لماذا ستمنح مصر جزءا من سيناء لإقامة دولة فلسطينية؟

الخميس 26 يوليو 2018 04:07 ص

على مدار العام الماضي، طرحت العديد من الأفكار حول التحول إلى نموذج جديد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والانتقال إلى ما وراء الوضع الراهن.

أبرز هذه الاقتراحات كان إقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة وذات سيادة في غزة، مع إضافة جزء من المنطقة الساحلية الشمالية لشبه جزيرة سيناء.

ونحن نعتقد اعتقادا راسخا أن هذه الخطة، التي نطلق عليها حل الدولة الجديدة، هي فكرة حان وقتها.

لقد أدت الأحداث الجارية في غزة إلى تغذية رغبة الولايات المتحدة في إيجاد حل للأزمة الإنسانية الوشيكة هناك؛ ما أسفر عن بيانات السياسة الخارجية الأمريكية التي تركز على غزة أكثر بكثير من الضفة الغربية.

ولعل السؤال الأكثر تواترا، الذي نسمعه بشأن حل الدولة الجديدة المقترح، هو لماذا توافق مصر على توسع غزة نحو جزء من شمال سيناء يشكل نحو 10% من شبه الجزيرة.

والإجابة هي أن مصر لديها العديد من المصالح الأساسية التي تتوافق مع حل الدولة الجديدة، الذي ينبع من المجالات الرئيسية الثلاثة، الاقتصاد والأمن والمكانة، سواء داخل العالم العربي أو خارجه.

التحديات المصرية

لدى مصر تاريخ غني يمتد لآلاف السنين.

وباعتبارها أكبر دولة في العالم العربي، حيث يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، فإنها تستضيف ما يقارب ربع السكان العرب على مستوى العالم.

لكن بدلا من قيادة المنطقة، تواجه مصر تحديات كبيرة في الوقت الراهن.

وتعاني البلاد من اقتصاد هش، وتتطلع الحكومة المصرية باستمرار لزيادة المعروض من الغذاء لسكانها.

ويكافح عشرات الملايين من المصريين يوميا للتمكن من إطعام عائلاتهم.

وفي حين تواصل الحكومة بذل قصارى جهدها لتحسين الوضع، لا تزال الدولة المصرية تعتمد بشكل كبير على القروض الخارجية من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها.

ولا تعتبر أزمة نهر النيل أقل إلحاحا.

إذ قد تنخفض إمدادات المياه العذبة في مصر عما قريب بسبب بناء رابع أكبر سد في العالم، ويقع في الجزء الذي تشغله إثيوبيا من منابع النهر.

وإذا تراجع الاقتصاد المصري بشكل أكبر لأي سبب من الأسباب؛ فهناك أرضية خصبة لمزيد من التوسع في التطرف.

وإلى جانب هذه التحديات الاقتصادية، تواجه مصر تهديدات أمنية دراماتيكية، بما في ذلك وجود تنظيم «الدولة الإسلامية»، ليس فقط في سيناء، لكن أيضا على الحدود الليبية.

ويتطلب نقل الأسلحة إلى مصر والعناصر المتطرفة على طول الحدود السودانية التزاما قويا ومستمرا من القوات المصرية من أجل السيطرة على الحدود الطويلة جدا.

وعلى مصر أن تتعامل مع حماس في قطاع غزة، وهي علاقة معقدة بالنظر لتمتع الحركة بروابط أيديولوجية قوية مع جماعة «الإخوان المسلمين» في الداخل، التي تم إسقاطها من السلطة في الآونة الأخيرة.

ولا يزال خطر جماعة «الإخوان المسلمين» يلوح في مصر مع نفوذها المستمر على ما يقرب من 30% من سكان مصر.

وبينما كان المصريون في يوم من الأيام قادة العالم العربي بلا منازع.

وفي حين بدأ الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما» في عام 2009 رحلته الأولى إلى المنطقة في القاهرة، انطلق الرئيس «دونالد ترامب» في رحلته الأولى إلى الشرق الأوسط لزيارة الرياض، في 2017.

ويبدو أن أقطاب النفوذ في العالم العربي تتحول.

وفي حين أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» الأنسب لمواجهة مثل هذه التحديات، إلا أن العقبات أمامه هائلة.

ومصر بحاجة إلى شيء دراماتيكي لضمان مستقبل أكثر إشراقا لشعبها.

لكن الرهانات عالية، وللنجاح أو الفشل في مصر تداعيات عالمية.

ولأنها مفتاح قناة السويس الحيوية من الناحية الاستراتيجية، التي تربط البحر المتوسط ​​بالمحيط الهندي، تعتبر مصر ملتقى حيوي في التجارة العالمية.

والعالم بحاجة لمصر مستقرة.

لكن لكي تكون مستقرة، تحتاج مصر إلى مشاركة من العالم الذي يركز على مناطق أخرى من الأزمات العالمية.

الفرص

من الناحية الاقتصادية، فإن حل الدولة الجديدة لديه القدرة على توفير استثمارات البنية التحتية الضخمة التي تحتاجها مصر، وكذلك فرص العمل التي يتطلبها مئات الآلاف من سكان غزة والبدو المحليين، الذين يمكنهم الاستفادة من برنامج الأعمال الفورية الذي يوفره تطوير دولة جديدة.

وستكون مصر المستفيد من الاستثمار العالمي الضخم في مبادرات الشراكة العامة والخاصة من المجتمع العالمي المتلهف لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وكتعويض عن الخطوة الشجاعة التي اتخذتها مصر لتخصيص ما يقرب من 10% من شبه الجزيرة للدولة الجديدة (وهي مساحة لا تقل عن مساحة قطاع غزة والضفة الغربية مجتمعين)، ستكون مصر هي المستفيدة من المساعدات الأمنية الدولية بتطهير شبه الجزيرة من العناصر الإرهابية، وتعزيز الحدود المذكورة في مواجهة التهديدات المتزايدة.

وستقدم الدولة الجديدة بديلا ملائما وجذابا للسكان الشباب المضطربين بعيدا عن التطرف، بينما تقوم (إسرائيل) وغيرها بإسهام عادل في هذا المشروع الملح والحاسم.

وباعتبارها صانعة الملوك في عملية سلام جديدة، فإن مصر، كدولة مانحة، ستستعيد مكانها في قلب القيادة الإقليمية وحتى العالمية.

وإذا تم تنظيمها بشكل صحيح، بدعم مصري ودولي، قد تؤدي هذه الخطة إلى مكاسب حاسمة وفي الوقت المناسب ومتبادلة بين جميع الأطراف المعنية.

ويعد الاقتصاد والأمن والمكانة هي المصالح الأساسية التي قد تجذب مصر لتقود الطريق لتحقيق هذه الخطة.

** المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

  كلمات مفتاحية

حل الدولة الجديدة صفقة القرن شمال سيناء قطاع غزة