«جيوبوليتيكال فيوتشرز»: هل يمكن أن ينقلب الحرس الثوري على «روحاني»؟

الأربعاء 1 أغسطس 2018 10:08 ص

يوم الثلاثاء، كتب قائد الحرس الثوري الإسلامي، «محمد علي جعفري»، رسالة إلى الرئيس الإيراني «حسن روحاني»، نشرتها فيما بعد وكالة «تسنيم» للأنباء، وهي وكالة إعلامية خاصة ذات علاقات قوية مع الحرس الثوري الإيراني.

وفي الرسالة، انتقد «جعفري» «روحاني» للانشغال بمحاربة أعدائه السياسيين، مما كان يحاول أكثر من محاولة حل المشاكل الاقتصادية في البلاد، والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم، مع اقتراب التضخم من الخروج عن السيطرة.

وشجع «جعفري» «روحاني» على اتخاذ «إجراء ثوري» غير محدد للحد من الأسعار، مؤكدا أنه يجب على كل إيران التكاتف لتقديم العون إلى أكثر شرائح المجتمع ضعفا.

وتشير الرسالة إلى الشدائد والصعوبات التي تواجهها إيران في الأيام القليلة الماضية.

وانخفض سعر صرف السوق السوداء للريال الإيراني إلى 122 ألفا مقابل الدولار، في حين انخفض سعر الصرف الرسمي إلى 44 ألفا. وأصبح سعر السوق السوداء الآن أكثر من ضعف ما كان عليه في أبريل/نيسان، عندما بدا لأول مرة أن انخفاض سعر الريال، والاحتجاجات التي تلت ذلك، قد تهدد فعليا حكومة «روحاني».

ويوم الإثنين، أصدر محافظ البنك المركزي الجديد بيانا قال فيه إن البنك سيسن إجراءات استثنائية في الأيام المقبلة، ومع ذلك، يستمر الريال في الانخفاض، وتظهر المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات تتجمع في جميع أنحاء البلاد مرة أخرى.

وليس سرا أن إدارة «روحاني» والحرس الثوري الإيراني كثيرا ما يختلفان مع بعضهما البعض.

وكان لـ«روحاني» نفسه خطة لتقويض نفوذ الحرس الثوري الإيراني؛ حيث أراد استخدام الأموال التي استردها عبر الاتفاق النووي الإيراني لتحسين الاقتصاد، وبالتالي استعادة بعض السلطة من الحرس الذي يُعتقد أنه يسيطر على ما يصل إلى 60% من الاقتصاد الإيراني.

وفي الواقع، كان «روحاني» يحاول بالفعل تغيير الوضع الراهن، حتى أنه ذهب إلى حد إلقاء القبض على بعض أعضاء الحرس الثوري وإجبار الشركات التي يسيطر عليها الحرس على نقل ملكيتها إلى الدولة، وكان لدى «روحاني» الكثير من الدعم في هذا الصدد، ليس فقط من الفصيل الإصلاحي الذي يتزعمه، بل من المرشد الأعلى نفسه.

لكن مشكلة «روحاني» هي أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني دمر خطته كلها.

ومع اقتراب الاقتصاد الإيراني بالفعل من الدخول في الفوضى بسبب عودة العقوبات في أغسطس/آب، فمن غير الواضح كيف يمكن للرئيس أن يصنع خطة جديدة. ولدى إيران نحو 90 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي، ورغم أن هذه الاحتياطيات قد تشتري بعض الوقت للحكومة، إلا إنها لن تشتري الكثير منه.

وحاولت الحكومة بالفعل دعم الريال في أبريل/نيسان، لكن السياسة فشلت بسرعة، مما أجبر طهران على التوقف عن ذلك في يونيو/حزيران.

كما جربت الحكومة نهج كبش الفداء، بعد أن اعتقلت مؤخرا نحو 60 شخصا، واتهمتهم «بالإخلال بالاقتصاد»، لكن احتجاز هؤلاء الأشخاص لم يقنع أحدا بأن الاقتصاد أصبح الآن في صحة جيدة.

أما بالنسبة للحرس الثوري، فهو ليس مهتما بإزالة «روحاني» من السلطة، على الأقل ليس عن طريق الانقلاب.

ويستمد الحرس الثوري الإيراني شرعيته من دوره كحام للثورة، وسيكون الانقلاب موضع تساؤل.

ويهتم الحرس الثوري الإيراني أكثر باستيعاب النظام، والسيطرة على السلطة فيه أكثر من الاهتمام بالإطاحة بالنظام نفسه.

وقد لا يتوافق الحرس مع «روحاني» في جميع الأمور المتعلقة بالدولة، لكن الانتفاضات، وعدم اليقين قد يصبحان أكثر ضررا من رئيس يختلفون معه.

وبالتالي، ليس من الواضح ما الذي كان يعنيه «جعفري» في رسالته عندما دعا إلى اتخاذ إجراء ثوري.

وما هو واضح هو أن الحرس الثوري الإيراني يمنح «روحاني» حبلا طويلا ليشنق نفسه، بينما يرسل رسالة مفادها أنه يقف مع الشعب الإيراني.

وبالقيام بذلك، فإنه يقلل من نفوذ «روحاني»، ويبعد سهام الغضب بعيدا عن الحرس الثوري، الذي أثارت طموحاته المكلفة في العراق وسوريا ولبنان غضب المحتجين.

وحتى لو قامت إدارة «روحاني» بالنجاح في الوصول بالوضع لحالة الاستقرار، فلا يزال هناك حاجة لمسار واضح للنجاح الاقتصادي، مما يزيد من احتمال فوز مرشح مؤيد للحرس الثوري الإيراني في الانتخابات المقبلة.

وعلى عكس ما حدث في الماضي، فإن هؤلاء المتظاهرين ليسوا مجرد طلاب، ولكنهم مواطنون عاديون يفقدون مدخراتهم بسرعة، ويكافحون من أجل إطعام أبنائهم.

وحتى الآن، لا تزال أعدادهم صغيرة بما لا يكفي لأن تهدد الحكومة، ولكن إذا استمرت قيمة الريال في الانخفاض، وظل التضخم يرتفع، قد لا يكون هذا هو الحال لفترة طويلة.

ويبدو أن خطاب الحرس الثوري الإيراني يستعد لنتيجة قد تضطر فيها إيران إلى استدعاء الحرس الثوري الإيراني لتطهير الشوارع واستعادة النظام، وهو ما سيتعين على الحرس الثوري الإسلامي أن يفكر في كيفيته من الآن.

ومن غير المرجح أن يحدث هذا، ولكن الوضع الآن لا يمكن تجاهله.

وكلما ازداد الوضع سوءا بالنسبة لكل الإيرانيين، وكلما كان من الصعب على النخب الاقتصادية الإيرانية جني المال، فإن فرص التحركات غير المتوقعة على الأرض قد تزداد، كما ترتفع احتمالية أن يؤدي حدث ما إلى حركة احتجاج عفوية كبيرة بما يكفي لفرض قرارات صعبة للغاية على القيادة الإيرانية.

ويظهر قيام الحرس الثوري الإيراني بالتحوط في رهاناته مدى خطورة الموقف، وإن كان لا يزال بعيدا عن التحقق.

  كلمات مفتاحية

محمد علي جعفري الحرس الثوري الإيراني الاحتجاجات الإيرانية حسن روحاني