ماذا نعرف عن المنظمة التي تحاول الإطاحة بالنظام الإيراني؟

الأربعاء 18 يوليو 2018 03:07 ص

على الخلافات المتعاظمة بينهم، لا تزال هناك منطقة يشترك فيها الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء، حيث يسارع كثير منهم إلى إظهار دعمهم لمنظمة مكرسة بشكل علني لتغيير النظام في إيران.

وفي أواخر الشهر الماضي في باريس، حضر 33 من كبار المسؤولين الأمريكيين والضباط العسكريين، بمن فيهم «رودي جولياني»، وسفير الأمم المتحدة السابق «بيل ريتشاردسون»، اجتماعا عقده المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو فرع من حركة «مجاهدي خلق» الإيرانية.

وتأسست منظمة «مجاهدي خلق» عام 1965، كحركة يسارية متشددة ضد شاه إيران العلماني، وقد لفتوا الانتباه في أوائل السبعينيات بسبب عدد من الأعمال الإرهابية، بما في ذلك الهجمات ضد راعي الشاه الرئيسي، الولايات المتحدة. وكان المدنيون العاملون لدى الشركات الأمريكية العاملة في إيران في السبعينيات، بما في ذلك شركة «بيبسي»، و«جنرال موتورز»، و«روكويل إنترناشونال»، من بين ضحايا منظمة «مجاهدي خلق». وليس من المستغرب أن الولايات المتحدة كانت قد أدرجت منظمة «مجاهدي خلق» كمنظمة إرهابية عام 1997.

ولكن في الأعوام الأخيرة، تمكنت منظمة «مجاهدي خلق» من إعادة تأهيل صورتها. ولقد غيرت من استراتيجيتها بعد مساعدتها في الإطاحة بـ«صدام حسين» في العراق، على أمل أن تقوم الولايات المتحدة برد الجميل في إيران. كما نجحت المنظمة في الضغط على إدارة «أوباما» لإزالتها من قائمة المنظمات الإرهابية. واليوم، تقوم المنظمة بشكل روتيني بتغذية الولايات المتحدة بالمعلومات الاستخبارية على أمل بناء الدعم لتغيير النظام في طهران.

ويذكر هذا الوضع بشكل مخيف بفترة أواخر التسعينيات، عندما قام تحالف من الحزبين في الكونغرس، ردا على حملة ضغط منسقة من قبل «بيل كريستول» ومشروع «روبرت كاجان» من أجل قرن أمريكي جديد، بإصدار تشريع يدعو إلى تغيير النظام في العراق. كما أن قانون «تحرير العراق»، الذي وقع عليه الرئيس «بيل كلينتون» في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1998، قدم للجماعات العراقية المعارضة في المنفى مساعدات مالية مباشرة من الحكومة الأمريكية. وكان أحد أبرز المستفيدين من سخاء دافعي الضرائب في الولايات المتحدة «المؤتمر الوطني العراقي»، وفي عام 2004، كشفت «جاين مايرز» من صحيفة «نيويوركر» أن الحكومة الأمريكية قد قامت بتوجيه أكثر من 100 مليون دولار إلى المجموعة خلال فترة 12 عاما، حيث كانت إدارة «بوش» مسؤولة عن 39 مليون دولار منها على الأقل.

وأثبت «المؤتمر الوطني العراقي»، وزعيمه، «أحمد الجلبي»، أنه كان أحد المصادر الرئيسية للمعلومات الخاطئة التي انتشرت عبر وسائل الإعلام الجديرة بالثقة، والتي تم بناء الدعم على أساسها للحرب مع العراق.

وبعد أعوام، بعد أن طردت القوات الأمريكية «صدام حسين» من السلطة، عاد «الجلبي» وكادره من الأتباع إلى البلد التي هرب منها في سن المراهقة. لكن «الجلبي» و«المؤتمر الوطني العراقي» كانا أكثر شعبية في واشنطن العاصمة من بغداد أو أي مكان آخر في العراق. وفي هذا الشأن، عندما ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع في ديسمبر/كانون الأول 2005، لم يحصل حزبه سوى على 0.5% من الأصوات.

لذا، للإيجاز، ذهبت أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لمنظمة كان هدفها الأساسي هو تزويد معلومات مضللة عن طبيعة التهديد الذي يشكله «صدام حسين». وقد أودت الحرب الناجمة عن ذلك بحياة أكثر من 4400 أمريكي، وكلفت الولايات المتحدة حتى الآن تريليوني دولار، مع بعض التقديرات للتكاليف النهائية تقترب من 6 تريليونات دولار. ولم يتمكن «الجلبي» وحزب «المؤتمر الوطني» العراقي من تنفيذ الرؤية التعددية للعراق التي وعدوا بها. وبدلا من ذلك، قُتل عشرات الآلاف من العراقيين، ونزح الملايين من ديارهم.

ولا يبدو هذا عائدا جيدا لمثل هذا الاستثمار.

تكرار الأخطاء

ويعد مصدر تمويل منظمة «مجاهدي خلق» أكثر غموضا، لكن المنظمة تستقبل النقود باستمرار. وقال «ريتشارد إنجل»، من شركة «إم إس إن بي سي»، أن «بولتون» قد حصل على مبلغ 40 ألف دولار أمريكي مقابل خطاب واحد عام 2017. ويذكر آخرون أن المتكلمين في تجمعات منظمة «مجاهدي خلق» يتلقون ما يصل إلى 50 ألف دولار لكل خطاب.

وفي اجتماع العام الماضي في باريس، قال «بولتون»، بشكل قاطع «هناك معارضة قابلة للحياة لحكم ملالي إيران، والمعارضة تتواجد في هذه القاعة اليوم». وتابع: «السياسة المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تكون الإطاحة بنظام الملالي في طهران».

ولم يظهر «بولتون» في اجتماع هذا العام، ولكن عمل «جولياني» نيابة عن المنظمة جذب انتباه الناس، وليست تلك المرة الأولى. وقد أوضح «دانيال بنيامين»، الذي قام بتنسيق جهود مكافحة الإرهاب لإدارة أوباما، لصحيفة «واشنطن بوست»: «لقد وجد الكثيرون منا مجرد الظهور لدعم منظمة لا تزال الدماء الأمريكية على يديها أمرا مثيرا للغضب».

وهناك ميل لرفض دعم المنظمة باعتبارها مجموعة هامشية.

ويعني كل ما سبق أن الأميركيين قد يضطرون إلى الاعتماد على وسائل الإعلام الإخبارية للقيام بعمل الدوائر الحكومية. وقد تبدأ باستجوابات حول المعلومات التي قدمها المدافعون عن تغيير النظام في إيران.

وبمراجعة تغطية «نيويورك تايمز» لحرب العراق عام 2004، نجد أن المحررين قد وصفوا «الجلبي» بالاسم كمصدر للعديد من المقالات غير الدقيقة أو المضللة. وأشاروا إلى أن «المعلومات» في قصصه التي كانت مثيرة للجدل في ذلك الوقت، والتي تبدو مثيرة للتساؤل الآن، «لم تكن مؤهلة بشكل كاف للتصديق أو التحقق منها».

وقال المحررون بصحيفة «تايمز» آنذاك: «لقد كانوا يعتمدون جزئيا على المعلومات من دائرة من المخبرين والهاربين والمنفيين العراقيين، الذين كانوا مصممين على تغيير النظام في العراق».

ويجب على الأمريكيين الانتظار لمعرفة المعركة الذي ستخوضها وسائل الإعلام الأمريكية في عام 2018، على أمل ألا تكرر واشنطن خطيئها مع «الجلبي» مجددا.

المصدر | ذا ناشونال انترست

  كلمات مفتاحية

مجاهدي خلق المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية رودي جولياني أحمد الجلبي