استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أيهما أولاً: الوعي السياسي أم التجربة السياسية؟

الاثنين 23 يوليو 2018 02:07 ص

أذكر أني قبل أعوام كتبت مقالاً حول أهمية أن يسبق الوعي السياسي التجربة الديمقراطية مدعياً فيه أنه لا يمكن لتجربة ديمقراطية أن تنجح دون أن يكون هناك حد أدنى من الوعي السياسي لدى الناخب والمرشح ليدعمها.

بعدها بأيام خضت نقاشاً مع أحد أساتذة العلوم السياسية حول المقال أبدى فيه اعتراضه على الفكرة، فمن وجهة نظره لا يمكن أن يتشكل الوعي السياسي إلا من خلال تجربة سياسية، اليوم أجد نفسي أقرب لهذا الرأي وإن كانت وجهتا النظر تحملان وجاهة.

في قطر هناك ترقب كبير لانتخابات مجلس الشورى، التي أعلن أمير البلاد خلال خطابه الأخير أمام مجلس الشورى أنه وجه حكومته للإسراع في عرض قانونها على المجلس، هذا الترقب أطلق باب الحوار حول جاهزية المجتمع للديمقراطية.

هل الناخب القطري جاهز لاختيار المرشح الأمثل من خلال برنامج انتخابي لا من خلال القبيلة أو المجاملة الاجتماعية؟

وهل هناك مرشحون يمتلكون ما يكفي من الخبرة والدراسة للقيام بواجب التشريع؟

لا شك أن غياب الحياة السياسية عن قطر سابقاً لم يوفر ما يكفي من الفرص لتشكل هذا الوعي الجمعي وإن كانت هناك درجات متفاوتة من الوعي السياسي في المجتمع، التي تعززت بعد التجربة الأخيرة مع الحصار.

ولا شك أن العناصر مثل القبلية والعنصرية وغيرهما ستؤثر في العملية السياسية الناشئة ولكن هل يشكل هذا عائقاً أمام نمو تجربة ديمقراطية ناجحة؟

قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من التأكيد على أمر، وهو أن عراقة التجربة الديمقراطية لا تجعل من السواد الأعظم من المواطنين واعين سياسياً ولا تلغي أثر ثقافة المجتمع على سلوك الناخب، حتى في مجتمعات نعتبرها متقدمة ديمقراطياً.

فنجد أن ظاهرة عدم الاكتراث السياسي في نمو مستمر حيث لا تتجاوز نسبة من يشارك في الانتخابات في كثير من الدول الغربية نصف الذين يحق لهم التصويت، كما وجدت الخطابات الشعبوية العنصرية والفئوية مكاناً بارزاً لها في تلك المجتمعات اليوم.

الديمقراطية أينما ذهبت تجسد نمو المجتمع ونضجه وهذا النمو ليس تصاعدياً بالضرورة، فهناك مجتمعات يرتفع فيها الوعي ثم يعود لينخفض، يعلو فيها صوت المواطنة ثم يخفت أمام صيحات العنصرية والمناطقية.

فخط حياة المجتمعات متذبذب بحسب ما يصيب تلك المجتمعات من تغيرات وتحولات، فلا شك أن التجربة الديمقراطية ترشد الحراك المجتمعي ولكن العلاقة بين الديمقراطية والوعي السياسي ليست حتمية.

إذن ماذا يعني ذلك بالنسبة لمجتمعنا؟

هو يعني ببساطة أننا أمام تحول جديد في تجربتنا الاجتماعية، هذا التحول سيبدأ طريقه وعراً، سنتعلم معاً كمجتمع وننضج معاً كمجتمع، ستكون الأيام الأولى للحياة السياسية في قطر متذبذبة بين حماس البدايات والخوف من المجهول.

وسيكون دور النخبة المثقفة هو المساهمة الإيجابية في وضع التجربة على الطريق الصحيح، وسيكون على الدولة ومؤسساتها عبء كبير لضمان تحقيق التجربة لمبتغاها من خلال الموازنة بين الدور التنظيمي والتمكيني للدولة.

فيجب ألا تقف مؤسسات الدولة عائقاً أمام حوار اجتماعي حر وحياة سياسية نشطة بدعوى التنظيم، وفي الوقت نفسه يجب ضمان التزام التجربة بأعلى معايير الشفافية والاتزان من خلال التنظيم، المهمة ليست سهلة أمام المجتمع والدولة ولكنها تجربة تستحق أن نعطيها أقصى جهدنا ونوظف لها أفضل إمكاناتنا.

لا شك لدي أن القيادة في قطر حين قررت أن نخوض معاً هذه التجربة كان أهم ما يقود هذا القرار هو الثقة في المواطن القطري والرغبة في إشراكه بشكل كامل في بناء الوطن، وبالتالي تقع المسؤولية على عاتقنا كمواطنين لتحقيق هذا الهدف.

لذلك وبالتوازي مع الجهود الرسمية التنظيمية خلال الفترة القادمة نحن بحاجة لحوار مجتمعي ناضج تقوده مؤسسات المجتمع حول ما ينبغي أن تكون عليه هذه التجربة وكيف سنتعامل معها كمجتمع.

أما من يقول إن المجتمع غير جاهز وغير واع فهو كالأب الذي يمنع أبناءه من الذهاب إلى المدرسة بدعوى أنهم غير جاهزين لتعقيدات الدراسة فينتهي بهم الأمر جهلة إلى الأبد، فلنذهب جميعاً يداً بيد إلى مدرسة الديمقراطية.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

الوعي السياسي التجربة السياسية قطر الممارسة الديمقراطية القبلية والعنصرية العملية السياسية الناشئة الخطابات الشعبوية الفئوية والمناطقية عدم الاكتراث السياسي محمد كوثراني