صحيفة روسية: إصلاحات «بن سلمان» تنهك اقتصاد السعودية

الخميس 12 يوليو 2018 02:07 ص

ذكرت صحيفة «إكسبرت» الروسية أن ولي العهد السعودي الأمير محمد «بن سلمان» يطمح إلى طرد المغتربين، ضمن حملة الإصلاحات الاقتصادية التي يقودها لتنويع اقتصاد المملكة، مشيرة إلى رحيل أكثر من 800 ألف عامل أجنبي عن السعودية منذ نهاية 2016 حتى أبريل/نيسان 2018.

وقالت الصحيفة إن «بن سلمان» رفع الضرائب على الشركات التي تشغل الأجانب، وطالبت سلطاته الأجانب بدفع ثمن إقامة أقاربهم الذين يعيشون معهم، وأصبحت القطاعات الاقتصادية التي تشغل الأجانب محدودة، وذلك تنفيذا لتوجهاته لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي ضمن ما يعرف برؤية 2030، التي تقوم على إجراءات تقشفية وفرض ضرائب ورسوم والتخلي عن الدعم في عدد من القطاعات الاستراتيجية، بينها رفع أسعار المياه والكهرباء والوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتخلي عن العمالة الأجنبية في عدة قطاعات.

وذكرت الصحيفة أن هذه الظروف مجتمعة، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط بين سنة 2014 و2016، والتراجع الحاد في الاستثمار الأجنبي، أدى إلى نزوح العمال الأجانب من المملكة، ونتيجة لذلك شهدت البلاد انخفاضا ملحوظا في سوق الإيجار.

وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي يشكو فيه أرباب العمل رفض السعوديين الشغل في أعمال عادية وشاقة، كان يتم تخصيصها سابقا للمغتربين، وتحاول السلطات السعودية إقناع مواطنيها بعدم الامتناع عن القيام بهذه الأعمال، التي تمثل ثلثي الوظائف في سوق الشغل السعودي وهي التي تخطط لتوفير 540 ألف فرصة عمل لمواطني المملكة بحلول عام 2020.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت عائدات الضرائب ستكون قادرة فعلا على تعويض الخسائر الناتجة عن رحيل العمالة الأجنبية من المملكة، لافتة أن «بن سلمان» يطمح لجني أكثر من 17 مليار دولار من الضرائب المفروضة على المغتربين بحلول 2020.

وفي وقت سابق، ذكر موقع «بيزنس إنسايدر» أن السعودية تواجه أزمة توظيف وأن القطاع الخاص يلاقي صعوبات جمة لتعويض الموظفين الوافدين وتطبيق سياسة «بن سلمان» بإعطاء الأولوية للسعوديين.

ونقل «بيزنس إنسايدر» عن خبراء اقتصاد أن الأمر قد يستغرق عقدا من الزمن أو أكثر قبل أن يظهر جيل من السعوديين يرغبون في العمل في وظائف في قطاعات مثل الخدمات والبيع بالتجزئة والإنشاءات.

ووفق إحصاءات عام 2017، يبلغ عدد الأجانب بالمملكة نحو 11.7 ملايين شخص، يعمل 7.4 ملايين منهم، في حين يمثل المرافقون نحو 4.3 ملايين شخص، ويبلغ متوسط دخل العمالة الأجنبية أقل من 266 دولارا شهريا.

وإضافة إلى الرسوم والزيادات في الأسعار، أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بداية عام 2018 قرارا يمنع الأجانب من العمل في 12 نشاطا تجاريا جديدا، أضيفت إلى قطاعات أخرى منعوا من مزاولتها سابقا لتنقطع أسباب الرزق لعشرات الآلاف.

ومع الركود الذي يعانيه القطاع الخاص، وإفلاس مئات الشركات -بينها شركات كبرى في قطاع التشييد- تأخر دفع أجور عشرات الآلاف من العمال ولعدة أشهر، وغادر معظمهم البلاد في ما يشبه عمليات الإجلاء دون الحصول على مستحقاتهم.

وتم فرض رسوم شهرية منذ بداية 2018 على المرافقين للعمال الوافدين بمئة ريال شهريا للفرد، لترتفع إلى 200 منذ الأول من يوليو/تموز الجاري، وتصل إلى 400 ريال في 2020، وستوفر هذه الرسوم نحو 20 مليار ريال (نحو 5 مليارات دولار) خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وأقرت السلطات السعودية مطلع 2018 القيمة المضافة بنسبة 5% على العديد من المنتجات والخدمات، وهي إجراءات غير مسبوقة، بعد أن فرضت منتصف عام 2017 ضريبة على التبغ والمشروبات وسلع أخرى.

ومجمل هذه المتغيرات السياسية والاقتصادية الجارية انعكست سلبا على الجوانب المعيشية في المملكة، وشكلت بيئة طاردة للوافدين، فلم يعد متاحا بالنسبة لمئات آلاف العاملين مجابهة الظروف الحياتية الصعبة، مع الأعباء المتزايدة وجمود الرواتب وارتفاع الأسعار والخدمات، ومن ثم اختاروا الرحيل الطوعي وأحيانا الإجباري.

ومع تراجع مقومات الرخاء، أصبحت معدلات البطالة المرتفعة بين السعوديين تحديا مستمرا أمام الحكومة، حيث ارتفعت إلى 12.9% في الربع الأول من عام 2018، ويواجه القطاع الخاص صعوبات جمة لتطبيق سياسة ولي العهد بإعطاء الأولوية للسعوديين وتعويض الأجانب الراحلين.

ورغم التكتم والتعتيم، فإن مظاهر تراجع المستوى المعيشي والفقر في المملكة لم تعد خافية، وينشر ناشطون تباعا صورا لا تبدو للوهلة الأولى في البلد الذي تسبقه سمعته كأكبر منتج للنفط في العالم، حيث تبدو فيها المساكن المزدحمة وشبه المتداعية كأنها في دول فقيرة في الموارد والموازنات.

وتراهن رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد السعودي على تغيير هذه الصورة وتقليص الاعتماد على الريع النفطي، وإعادة عصر الرفاه، لكن مراقبين يرون أن إجراءاتها خلفت آثارا اجتماعية خطيرة يصعب تجاوزها، وأوجعت المواطنين وأغلب المقيمين الذين رحلوا أو يحزمون حقائبهم.

  كلمات مفتاحية

السعودية محمد بن سلمان إصلاحات توظيف مغتربين