"أوراسيا ريفيو": هل يصمد التحالف الروسي الإيراني في سوريا؟

الاثنين 6 أغسطس 2018 08:08 ص

اعتبر العالم، على نطاق واسع، الحرب الأهلية المستمرة في سوريا، التي نشرت المآسي والدمار بين المواطنين، وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط بأكمله، واحدة من أكثر الصراعات تدميرا في القرن الحادي والعشرين، ليس فقط من حيث الخسائر البشرية، ولكن أيضا من حيث اتساع دائرة الجماعات المسلحة المعنية بالصراع بشكل مباشر.

وما يعقد الوضع أكثر هو المشاركة الخارجية للبلدان، إلى جانب دخولها في تحالفات ضد مصالح بعضها البعض.

وقد غيرت المشاركة الخارجية لكل من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والمحور الروسي الإيراني، طبيعة الصراع بشكل كبير، وحولت المعركة من كونها حربا أهلية تقليدية إلى سلسلة من الحروب بالوكالة شملت قوى إقليمية وعالمية، ووسعت نطاق الأزمة الإنسانية.

ولقد حظي التعاون العملي بين روسيا وإيران باهتمام كبير، نظرا لتلاقي المصالح من جهة واختلافها من جهة أخرى.

ويتمتع هذا المحور الثنائي بإمكانات كبيرة لتشكيل النظام الإقليمي للشرق الأوسط، وهو بديل كبير لموازنة القوة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة.

وقد تم زرع بذور الحرب الأهلية في سوريا عبر الفوضى الخصبة الناتجة عن ثورات الربيع العربي، التي أسفرت عن الإطاحة بزعماء تونس ومصر، من قبل الناشطين المؤيدين للديمقراطية.

وسرعان ما انتشرت الاضطرابات في سوريا، التي كان لها تاريخ من التوترات الطائفية بين الأغلبية من السكان السنة، والأقلية العلوية الحاكمة.

وشهدت التوترات المتصاعدة قيام حزب البعث السوري الحاكم، بقيادة زعيمهم "بشار الأسد"، بالرد بشن حملات قمع شديدة على المتظاهرين في مارس/آذار من العام 2011، وهو عمل أدى إلى دوامة من العنف المطول تسبب في نشر البؤس والموت والدمار في جميع أنحاء البلاد.

وفي أعقاب القمع العنيف للمتظاهرين، انتشر العنف في جميع أنحاء البلاد، مع تشكل ميليشيات تدعم الحكومة، بينما قاتل آخرون ضد دمشق.

وبالإضافة إلى ذلك، انشق العديد من أفراد القوات المسلحة السورية لتشكيل "الجيش السوري الحر"، تحت قيادة "رياض الأسعد"، وهو عسكري كبير في الجيش كان في الخمسينات من عمره، والذي أعلن تشكيل المجموعة بعد مغادرته إلى تركيا عام 2011.

وعلى الرغم من أن النزاع لم يمتلك في البداية الطابع الطائفي، رغم الجماعات المتمردة التي لا تعد ولا تحصى، والإمدادات السخية من الأسلحة من قوى أجنبية مثل الولايات المتحدة وتركيا، سرعان ما اشتعلت ​​التوترات الطائفية، حيث وقف الشيعة والمسيحيون والأقليات الأخرى إلى حد كبير داعمين لنظام "الأسد"، بينما وقفت الميليشيات السنية بشكل رئيسي، وكذلك تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا ضده.

التدخل الخارجي

ولعب التدخل الخارجي والدعم الخارجي دورا رئيسيا في تشكيل الصراع، وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة من حلفائها في الصراع عام 2014، بدعم الجماعات المناهضة لـ"الأسد"، وشنوا حربا دعائية كبيرة ضد الجماعات التي تعمل في سوريا والعراق، وركزوا جهودهم بشكل رئيسي ضد "تنظيم الدولة".

وقد أكد رئيس الناتو "ينس ستولتنبرغ"، في أبريل/نيسان عام 2018، أن الناتو كان يدعم الهجمات الجوية الأمريكية في سوريا ضد كل من "تنظيم الدولة" ونظام "الأسد".

وقد تحول الدعم الأولي للجماعات المناوئة لـ"الأسد"، والذي كان في الغالب على شكل مساعدات بسيطة، إلى عمليات عسكرية لاحقا على الأرض.

ودخلت روسيا الصراع في سبتمبر/أيلول عام 2015، استجابة للطلب المستمر من حكومة "الأسد"، مبررة تدخلها العسكري على أساس استعادة الاستقرار في البلاد، والحفاظ على وحدة أراضي سوريا، ومنع تغيير النظام.

وبالنسبة لروسيا، تعد سوريا أيضا موطنا لقاعدة "طرطوس" البحرية، التي تتمركز على البحر الأبيض المتوسط، ويعد هذا المرفق بمثابة منفذ لخدمة السفن الحربية الروسية، وهو القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا على أراض أجنبية.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك خطط لتوسيع الميناء في المستقبل لخدمة السفن الروسية الكبيرة، بما في ذلك الغواصات النووية والطرادات المسلحة.

وبذلك، يسمح هذا الميناء لروسيا بالحفاظ على وجودها البحري في البحر الأبيض المتوسط ​​لفترات أطول، حيث يقع أقرب ميناء روسي إلى "طرطوس" على البحر الأسود.

وفي غياب "طرطوس"، سيتعين على سفن البحرية الروسية العودة إلى روسيا عبر "الدردنيل" إلى البحر الأسود، أو مضيق جبل طارق حول أوروبا إلى بحر الشمال، من أجل إصلاح السفن أو نقل الأفراد، أو إعادة تزويدها بالوقود، أو استبدالها، ولذلك، فإن "طرطوس" بمثابة نقطة انطلاق للأسطول الروسي لتوسيع نفوذه في البحر المتوسط.

وقدمت روسيا الدعم العسكري واللوجستي المطلوب إلى القوات الموالية لـ"الأسد"، وأخرجتهم مما كان قد يؤول إلى خسائر عسكرية وإقليمية ضخمة على أيدي قوات المعارضين التي كانت تسعى للإطاحة بـ"الأسد" من السلطة.

وفي هذا المسعى المفاجئ، شكلت روسيا تحالفا رئيسيا في المنطقة مع إيران، التي تدخلت عسكريا وبدأت في توفير الأسلحة والقوات التي تمس الحاجة إليها لإنقاذ نظام "الأسد" المحاصر في المنطقة.

وهكذا، أثناء الحرب، وبينما قدم الروس الدعم الجوي للقوات الموالية للأسد، تم تعزيز الهجوم البري من قبل الميليشيا اللبنانية المدعومة من إيران، "حزب الله".

وأثبتت القوة العسكرية الجماعية لروسيا وإيران في نهاية المطاف أنها الخصم الأقوى أمام ائتلاف المعارضين، الذي تمت الإطاحة به من معظم معاقله.

علاقة معقدة

وكانت العلاقات بين موسكو وطهران قد تعقدت في الماضي، لا سيما بسبب السياسات السوفييتية تجاه إيران، والدعم السوفييتي للعراق خلال الحرب الإيرانية العراقية بين عامي 1980 و1988.

ومع ذلك، ينبني التعاون العسكري الحالي بين روسيا وإيران في سوريا أساس المصالح الجيوسياسية والجيوستراتيجية.

وعلى الرغم من أن المصالح الشاملة لروسيا وإيران ليست متقاربة بالكامل، لكن العنصر المشترك المتمثل في الرغبة في منع الولايات المتحدة من السيطرة على نظام آخر في المنطقة كان العامل الأساسي المحفز وراء هذه العلاقة الناشئة والتعاون بين البلدين في سوريا.

وكما ذُكر آنفا، فإن إيران، مع وكلائها مثل حزب الله، نفذت معظم القتال في ساحة المعركة، وقدمت مساعدة مالية قيمة للحكومة في دمشق، في حين قدمت روسيا الأسلحة والاستخبارات، بالإضافة إلى الدعم الجوي الكبير. وقد أقر المستشارون العسكريون في روسيا بمساهمة ميليشيا "حزب الله" في الحرب ضد القوات المناهضة لـ"الأسد".

وقد علق الجنرال الأمريكي السابق "إتش آر ماكماستر"، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، على أن 80% من مقاتلي "الأسد" كانوا وكلاء إيرانيين.

ويعد استخدام روسيا للقواعد الجوية الإيرانية لقصف أهداف داخل سوريا، منذ أغسطس/آب 2016، سابقة لم تحدث منذ عام 1979، بأن تسمح إيران للأفراد العسكريين الأجانب بالعمل انطلاقا من أراضيها، ما غير طبيعة التعاون العسكري بين البلدين فيما يتعلق بسوريا.

كما حصلت روسيا على إذن باستخدام المجال الجوي الإيراني لغرض الضربات الجوية في سوريا.

ومع ذلك، فإن استدامة التحالف على المدى الطويل، وفقا للكثيرين، ما زال غير مؤكد.

وتؤكد الأهداف الاستراتيجية المتعارضة بين البلدين فيما يتعلق بمستقبل سوريا، وتسوية ما بعد الحرب، والنظام الإقليمي الثابت في الشرق الأوسط، على هشاشة التعاون العسكري الثنائي الروسي الإيراني في الشرق الأوسط.

وتدعي روسيا أن استراتيجيتهم تقوم على ضمان استقرار أكبر داخل سوريا، ومنع التدخل العسكري الأمريكي من تحقيق الإطاحة بالرئيس السوري "بشار الأسد"، وتقليل الخسائر الإقليمية للحكومة في دمشق، وحماية قواعدها في "طرطوس" و"حميميم"، ومنع المقاتلين الأجانب من العودة إلى روسيا.

ومن ناحية أخرى، تتطلع إيران إلى توسيع أهميتها الجيوستراتيجية في المنطقة، والحد من نفوذ المملكة العربية السعودية.

ويعتبر انخراط روسيا مع منافسي إيران الإقليميين، مثل (إسرائيل) والسعودية، مصدر قلق لإيران أيضا، وتحت قيادة الرئيس "فلاديمير بوتين"، تمكنت روسيا من تطوير علاقات قابلة للتطبيق مع (إسرائيل).

ووفقا للتقارير، تسعى (إسرائيل) وروسيا إلى التوصل إلى اتفاق يمنع القوى الأجنبية من استخدام سوريا كقاعدة لمهاجمة دولة مجاورة، الأمر الذي يتعارض بشكل مباشر مع أهداف إيران.

كما كان يُنظر إلى مشاركة إيران مع الجهات الفاعلة المعادية من غير الدول على أنها تقلل من ثمار مبادرات التسوية السياسية التي تدعمها موسكو.

وكانت روسيا قد أعلنت أنها تتطلع إلى تقليص الدور العسكري، والمشاركة الأكبر مع القوى العالمية لإيجاد حلول سياسية، رغم أن إيران تدعو إلى انتصار عسكري كامل يؤدي إلى حل الصراع. كما ترغب إيران في ضمان وجود وكلاء لها في المنطقة.،وذلك في المقام الأول للحصول على معقل متصور ضد خصومها الألداء، مثل (إسرائيل) والسعودية، للمضي قدما في أجندتها الجيوستراتيجية.

وبشكل أساسي، يبقى أن نرى إلى أي مدى، وإلى متى، يستمر هذا التعاون العسكري الثنائي بين البلدين.

وعلى الرغم من أن كلا من إيران وروسيا تريدان تقليص نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، تسعى إيران لتقويض نفوذ منافسيها في الخليج و(إسرائيل)، بينما تحاول روسيا موازنة النفوذ الأمريكي.

وتذكرنا استراتيجية روسيا، الرامية إلى تحقيق التوازن وكسب حلفاء إقليميين، بعهد الحرب الباردة، بينما تسعى إيران لحلفاء خارج نطاق وكلائها العاديين.

ويقترب "الأسد" من ضمان الفوز ضد المعارضين في الجنوب والشرق، ولكن سيضطر السلام الدائم، بجميع الاحتمالات، إلى الانتظار لفترة أطول.

المصدر | مهاناندا راي - أوراسيا بريفيو

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا إيران العلاقات الروسية الإيرانية بشار الأسد