"ستراتفور": ماذا يعني استعداد الصين لدعم "الأسد" عسكريا بإدلب؟

الاثنين 6 أغسطس 2018 03:08 ص

سلط تقرير لمركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأمريكي الضوء على إعلان الصين استعدادها مساعدة جيش النظام السوري عسكريا في معارك إدلب.

ويرى المركز الأمريكي أن الطريقة التي تتفاعل بها الصين، الدولة القوية على نحو متزايد التي تخوض منافسة القوى العظمى مع الولايات المتحدة، سوف يكون لها آثار عالمية كبيرة.

وقد تكون سوريا بمثابة اختبار رئيسي لاستعداد الصين للتدخل على نطاق عالمي بطريقة أكثر مباشرة في السعي وراء مصالحها.

ماذا حدث؟

أثار سفير الصين في سوريا، بالإضافة إلى ملحقها العسكري في البلاد، إمكانية القيام بعمليات عسكرية صينية في سوريا إلى جانب الحكومة السورية.

وذكر السفير الصيني "تشي كيانجين" أن "الجيش الصيني مستعد للمشاركة بشكل أو بآخر إلى جانب الجيش السوري في محاربة الإرهابيين في إدلب وفي أي جزء آخر من سوريا"، بينما قال الملحق العسكري "وونغ روي تشانغ" إن الجيش الصيني يمكنه المشاركة في عملية لاستعادة السيطرة على "إدلب" التي يسيطر عليها المتمردون، إذا اتخذت بكين القرار السياسي بأن تفعل ذلك.

ومن المهم التأكيد على أن كلا البيانين ليسا تأكيدا على أن الصين على وشك إرسال قوات عسكرية للمشاركة في العمليات القتالية في سوريا.

ومع ذلك، فإن التعليقات، إذا كانت صحيحة، تشير إلى تغيير كبير في العقلية الصينية بالنسبة للسياسة الخارجية في المناطق البعيدة عن الصين.

لماذا يهم ذلك؟!

وفقا لـ"ستراتفور"، من شأن المشاركة العسكرية الصينية النشطة في سوريا أن تشكل خطوة كبيرة إلى الأمام بخصوص المشاركة الصينية الشاملة في الشرق الأوسط، وفي الشأن العالمي كذلك.

وباستثناء العمليات في إطار ولاية الأمم المتحدة لحفظ السلام، تجنبت الصين إلى حد كبير العمليات العسكرية خارج حدودها أو بعيدا عن منطقتها المباشرة، ويمكن لعملية عسكرية في سوريا أن تفتح الباب لمزيد من مثل هذه المشاركات الصينية في جميع أنحاء العالم.

كما أن الصين قلقة منذ فترة طويلة من وجود مسلحين من "الإيغور" في الحزب الإسلامي التركستاني، الذي يعمل في "إدلب".

ونظرا للخبرة القتالية المكثفة للفرع السوري من الحزب وقدراته الكبيرة، تهتم بكين بمراقبة هؤلاء المسلحين قبل أن يعود بعضهم إلى آسيا الوسطى أو حتى إلى الصين.

وفي المقام الأول، من المنطقي بالنسبة للصين أن تفكر في مشاركة أكثر نشاطا في معركة لاستعادة إدلب.

ومع ذلك، حتى لو شاركت الصين في الحملة لاستعادة إدلب، وهو أمر بعيد كل البعد عن اليقين، فستظل المشاركة منخفضة إلى حد كبير.

ويرى "ستراتفور" أن تركيز الصين في إدلب سيكون على مراقبة قادة الحزب الإسلامي التركستاني الرئيسيين، والقضاء على مقاتليه.

ولهذه الغاية، فإن نشر القوات الصينية على الأرجح سيشمل في المقام الأول المستشارين العسكريين وأفراد الاستخبارات، وربما بعض قوات العمليات الخاصة للقيام بمهام محددة مباشرة.

وفيما يتعلق بهذه الأخيرة، فمن المرجح أن ينطوي هذا على نشر محدود للوحدات المتخصصة من قوات الشرطة المسلحة الصينية الشعبية، مثل وحدة "سنوب ليوبارد كوماندوز"، التي تتمتع بتجربة كبيرة في مكافحة الإرهاب.

ومع ذلك، حتى مثل هذا الالتزام منخفض المستوى من جانب الصين سوف يمثل خروجا ملحوظا عن الاستراتيجية الصينية الشاملة، وسوف يشير إلى نهج جديد من جانب بكين لمشاركتها في الشرق الأوسط.

المخاطر

إذا قررت الصين الخوض في مستنقع إدلب، فسيكون عليها أن تستوعب العدد الكبير من الأطراف المعنية، بما في ذلك روسيا وتركيا وإيران.

وتقع إدلب من الناحية الفنية تحت ترتيب "خفض التصعيد"، الذي وافقت عليه الدول المدرجة في عملية السلام بـ"أستانة"، ومع ذلك، لا تزال هناك اختلافات كبيرة بين روسيا وتركيا وإيران.

وتسعى أنقرة، التي قدمت الدعم إلى الحزب الإسلامي التركستاني في الماضي، إلى الحفاظ على منطقة "خفض التصعيد"، ومنع هجوم موالٍ قد يسفر عن انتقال واسع آخر للاجئين إلى تركيا.

كما تحرص موسكو على الحفاظ على اتفاقها مع تركيا في مجال خفض التصعيد، ولكنها أصبحت غير راضية عن استمرار وجود فصائل خطيرة في إدلب مثل الحزب الإسلامي التركستاني، وهيئة تحرير الشام، التي تواصل مهاجمة الأهداف الروسية والموالية للنظام.

وأخيرا، تفضل طهران ودمشق إلغاء اتفاقية منطقة "خفض التصعيد"، وإطلاق هجوم كامل على "إدلب"، لكنهما قلقان من السير دون دعم روسي نشط، نظرا للوجود التركي الكبير في المحافظة.

وتؤكد كل هذه الاعتبارات على أن الصين يجب أن تدرس بعناية أي تدخل عسكري في سوريا، خاصة في إدلب.

وسيكون التنسيق الدقيق مع روسيا والحكومة السورية وتركيا ضروريا لبكين لتجنب التعقيدات الخطيرة في سوريا، خاصة بالنظر إلى بصمتها الصغيرة في سوريا مقارنة بالدول الأخرى.

ما ننتظره لاحقا

ويشير "ستراتفور" إلى أن علينا أن ننتظر مزيدا من التوضيحات أو البيانات من المسؤولين الصينيين فيما يتعلق بنواياهم في سوريا، وعلينا كذلك أن نستكشف أي مفاوضات بين روسيا وإيران وسوريا وتركيا والصين حول وضع إدلب، وكذلك تعبئة القوى التي قد تستعد لمعركة على الإقليم.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

معركة إدلب الجيش الصيني تركيا إيران روسيا مناطق خفض التوتر