ف.بوليسي: خطة "كوشنر" لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر قتل "الأونروا"

السبت 4 أغسطس 2018 06:08 ص

يحاول صهر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وكبير مستشاريه "غاريد كوشنر" بهدوء التخلص من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة التي وفرت الغذاء والخدمات الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين لعقود.

وتأتي محاولات "كوشنر" في إطار حملة أوسع نطاقا من جانب إدارة "ترامب" وحلفائها في الكونغرس لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة وإخراج قضيتهم من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وفقا لمسؤولين أمريكيين وفلسطينيين. وهناك قانونان على الأقل يشقان طريقهما في الكونغرس لأجل هذه القضية.

وكان "كوشنر" المكلف من قبل "ترامب" بملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مترددًا في التحدث علانية عن أي جانب من جوانب دبلوماسيته في الشرق الأوسط وتعد خطته للسلام التي يعمل عليها مع مع مسؤولين أمريكيين آخرين منذ 18 شهرا واحدة من أكثر الوثائق سرية في واشنطن.

لكن موقفه من قضية اللاجئين وعداءه تجاه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، (الأونروا)، يبدو واضحا كما يظهر في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي كتبها "كوشنر" وآخرون في وقت سابق من هذا العام وحصلت عليها مجلة فورين بوليسي.

حملة ضد الأونروا

وكتب "كوشنر" عن الوكالة في واحدة من تلك الرسائل الإلكترونية - بتاريخ 11 يناير/كانون الثاني - الموجهة إلى عدد من المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم "جيسون جرينبلات" مبعوث "ترامب" للسلام في الشرق الأوسط،: "من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا".

وأَضاف: "هذه الوكالة تديم الوضع الراهن وهي فاسدة، وغير فعالة ولا تساعد على السلام".

وساعدت الولايات المتحدة في تمويل الأونروا منذ تأسيسها في عام 1949 لتوفير الإغاثة للفلسطينيين النازحين من منازلهم بعد قيام (إسرائيل) والحرب الدولية التي تلت ذلك. واعتبرت الإدارات السابقة الوكالة مساهما حاسما في استقرار المنطقة.

لكن العديد من مؤيدي (إسرائيل) في الولايات المتحدة يرون اليوم الأونروا كجزء من بنية تحتية دولية أبقت قضية اللاجئين حية بشكل مصطنع وألقت الآمال بين الفلسطينيين في المنفى بأنهم قد يعودوا يوما ما إلى ديارهم، وهو احتمال تستبعده (إسرائيل) بشكل قاطع.

ويشير منتقدو الوكالة بشكل خاص إلى سياستها في منح وضع اللاجئ ليس فقط لأولئك الذين فروا من فلسطين الانتدابية منذ 70 عامًا، بل إلى أحفادهم أيضًا، وهو ما يرفع عدد اللاجئين إلى حوالي 5 ملايين شخص، يعيش ثلثهم تقريبًا في المخيمات في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة.

ومع إبعاد الأونروا، تبدو إدارة "ترامب" مستعدة لإعادة صياغة شروط قضية اللاجئين الفلسطينيين لصالح (إسرائيل) كما فعلت في قضية رئيسية أخرى في ديسمبر/كانون الأول، عندما اعترف "ترامب" بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).

وفي نفس رسالة البريد الإلكتروني المشار إليها سلفا كتب "كوشنر": "لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هي. أحيانًا يكون عليك أن تخاطر بكسر الأشياء القائمة من أجل الوصول".

أثار "كوشنر" قضية اللاجئين مع المسؤولين في الأردن خلال زيارة للمنطقة في يونيو/حزيران، جنبا إلى جنب مع «جرينبلات».

ووفقاً لمسؤولين فلسطينيين، فقد ضغط على الأردن لتجريد أكثر من مليوني فلسطيني مسجلين من صفتهم كلاجئين حتى لا تعود الأونروا بحاجة إلى العمل هناك.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "حنان عشراوي": "يرى كوشنر أن اللاجئين يجب أن تتم إعادة توطينهم في الدول المضيفة وأن تلك الحكومات يمكن أن تؤدي المهمة التي تقوم بها الأونروا".

وقالت إن إدارة "ترامب" تريد من دول الخليج العربية الغنية أن تغطي التكاليف التي قد تتكبدها الأردن في هذه العملية.

وقالت "حنان عشراوي": "إنهم يريدون أن يتخذوا قرارا خطيرا وغير مسؤول ستعاني منه المنطقة بأسرها".

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين "صائب عريقات"، للصحفيين في يونيو/ حزيران إن وفد "كوشنر" مستعد لوقف تمويل الأونروا كلية وبدلا من ذلك، توجيه الأموال - حوالي 300 مليون دولار سنويا- إلى الأردن والبلدان الأخرى التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين.

وأَضاف: "كل ذلك يهدف في الواقع لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين".

واقترح "كوشنر" و"نيكي هالي"، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إنهاء تمويل الأونروا في يناير/كانون الثاني، لكن وزارة الخارجية والبنتاغون ومجتمع الاستخبارات عارضوا هذه الفكرة، خوفًا من أن تثير العنف في المنطقة.

وفي الأسبوع التالي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة ستخفض أول دفعة بقيمة 125 مليون دولار من مدفوعاتها السنوية إلى الأونروا بأكثر من النصف، وصولا إلى 60 مليون دولار فقط.

وكتب "كوشنر" في نفس البريد الإلكتروني: "كانت الأونروا تهددنا منذ ستة أشهر بأنهم إذا لم يحصلوا على المال فإن مدارسهم ستغلق لكن لم يحدث شيء من ذلك".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "هيذر ناويرت" في ذلك الوقت إن الولايات المتحدة لا تنوي التخلص من تمويل اللاجئين الفلسطينيين، وإن الأمر يستغرق بعض الوقت لاستكشاف طرق لإصلاح الأونروا ولإقناع الدول الأخرى بمساعدة واشنطن على تحمل العبء المالي لمساعدة الفلسطينيين.

لكن في اليوم التالي، أرسلت "فيكتوريا كواتس"، وهي كبيرة مستشاري "غرينبلات"، رسالة إلكترونية إلى موظفي الأمن القومي بالبيت الأبيض تشير إلى أن البيت الأبيض يدرس طريقة للقضاء على وكالة الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين.

وجاء في الرسالة: "ينبغي على الأونروا أن تفكر في خطة لحل نفسها وأن تصبح جزءا من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين".

وتضمنت الرسائل اقتراحات أخرى ومنها الطلب من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة العمل وفق موازنة شهرية ووضع "خطة لإزالة الأفكار المعادية للسامية من المواد التعليمية".

تشريعات داعمة لـ(إسرائيل)

ويبدو أن معظم تلك الأفكار تتماشى مع المقترحات التي قدمتها (إسرائيل) في أوقات سابقة.

وقال المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن "إيلاد ستروماير": "نعتقد أن الأونروا يجب أن تنتهي لأنها منظمة تكافح سياسيا ضد إسرائيل وتديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين".

وقال "ستروماير" إن الفلسطينيين هم الوحيدون الذين يتوارثون صفة لاجيء عبر الأجيال.

ولكن ذلك الادعاء الإسرائيلي لا يبدو صحيحا تماما.

وفي تقرير داخلي يعود إلى عام 2015، أشارت وزارة الخارجية إلى أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "تعترف بأحفاد اللاجئين كلاجئين ضمن أعمالها".

وقال التقرير، الذي رفعت عنه السرية مؤخراً، إن أحفاد الأفغان والبورميين والصوماليين وغيرهم معترف بهم من قبل الأمم المتحدة كلاجئين.

ومن بين 700 ألف من اللاجئين الفلسطينيين الأصليين لا يزال عشرات الآلاف فقط على قيد الحياة بحسب التقديرات.

لكن الضغط من أجل حرمان معظم اللاجئين الفلسطينيين من صفتهم يكتسب زخما في الكونغرس.

وفي الأسبوع الماضي، قدم النائب "دوج لامبورن"، وهو جمهوري من ولاية كولورادو، مشروع قانون من شأنه أن يحد المساعدات الأمريكية للاجئين لتنحصر في اللاجئين الأصليين فقط.

ويقترح القانون توجيه الأموال الأمريكية التي يتم توفيرها إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وهي وكالة التنمية الدولية الرئيسية في الولايات المتحدة والمحكومة بقانون تايلور الذي يقيد تقديم المساعدات الإنسانية للسلطة الفلسطينية إلى أن تنتهي سياسة تقديم المساعدات لأسر من تصفهم الولايات المتحدة و(إسرائيل بالتبعية) بالإرهابيين.

وجاء في مشروع قانون "لامبورن": "بدلاً من إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين النازحين نتيجة للصراع العربي الإسرائيلي عام 1948، تقدم الأونروا مساعدات إلى أولئك الذين تعرفهم كلاجئين فلسطينيين حتى يكون هناك حل يعتبرونه مقبولاً للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

ويضيف المشروع: "هذه السياسة لا تساعد في إعادة توطين اللاجئين من عام 1948، بل تحافظ على وجود اللاجئين إلى الأبد".

وقال أحد مساعدي الكونغرس المطلعين على التشريع إن هدفه ليس قطع تمويل الأونروا تحديدا ولكن توجيه المساعدات إلى أحفاد اللاجئين من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

ويعني ذلك أن هؤلاء ربما يستمرون في تلقي المساعدات ولكن من نزع صفة اللاجئين عنهم.

وبالمثل، قام السناتور جيمس لنكفورد" من أوكلاهوما بصياغة تشريع يعيد توجيه التمويل الأمريكي بعيداً عن الأونروا والوكالات المحلية والدولية الأخرى.

ويطالب مشروع القانون الذي لم يتم تقديمه بعد أن يصادق وزير الخارجية الأمريكي على إنهاء الأمم المتحدة اعترافها بالنازحين الفلسطينيين كلاجئين بحلول عام 2020.

وجاء في مسودة القانون: "يجب على الأمم المتحدة تقديم المساعدة للفلسطينيين بطريقة توضح أنها لا تعترف بالغالبية العظمى من الفلسطينيين المسجلين حالياً من قبل الأونروا كلاجئين يستحقون وضع اللاجئ".

وأكدت الإدارات الأمريكية السابقة أن الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يتم استيعابهم في نهاية المطاف في دولة فلسطينية جديدة أو أن يتم تجنيسهم في الدول التي استضافتهم لأجيال.

وكان من المتوقع أن يتم الاتفاق على مصير قضية اللاجئين كجزء من اتفاقية سلام شاملة تسفر عن إقامة دولة فلسطينية.

وقالت "لارا فريدمان"، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط: "من الواضح جداً أن الهدف الرئيسي هنا هو القضاء على اللاجئين الفلسطينيين كقضية من خلال إعادة تعريفهم".

وأضافت: "هذا لن يجعل السلام سهلا لكنه سيكون أكثر صعوبة".

المصدر | فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

كوشنر ترامب الأونروا صفقة القرن اللاجئين الفلسطينيين

الإحتلال الإسرائيلي يحظر عرض فيلم يوثق اجتياح جنين