«بلومبرغ»: يهودية الدولة.. هل انهارت أسطورة الديمقراطية الإسرائيلية؟

الأحد 22 يوليو 2018 10:07 ص

صادق الكنيست الإسرائيلي على قانون «دولة قومية» يهودية هذا الأسبوع، والذي يقلل من حقوق ووضع المواطنين العرب، أي نحو 20% من سكان البلاد. وهي مغامرة تسير في بموازاة القومية العرقية التي اكتسبت قوة في أجزاء كثيرة من العالم، وقد تضر بجهود (إسرائيل) لإقامة تحالفات مع الدول العربية، وكذا الحفاظ على ولاء اليهود الأمريكيين المغتربين.

ومنذ تأسيسها، كانت (إسرائيل) في صراع بين هويتها كدولة يهودية ومجموعة مباديء حقوق الإنسان التي (ادعى) العديد من الزعماء الصهاينة أيضا تبنيها. ولطالما ميزت (إسرائيل) أغلبيتها اليهودية على حساب الأقلية العربية، ولكنها فعلت ذلك بطرق غير مباشرة، لا سيما من خلال جعل بعض الحقوق والفوائد مرتبطة بالخدمة العسكرية، التي يشارك فيها معظم اليهود ويستثنى منها معظم العرب.

وتفصل (إسرائيل) مواطنيها، البالغ عددهم 8.5 مليون نسمة، حسب «القوميات»، بما في ذلك اليهود والعرب والدروز، على سبيل المثال. ويمكن للسلطات الإسرائيلية أن تعلم بسهولة من يهودي ومن ليس كذلك، لأنه يتم التعريف بذلك في جميع أوراق الهوية الأساسية الخاصة بالأشخاص. وكان هذا التمييز الرسمي بين الجنسية والمواطنة مفتاحا لمحاولة (إسرائيل) الموازنة بين السلطة والسيطرة اليهودية وحقوق الأقليات.

ومع بعض الاستثناءات البارزة، يعيش اليهود والعرب الإسرائيليون في بلدات ومناطق مختلفة، ومن الصعب على المواطنين العرب الانتقال إلى مجتمعات يهودية فقط في الغالب، ويعني هذا أنه كان من السهل على الدولة الإسرائيلية أن تنفق أكثر على الخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم لمواطنيها اليهود أكثر من إنفاقها على سكانها العرب.

ومع ذلك، تم السماح للعرب الإسرائيليين ببعض الحقوق السياسية، وكان هناك دائما مشرعون عرب في الكنيست، ويتمتع العرب أيضا بالعديد من الحقوق الفردية والقانونية.

تمييز اليهود

وفي الأعوام الأخيرة، مع ذلك، انجرف جزء كبير من العالم نحو التعصب العرقي القومي، الذي غالبا ما يطلق عليه «الشعبوية»، وأصبح التفوق اليهودي وامتيازه داخل (إسرائيل) أكثر عدوانية.

ويضاعف القانون الجديد هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال، تكرس اللغة العبرية على أنها «لغة الدولة»، على الرغم من أن اللغة العربية قد تم الاعتراف بها أيضا كلغة رسمية منذ تأسيس (إسرائيل) عام 1948.

ويعيد مشروع القانون تأكيد مطالبة (إسرائيل) بالسيادة على كامل القدس، بما فيها القدس الشرقية، التي احتلتها في حرب عام 1967، وتعتبرها جميع البلدان تقريبا أرضا محتلة.

ويصف أيضا «الاستيطان اليهودي كقيمة وطنية» تروج لها الدولة، ويفترض أن يشير هذا إلى المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما الضفة الغربية، التي تمثل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة.

وأخيرا، وربما أكثر الأمور فظاعة، ينص مشروع القانون على أن «الحق في ممارسة حق تقرير المصير القومي في دولة (إسرائيل) هو أمر يخص الشعب اليهودي»، ويؤكد هذا صراحة أنه في حين أن آخرين قد يتمتعون بحقوق مدنية وفردية معينة، فإن الحقوق الذاتية الوطنية تقتصر على الأغلبية اليهودية.

وكان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ من ذلك. فقد أسفرت معارضة العديد من الجهات، بما في ذلك الرئيس «رؤوفين ريفلين»، عن إزالة فقرة كان من شأنها إضفاء الصفة الرسمية على إنشاء مجتمعات يهودية معلقة. وهذا أمر مهم، لأن الفصل الفعلي في معظم أنحاء (إسرائيل)، والذي هو محور التمييز ضد المواطنين العرب، يتناقض مع الكثير من القوانين الإسرائيلية، التي يبدو أنها تحظر التمييز العرقي والعنصري. وبالتالي، من الممكن أن يتمكن العرب في (إسرائيل) من استخدام المحاكم لإبطال الفصل العنصري وتقليص حصانة التمييز ضدهم ببطء.

ويبعث القانون برسالة إلى المواطنين العرب في (إسرائيل) والعالم أجمع، مفادها أن غير اليهود ليسوا ولن يكونوا أبدا مشاركين حقيقيين في المشروع القومي الإسرائيلي.

كما أنه سيجعل من الصعب على الإسرائيليين أن يشيروا إلى الحقوق المدنية للمواطنين العرب لمواجهة الاتهامات بأن (إسرائيل) تمارس نسخة من نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا.

ومن المرجح أن تكون المشكلة العملية التي أوجدها القانون الجديد هي تأثيره على وصول (إسرائيل) إلى العالم العربي، بما في ذلك دول الخليج الحاسمة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تأمل في التوصل إلى قضية مشتركة ضد إيران. وبالنسبة لـ(إسرائيل) التي تسعى إلى تطبيع نفسها في الشرق الأوسط، فإن مجتمعا متكاملا من المواطنين العرب كان ليصبح أداة ذات قيمة. وكان العرب الإسرائيليون ليكونوا طليعة مثالية للتواصل مع المحاورين العرب الجدد والشركاء المحتملين. لكن مع القانون الجديد، فإن الحماسة لمثل هذا المشروع بين المواطنين العرب في (إسرائيل) والعرب الآخرين ستثبط حتما.

وأخيرا، فإن تقنين التمييز الرسمي بشكل صريح في التشريع الإسرائيلي يضع العلاقات مع اليهود الأمريكيين في خطر، خاصة العديد من الليبراليين الأصغر سنا، الذين أغضبهم فعلا تحول (إسرائيل) إلى اليمين في الأمور الدينية والسياسية.

وتعد القومية العرقية غير المتسامحة ظاهرة عالمية، والإسرائيليون اليهود ليسوا محصنين ضدها، لكن قانون الدولة اليهودية الجديد يدمر سعي (إسرائيل) للتوفيق بين شطري مثلها التأسيسية المتضاربة، المتمثلة في كونها «ديمقراطية يهودية».

المصدر | حسين إبيش - بلومبرغ

  كلمات مفتاحية

القومية اليهودية اليمين المتطرف الليبراليين اليهود الفصل العنصري