استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اندفاعة ترامب بين دول الخليج والكويت

الخميس 12 يوليو 2018 07:07 ص

تمر القوة الأمريكية في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط بحالة رمادية، فالسياسة الأمريكية بفضل سياسات الرئيس ترامب، سائرة نحو العزلة ودفع خسائر مرئية وغير مرئية في هذه اللحظة التاريخية.

الولايات المتحدة القائد التاريخي لمنظومة الانفتاح والنظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية تسعى منذ 2016 تقود حروبا تجارية ضد حلفائها وتسعى لاخذ الريع وفرض الضريبة على دول الخليج.

بل تبدو الولايات المتحدة وكأنها لم تعد حريصة على استقرار العالم او دول الخليج بقدر حرصها على إرضاء إسرائيل واليمين الصهيوني ومدرسة الاستيطان المتطرفة.

وهذا يعني ان الدولة الكبرى الأولى لن تكون الأولى بعد عقدين من الزمان، وانه بعد مرحلة ترامب ستكون الأمور قد اختلفت، فما تفقده أمريكا في هذه اللحظات التاريخية في علاقاتها مع أوروبا والصين والمكسيك ومنطقة الخليج وغيرها لن يعود اليها كما كان في مرحلة ما بعد ترامب.

بأسلوب غير معهود يقترب من الجنون السياسي يخيف ترامب الكثير من الدول بينما يفتح الباب بدون قصد لدول منافسة كالصين وروسيا وغيرهما.

ان التمرد الكويتي الهادئ من خلال توجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح للصين في زيارة يمكن اعتبارها تاريخية وفريدة من نوعها، دليل على أن بعض دول الخليج كالكويت بدأت بتنويع مصادر التعاون والتوازن مع البيئة الدولية وذلك إنطلاقا من فهمها لطبيعة التغيرات في المنظومة العالمية والسياسة الأمريكية في منطقة الخليج.

ما قام به الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت مع الصين قامت به الكويت في السابق. ففي العام 1923 تفادت الكويت التوقيع على اتفاق التنقيب عن النفط مع بريطانيا وذلك بسبب سياسات بريطانيا تجاه الكويت (تقليص الحدود في اتفاق العقير) وتجاه فلسطين ووعد بلفور وسايكس بيكو وغيره.

شعر أمير الكويت أحمد الجابر في حينها أن بريطانيا بسبب مصالحها الضيقة ستتدخل فيما لا يعنيها وستتراجع عن التزاماتها. لم يأبه الشيخ أحمد الجابر في حينها بأن بريطانيا كانت الدولة الحامية والضامنة للكويت. بل أصبح ذلك في جانب منه مصدر تخوف، لهذا السبب استمر في المماطلة بذكاء مع شركات النفط البريطانية، واستمر في التفاوض والمماطلة لسنوات ثمان.

كان عمليا ينتظر مجيء الشركات النفطية الأمريكية، انطلاقا من نظرة سادت في تلك الايام ومفادها بأن الولايات المتحدة بعيدة جغرافيا وليست دولة استعمارية وتتميز بعدم تحيزها لموقف دون آخر في منطقتنا. كانت السمعة الأمريكية في ذلك الزمن في أفضل حالاتها.

لهذا عندما شكلت شركة أمريكية نفطية مع البريطانية «شركة نفط الكويت» بصورة مشتركة وافق الشيخ أحمد الجابر على التوقيع. وقد تم توقيع أول اتفاق للتنقيب عن النفط في الكويت عام 1934 بينما وقعت المملكة العربية السعودية مع الشركات الأمريكية قبل ذلك بعام.

إلى حد ما يزورنا التاريخ مرة ثانية، فالصين البعيدة تبدو لنا محايدة والولايات المتحدة القريبة منحازة لإسرائيل وساعية لتفجير الحروب وفرض العقوبات وجني الأموال بلا مقابل تجاري مقنع.

لم تعد الولايات المتحدة في ظل الرئيس ترامب شريكا مؤتمن الجانب كما كان الأمر في السابق. إذ شكل الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل نموذجا لتهور ترامب كما شكّل إنسحابه الأحادي من الإتفاق النووي الإيراني عنصر تفجير.

فالاتفاق تم مع دول عدة بينها الولايات المتحدة بينما التزمت إيران بالإتفاق ولم تنقضه. وانعكس ذات التهور على طريقة تصرف الرئيس الأمريكي مع جملة من القضايا في الإقليم منها أزمة الخليج المندلعة في حزيران/يونيو 2017.

وقد أدى تبجح ترامب بأن وجود دول الخليج بسبب قيام الولايات المتحدة بحمايتها وإنه سيجني من الخليج المال تعويضا عن الخدمات والحروب لإثارة الكثير من القلق تجاه الولايات المتحدة.

لقد نشر ترامب مزيدا من الخوف من خلال عنصريته الموجهة ضد المسلمين، كما أن منعه لرعايا سبع دول عربية وإسلامية من مجرد دخول الولايات المتحدة جعل الولايات المتحدة تبدو وقد انضمت لإسرائيل في حملاتها ضد العرب والمسلمين.

لقد استخدم ترامب «الحرب» على الإرهاب لنشر العنصرية والكراهية ضد المسلمين وبنفس الوقت لجني الريع والأموال من دول الخليج.

إن التسخين الذي يؤدي لتوتير الاجواء على ضفتي الخليج هو الاخر سيدفع بإيران بصورة أكبر نحو الصين ونحو الهند ونحو الدول التي تتأثر بصورة أقل بضغوط الولايات المتحدة.

لكن من جهة اخرى إن مقدرة ترامب على فرض مزيد من الانتاج النفطي على المملكة العربية السعودية يمثل سابقة سلبية. سينتج عن زيادة الإنتاج سقوط أسعار النفط، وهذا مضر باقتصاديات دول الخليج.

فعندما تفشل الولايات المتحدة في منع إيران من تصدير النفط، (نصف النفط الإيراني يصدر بالأساس للصين والهند ومناطق بآسيا) سيكون من الطبيعي أن تؤدي كميات النفط الزائدة لتراجع الأسعار.

وهذا الهبوط بالأسعار سيكون مفيدا للحملات الانتخابية للجمهوريين ومؤيدي ترامب قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2018 للكونغرس. وبالفعل قد يستفيد ترامب لفترة، لكنه لا يقدر طبيعة الخسائر التي ستنتج عن سياساته في المدى المتوسط كما والبعيد.

ستكون إحدى نتائج الضغط على إيران تصلبها وتخندقها، بل ودعمها لقوى أكثر راديكالية وعدائية للولايات المتحدة. هذا سيعني أن الولايات المتحدة لن تصل لنتائج في أفغانستان وغيرها من المناطق بل قد يزداد العنف ويزداد تورط الولايات المتحدة العسكري.

لقد اختبرت إيران العقوبات على مدى عقود طويلة، وهي لهذا لديها الخبرة في التعامل مع العقوبات ولديها وسائل مقاومتها.

إقليمنا يعيش في ظل سلسلة حروب، لهذا لا يشترط أن تشهد المنطقة حرب إضافية جديدة واسعة النطاق كما يتنبأ البعض. فلا إيران تريد حربا تضاف على الحروب الراهنة ولا المملكة العربية السعودية تريد حربا جديدة تضاف على ما وقع في اليمن.

فالحرب الممتدة هناك لا نهاية لها والحملة على غرب اليمن وميناء الحديدة فشلت في تحقيق أهدافها. فكل الأطراف تخشى من الحرب الإقليمية الشاملة، خاصة اننا لازلنا في مرحلة الحروب غير المباشرة.

لكن لحظات الجنون ممكنة خاصة وان الرئيس الأمريكي محاصر بالتحقيقات وكذلك نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي محاصر بالاتهامات. لهذا قد تقع اشتباكات مباشرة كما وقع في سوريا بين إسرائيل وإيران.

وقد توجه إسرائيل ضربة مفاجئة باتجاه إيران، لكن إيران ستوجه ضربة مضادة لإسرائيل. التوتر العسكري المحدود الذي لا يخرج عن سقف محدد هو الممكن في الوضع الراهن.

لكن منطقتنا قد تشهد بنفس الوقت نجاح في حماية استقلالها وذلك من خلال بناء التوازنات، ذلك سيتم بسبب إستمرار نجاح الخط القطري المستقل وتداخله مع الدور التركي الاقليمي، وبسبب استقلالية سلطنة عمان وبسبب توجه الكويت المحايد والمستقل الذي يسعى لبناء حالة توازن من خلال الصين وتركيا.

هذه التوازنات في هذه المرحلة ستسهم في وضع الأساس لحلحلة التوترات التي تثيرها السياسات المغامرة التي انتشرت في الاقليم منذ مجيء ترامب.

حرب الخليج الثالثة سيناريو سيئ لو وقع، إنه سيناريو ممكن لو حوصرت إيران وأغلقت عليها كل المنافذ، بل إنه سيناريو ممكن لو تراجعت الكويت وقطر وعمان عن توجهاتها المستقلة وتنويع مصادر أمنها.

لكن المقدرة على خنق وحصار إيران غير ممكنة وذلك بفضل الصين وروسيا كما وبفضل السياسات المستقلة لعدد من دول الخليج. في هذا السياق تمثل سياسة الكويت المتجهة نحو الصين تتويجا لجهد استراتيجي هدفه بناء توازنات تحمي الاقليم والكويت من اندفاعة ترامب ونتنياهو.

٭ د. شفيق ناظم الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت

  كلمات مفتاحية

الكويت توازنات استراتيجية الصين إيران روسيا دونالد ترامب نتنياهو حرب الخليج الثالثة توجهات استقلال خليجي محمد كوثراني