أي التمسك بالمكاسب التي تم تحقيقها من خلال القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» والحد من تأثير إيران في سوريا.

ويقول الكاتبان، إن أمريكا تمتعت خلال السنوات الأربع الماضية، بفائدة قد تختفي سريعا، وهي أولوية قتال تنظيم «الدولة الإسلامية»، التي تطابقت مع أولوية نظام «الأسد» في قتال الجماعات المعارضة التي يدعمها الغرب.

وتابعا: «من الناحية العملية، قبلت دمشق بالعمليات الأمريكية والسيطرة الفعلية على الشرق حيث تخلت واشنطن عن المعارضة في الغرب الذي بدأ تدريجياً في عهد باراك أوباما وسريعاً في عهد ترامب».

ماذا عن الشرق؟

وأضاف الباحثان، أن الكثير من المحللين افترضوا أن «الأسد» معني فقط بتأمين ما أطلق عليه «سوريا المفيدة»، وهي المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة، والتي تبدأ من درعا في الجنوب إلى دمشق وحمص وحماة إلى حلب في الشمال.

وبعد سبعة أعوام من الحرب يبدو «الأسد»، وحلفاؤه مهتمون أيضًا بمصادر المياه والأراضي الزراعية والكهرباء والنفط والسيطرة على الحدود وكلها موجودة في الشرق.

ومن هنا فالهجوم على منطقة الجنوب الغربي، هو تمرين لما سيكون عليه الهجوم المتوقع شرقي نهر الفرات حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع أمريكا على الأرض.

وحاول نظام «الأسد»، بدعم من الجماعات المدعومة من إيران والمرتزقة الروس بناء مواطئ قدم له في الجانب الشرقي من الفرات، وهي مسألة وقت قبل أن يبدأ بمواجهة حلفاء أمريكا في الشرق.

ومن هنا فالتوصل لصفقة مع الروس رعاة سوريا قد يقنع «الأسد» بعدم السيطرة وبالقوة على بقية البلد بالقوة.

طرد إيران

ومع التحول في الأهداف السورية، فإن أهداف الولايات المتحدة تتطور أيضاً، فبعد هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية»، تركز إدارة «ترامب» نظرها على «طرد الإيرانيين من سوريا».

ويعبر الخطاب الجديد للإدارة عن صعود معسكر الصقور المعادي لإيران داخل الإدارة المنقسمة بين الداعين لتخفيف التزامات الولايات المتحدة في الخارج، وبين المطالبين باستخدام القوة العسكرية ضد أعدائها.

ولكن ماذا يعني طرد إيران، من الناحية العملية بدون وجود عسكري أمريكي غير محدد بجدول زمني والذي لا تريده إدارة «ترامب».

ولن يتم تحقيق هذا إلا من خلال التفاوض.

ورغم تراجع أوراق الضغط الأمريكية بسبب مكاسب النظام السوري الأخيرة، إلا أن هناك فرصاً لواشنطن وروسيا تشمل التوافق على تسوية تحفظ من خلالها واشنطن مصالحها.

كما أن الكرملين لا يريد شن حملة جوية مستمرة لا تخدم نتائجها إلا نظام «الأسد» وإيران.

ويمكن في هذه الحالة دعم موسكو لتسوية سياسية تخدم هدفها الرئيسي المتعلق بتغيير النظام في دمشق وعدم وجود عسكري دائم للقوات الأمريكية في سوريا.

وهناك الكثيرون في موسكو ممن يدعمون هذه النتيجة بدلاً من مساعدة جيش النظام السوري والإيرانيين في السيطرة وبوحشية على المناطق الخاضعة للمعارضة.

وبالتأكيد لو ساعدت موسكو «الأسد»، لاستعادة السيطرة على كامل البلاد، فستخسر ورقة النفوذ مع نظامه بشكل يجعل من الدعم المستمر أقل تأثيراً.

لا تعد تنازلا

وبالنسبة لـ«ترامب»، وحسب الكاتبان، فتسوية كهذه «لن تكون تنازلاً كبيراً»، لأن الاتفاق مع موسكو سيحقق ما تريده واشنطن وهو عدم ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» من جديد، وسيحرم إيران من التحرك بحرية وتوسيع تأثيرها في الشرق الأوسط.

كما أن روسيا قلقة من التأثير الإيراني في سوريا وليس من مصلحتها السماح بعودة تنظيم «الدولة الإسلامية».

ولدى حلفاء أمريكا القريبين من سوريا، (إسرائيل) والأردن الأهداف نفسها.

وكلاهما يعارض وبشدة وجود قوات متحالفة مع إيران قريباً من حدودهما.

ومن هنا فهذه أرضية خصبة لتحقيق تسوية ومن الجيد تفكير إدارة «ترامب» به.

ولن تنجح التسوية إلا في حالة ربطت الولايات المتحدة انسحابها من شرق سوريا بوقف روسيا التأثير الإيراني في البلد.

ومن الخطأ البحث عن تسوية والتهديد في الوقت نفسه بسحب القوات الأمريكية من الشرق، خاصة ان لدى واشنطن قواعد عسكرية وتتعاون مع الأكراد على مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».

إنجاز كبير

والاتفاق بين «بوتين» و«ترامب»، حسب مقال المجلة، قد يخلق الظروف للانسحاب لكن التخلي عن أوراق النفوذ ليست استراتيجية ناجحة.

وأمريكا محقة في محاولات تخفيف التأثير الإيراني في سوريا لكن عليها الاعتراف بأنها لا تستطيع فرض الانسحاب.

وبالنسبة لـ(إسرائيل)، فلديها القدرة على إضغاف وضرب المواقع الإيرانية في سوريا لكنها لا تملك التفوق الجوي أو الاستطلاع والمعلومات الأمنية لملاحقة كل هدف إيراني في سوريا.

ولا تستطيع روسيا أيضاً طرد الإيرانيين حتى لو توصلت لصفقة إخراجهم، فعلاقة طهران ودمشق طويلة وتعود للحرب العراقية – الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وساعدت القوة الإيرانية على حرف مسار الحرب لصالح «الأسد».

ومن هنا فالقضاء على تهديد إيران على الحدود الإسرائيلية، ومنعها من بناء قواعد عسكرية دائمة في سوريا سيكون انتصارا للولايات المتحدة، أما طردها بالكامل من سوريا فليس إلا مجرد وهم.

ورغم هذه التحديات فهناك أسباب عدة تدعو إلى استكشاف فكرة استعداد روسيا لصفقة تنهي سفك الدم وتؤدي لاستقلالية من نوع ما لشرق سوريا وتمنع سقوط البلاد بالكامل تحت التأثير الإيراني.

ولو استطاع «ترامب» إقناع «بوتين» بهذه الترتيبات في قمتهما فسيكون «إنجازاً كبيراً» له.

  كلمات مفتاحية

بوتين ترامب إيران سوريا الدولة الإسلامية بشار الأسد