«المونيتور»: كيف تتعاون مصر مع (إسرائيل) للضغط على غزة؟

الأحد 15 يوليو 2018 11:07 ص

تواجه حركة «حماس» قرارًا صعبًا، حيث تتعرض لضغوط كبيرة من القاهرة لتقديم تنازلات لدفع عملية المصالحة مع حركة «فتح»، وهددت القاهرة بغلق معبر رفح، وهو المعبر الوحيد لغزة إلى العالم الخارجي بعيدًا عن المعابر مع (إسرائيل).

ورقة الضغط

ووفقا للصحفي الإسرائيلي «شلومي إيلدار»، كلف الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» رئيس جهاز الاستخبارات في البلاد، اللواء «عباس كامل»، بإنهاء الملحمة الطويلة التي لا تنتهي بين الجانبين.

وفي 4 يوليو/تموز، قام عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية «عزام الأحمد»، بإبلاغ «كامل» بأن الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» كان مصرا على السيطرة على قوات الأمن في غزة كجزء من المصالحة، لكن الزعيم الفلسطيني البالغ من العمر 83 عامًا توصل مؤخرا إلى أنه سيتعين عليه تحقيق المصالحة مع «حماس» من أجل إنهاء فترته بكرامة، وفقًا لما قاله «الأحمد».

وقال مصدر في غزة لموقع «المونيتور»، شريطة عدم الكشف عن هويته: «مصر مصممة على الضغط على حماس حتى تتفهم الوضع الذي تعيش فيه، ويعرف اللواء كامل بالضبط كيف يوضح ذلك»، ويقول المصدر، وهو مساعد لزعيم حركة «فتح» السابق «محمد دحلان»، إن «دحلان» يعمل من وراء الكواليس، ويرى المصريون أنه شخصية رئيسية ويستشيرونه باستمرار.

ولدى مصر 3 أهداف رئيسية في دفع التقارب بين «حماس» و«فتح» إلى الأمام.

الهدف الأول هو تخفيف الأزمة الإنسانية العميقة في غزة، وفي نفس الوقت قطع العلاقات بين القوى الإسلامية في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.

الهدف الثاني هو دفع عملية استعادة السيطرة على غزة من قبل السلطة الفلسطينية، حيث تعرف مصر أنه إذا تمكن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» من جمع مليار دولار من دول الخليج لإعادة تأهيل قطاع غزة وتطوير مشاريع اقتصادية، فإن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون مسيطرة على السلطة في القطاع، وبدون ذلك، لن يكون من الممكن الشروع في إعادة البناء.

ومن الواضح أنه سيتم صرف القليل من المال إذا بقيت «حماس» السلطة الوحيدة في غزة كما كانت خلال السنوات الـ11 الماضية.

الهدف الثالث، لا يقل أهمية، وهو يتعلق بالتوترات العربية البينية، حيث تنظر مصر إلى المشاركة القطرية المستمرة في القطاع كاضطراب وتهديد، ليس فقط لأن مصر مازالت تفتخر بكونها زعيمة العالم السني المسلم، ولكن أيضا لأنها تنظر إلى الإمارة الصغيرة الغنية التي تسيطر على أهم وسائل الإعلام في العالم العربي؛ الجزيرة، كقوة منافسة لها.

كما تستاء مصر من حقيقة أن المبعوث القطري «محمد العمادي» يعمل في غزة بأمر من الأمير للتوفيق بين الجماعات المتنافسة، «حماس» و«فتح»، والتوسط بين «حماس» و(إسرائيل).

وقال المصدر الذي رفض كشف هويته: «عندما كان المصريون مقتنعين بأن قيادة حماس تعطي العمادي الكثير من الفسحة، قاموا بإغلاق معبر رفح لمدة ثلاثة أيام»، وأضاف أن الإغلاق كان يهدف إلى الإشارة إلى قيادة «حماس» بأن مفاتيح قطاع غزة ما زالت في القاهرة.

وتستخدم مصر المعبر الحدودي كنقطة ضغط على «حماس»، تماماً كما تفعل (إسرائيل) مع معابرها الحدودية إلى غزة.

نفس الأسلوب الإسرائيلي

في 9 يوليو/تموز، أعلن رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» أنه أمر بإغلاق معبر كرم أبوسالم، الذي يتم من خلاله نقل البضائع إلى غزة، وقال «نتنياهو» إن القرار اتخذ كرد فعل على استمرار حرق الطائرات الورقية التي أهدرت آلاف الأفدنة من الحقول الإسرائيلية.

وتسمح (إسرائيل) فقط لمواد الإغاثة الإنسانية والغذاء والوقود والإمدادات الطبية الأساسيو بدخول غزة، بينما تم إيقاف إمدادات المواد الخام ومواد البناء والسلع التي تعتبرها الدولة العبرية «كماليات»، مثل الملابس والحلويات وغيرها.

وبدأ سريان مفعول القيود الجديدة في اليوم الذي وصل فيه فريق «حماس» إلى القاهرة، وكان توقيت إغلاق كرم أبوسالم بمثابة تذكير صارخ بأنه في غياب «تنازلات مؤلمة»، فإن مصر سوف تغلق أيضًا معبرها الذي كان مفتوحًا منذ بداية شهر رمضان في منتصف مايو/أيار لمرور الناس والبضائع.

وقال المصدر: «هناك تنسيق وثيق بين مصر و(إسرائيل)»، وهو تنسيق يشمل أيضاً تقسيم المسؤولية، ويضيف أن (إسرائيل) تريد تخليص نفسها من مسؤولية غزة قدر الإمكان، وتأمل أن تكون مورداً من الدرجة الثانية لقطاع غزة بعد مصر في تزويد احتياجات سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة.

من ناحية أخرى، تفهم مصر أن معبر رفح يزيد من اعتمادية غزة عليها، لكنها ترى أن ذلك يعد ميزة، حيث إن اعتمادية غزة المتنامية تزودها بسلاح فعال ضد «حماس»، يمكن لمصر أن تفتح حدودها لتوريد السلع والمواد الخام التي تحظرها (إسرائيل) باستمرار، وتغلقها إذا لم تتصرف «حماس» كما تتوقع مصر بكل بساطة ووضوح.

هذه هي القواعد الجديدة التي تمليها مصر، وربما لا تملك «حماس» الكثير من الخيارات، وقد دام فتح معبر رفح منذ ما يقرب من شهرين، وشعرت قيادة «حماس» بالفرق بوضوح، وقوبل إقفال «نتنياهو» لكرم أبوسالم باللامبالاة الظاهرية في شوارع غزة نظراً لأن القطاع كان لديه مورّد بديل، وإن كان مشروطاً.

وقد تعهدت مصر بسلسلة من التدابير المفيدة لغزة بالإضافة إلى معبر رفح إذا أظهرت «حماس» المرونة وتوصلت إلى تفاهمات مع «عباس» حول حل النزاع، ويشمل هذا إنشاء منطقة صناعية في شمال سيناء من شأنها أن توفر فرص عمل لسكان غزة، وزيادة إمدادات الطاقة إلى القطاع، وبناء خط أنابيب وقود لنقل إمدادات منتظمة إلى غزة.

بعبارة أخرى، سوف تتحمل مصر مسؤولية أكبر عن غزة وتعطي (إسرائيل) فرصة فريدة لفك ارتباطها بالقطاع، وهو الأمر الذي فشلت فيه منذ سحبت كل قواتها ومستوطناتها من هناك عام 2005، حتى بعد أن طردت «حماس» السلطة الفلسطينية واستولت على الحكومة المحلية في عام 2007.

هل سيقدم «عباس» تنازلات؟

لكن «حماس» ليست اللاعب الوحيد في الميدان، وقد رفض «عباس» المضي قدماً في المصالحة طالما تصر «حماس» على الاحتفاظ بالسيطرة على جميع قوات الأمن في قطاع غزة وترفض مطلبه بنزع سلاح جناحها العسكري المعروف باسم «كتائب عزالدين القسام».

لكن «عباس» ربما يكون أكثر استعدادا لتقديم تنازلات في الوقت الراهن، حيث يعتقد كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية أن التقدم في تحركات المصالحة وعودة السلطة الفلسطينية إلى السلطة في غزة من شأنه أن يوفر بديلاً لخطة «ترامب» للسلام الإسرائيلي الفلسطيني، التي رفضتها السلطة الفلسطينية.

وعبر تحقيق المصالحة، سيتم ضخ مئات الملايين من الدولارات لإعادة إعمار غزة من خلال خزائن السلطة الفلسطينية، وسيحصل «عباس» على دور مهم في عملية إعادة التأهيل، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها التنحي بكرامة.

المصدر | شلومي إيلدار - المونيتور

  كلمات مفتاحية

غزة عباس كامل محمود عباس قطر نتنياهو