هل تفرض الأمم المتحدة عقوبات على الإمارات بسبب حصار قطر؟

الخميس 2 أغسطس 2018 10:08 ص

يعد انتصار قطر الطفيف في محكمة العدل الدولية أمرا رمزيا من الناحية العملية، لكن فيما يتعلق بالمواجهة بين قطر والكتلة التي تقودها السعودية، فإن المعركة على الرأي العام تظل أساسية.

وفي 23 يوليو/تموز، قضت محكمة العدل الدولية بأن بعض الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة ضد قطر منذ نشوب النزاع في الخليج كانت تنتهك القانون الدولي.

ووجدت محكمة العدل الدولية أن الإمارات مذنبة في مخالفة المادتين 1 و5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ولم تقم دولة قطر برفع هذه الدعوى إلا ضد دولة الإمارات، لأن الأعضاء الآخرين في تحالف الحصار (البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية) ليسوا من الموقعين على الاتفاقية.

وفي النهاية، قبلت محكمة العدل الدولية 3 من الإجراءات المؤقتة الـ9 التي طلبتها قطر، والتي تنص على أنه يجب على السلطات الإماراتية جمع شمل أفراد العائلات التي فصلها الحصار الجوي، والسماح للطلاب القطريين بالسفر بحرية لإنهاء دراستهم في الإمارات، ومنح المواطنين القطريين إمكانية الوصول إلى الخدمات القضائية في الإمارات.

واستجاب المسؤولون والإعلاميون القطريون والإماراتيون لحكم محكمة العدل الدولية بشكل مختلف، حيث صور كل الطرف القرار بأنه لصالحه. وقد رحبت قيادة قطر وصحافتها بالحكم على أنه انتصار للدوحة وللنظام الدولي.

وصرحت وزارة الخارجية القطرية قائلة: «إن دولة قطر مسرورة جدا لأن المحكمة لم تتأثر بمحاولات التنصل من الحقائق وتغييرها، واتخذت خطوات حاسمة لتقليل تأثيرها على شعبنا ... وهذه هي الخطوة الأولى في صراع طويل من أجل الدفاع عن حقوقنا، لكنها ترسل إشارة قوية مبكرة إلى الإمارات بأن أعمالها لن يتم التسامح بشأنها، وستقوم قطر الآن بالضغط، ونثق بأن الإمارات ستفي بالتزاماتها الدولية وتلتزم بأمر المحكمة في الوقت الحالي».

وأفادت وكالة أنباء الإمارات، المملوكة للدولة، كيف أن القرار أثبت أن حجج الدوحة «لا أساس لها من الصحة، ولم تكن مدعومة بالأدلة». وذهب وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة الإمارات «أنور قرقاش» إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتأكيد ذلك. وقال: «رفض القضاة الطلبات القطرية»، في إشارة إلى 6 طلبات من أصل 9 رفضتها محكمة العدل الدولية.

وذكرت صحيفة «غالف نيوز» أن «الإمارات رحبت بالقرار»، وأن «محكمة العدل الدولية رفضت منح قطر أيا من التدابير المؤقتة التي طلبتها تحديدا». وواصلت الصحيفة اليومية، التي تتخذ من دبي مقرا لها: «من خلال هامش ضيق للغاية، أشارت المحكمة إلى بعض الإجراءات، والتي تمتثل لها الإمارات بالفعل. ويعكس قرار محكمة العدل الدولية أن التدابير المؤقتة التي تسعى إليها قطر لا أساس لها من الصحة. وبدلا من هذه المناورات غير المنتجة، ينبغي على قطر أن تتعامل مع الاهتمامات المشروعة لدولة الإمارات والدول الثلاث الأخرى التي أنهت العلاقات مع قطر بشأن دعمها المستمر للإرهاب».

الرجوع إلى القانون

وعلى الرغم من أن القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية ليس هو القرار النهائي، إلا أنه ساعد قطر في جهودها لتحويل أجهزة القانون الدولي إلى رفع دعوى ضد الإمارات ودول أخرى من أعضاء التحالف ضدها، الذي تتهمه الدوحة بفرض الحصار بشكل غير قانوني منذ 5 يونيو/حزيران 2017.

ومع ذلك، ما يهمنا أكثر هو كيف يؤثر القرار فعليا على أرض الواقع.

وتنفي الإمارات أنها مارست تمييزا ضد المواطنين القطريين، وقدمت أدلة لمواجهة مزاعم الدوحة بالتمييز ضد المواطنين القطريين العاديين.

وعلى الرغم من افتقار محكمة العدل الدولية لسلطة لتنفيذ هذا الحكم، فمن المرجح أن تتعرض أبوظبي لضغوط دبلوماسية دولية متنامية لتنفيذ القرار. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الضغط العالمي على الإماراتيين لحل الأزمة القطرية دبلوماسيا لم يدفع أبوظبي نحو تقديم تنازلات للدوحة منذ يونيو/حزيران 2017، فمن المشكوك فيه أن أوامر محكمة العدل الدولية هذه ستجعل الإمارات تتقبل مطالب قطر.

وإذا رفضت الإمارات القيام بذلك، والذي يبدو مرجحا استنادا إلى رد الفعل الإماراتي، فيمكن لقطر الذهاب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن من غير الواضح كيف سيتصرف مجلس الأمن فعليا. ومما لا شك فيه أن إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يفرض على أبوظبي تطبيق قرار محكمة العدل الدولية قد يؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية دولية على دولة الإمارات، الأمر الذي سيجعل الإمارات الأخرى في الدولة الاتحادية تدفع تكلفة كبيرة لسياسة أبوظبي بشأن قطر.

وفي حين أن النتائج القانونية لهذا الحكم وتأثيره طويل الأمد على الإمارات يصعب التنبؤ به، إلا أنه في الحرب الكلامية الإماراتية القطرية، فإن هذا القرار من أعلى محكمة في الأمم المتحدة يصبح أكثر أهمية. ويضفي الحكم شرعية حجة قطر بأن الحصار ينتهك القانون الدولي، وأن القطريين كانوا ضحايا للتمييز غير القانوني.

ومع ذلك، حتى لو كانت الأسئلة المتعلقة بمشروعية الحصار تبدو واضحة الأجابة، على الأقل في الوقت الراهن، من قبل محكمة العدل الدولية، فإن المناقشات حول العوامل الأيديولوجية التي تقوم عليها أزمة قطر ستستمر بالتأكيد.

ويحاول بعض المشرعين الأمريكيين إقناع وزارة الخارجية بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو ما يدفع لإدانة قطر لعلاقاتها مع الجماعات «الإسلامية» في الخارج، وهو ما يظهر كيف أن شريحة من النخبة في العاصمة الأمريكية تنظر أساسا إلى الإسلام السياسي والدور الذي يلعبه في السياسة الخارجية للدوحة من خلال العدسة الإماراتية.

وفي الوقت الحالي، يبدو أن أزمة قطر ليست لها نهاية في الأفق، وقد تمتد حرب العلاقات العامة الإماراتية القطرية في واشنطن ولندن والعواصم الغربية الأخرى لأعوام عديدة مقبلة.

ومن المرجح أن تحظى قطر بمزيد من التعاطف داخل الدول الغربية الديمقراطية، من خلال تأطير نضالها في إطار صراع حول حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية، علاوة على ذلك، بعد تحقيق هذا الانتصار في محكمة العدل الدولية، تثبت قطر أنه «قد يكون من الصواب» في النزاعات الخارجية أن مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية هي المكان الذي يجب أن يذهب إليه الأعضاء المسؤولون في المجتمع الدولي للحصول على قرارات سلمية بشأن المشاكل بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

المصدر | جورجيو كافييرو - تي آر تي وورلد

  كلمات مفتاحية

محكمة العدل الدولية قطر الأزمة الخليجية دول الحصار الإمارات حصار قطر الأزمة الخليجية