"ستراتفور": السعودية "الخاسر الأكبر" من عقوباتها ضد كندا

الثلاثاء 7 أغسطس 2018 11:08 ص

نشأ صدع دبلوماسي بين السعودية وكندا بعد انتقادات علنية قدمها وزير كندي لسياسات اعتبرها السعوديون مسألة داخلية.

وفي حين قد يكون للتوتر بعض التأثيرات الدائمة على العلاقات التجارية بين البلدين، فإنه من غير المحتمل أن يؤدي إلى تجميد دائم لعلاقاتهما الدبلوماسية.

ماذا حدث؟

أعلنت الخارجية السعودية، في 5 أغسطس/آب الجاري، استدعاء سفيرها في كندا، ومنحت السفير الكندي في الرياض 24 ساعة لمغادرة البلاد.

وحسب بيان للوزارة، تم فرض حظر على جميع الصفقات التجارية أو الاستثمارية الجديدة بين كندا والمملكة.

ويبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين نحو 14 مليار ريال سعودي (3.9 مليارات دولار).

كما أكدت الحكومة السعودية، أيضا، إلغاء المنح الدراسية لنحو 16 ألف طالب سعودي كانوا يستعدون للدراسة في الجامعات الكندية خلال العام الدراسي القادم.

وستقوم الخطوط الجوية السعودية بوقف الرحلات إلى كندا اعتبارا من 13 أغسطس/آب الجاري.

وكانت العاصفة الدبلوماسية انطلقت بعد تصريحات لوزيرة الخارجية الكندية، "كريستيا فريلاند"، الأسبوع الماضي، انتقدت فيها اعتقال السلطات السعودية لناشطة في مجال حقوق المرأة.

لماذا كل هذا؟

ومع رد فعلها القوي على هذه التصريحات، ترسل الحكومة السعودية إشارة إلى الغرب مفادها أنها لن تتسامح مع النقد الخارجي لما تعتبره مسألة أمنية داخلية.

وترفض الرياض بإصرار أية ضغوط خارجية في ما تعتبره "قضية أمن قومي"، بما في ذلك الطريقة التي تحد من حرية الناشطين الذين يتحدون أوامر الحكومة.

ويضغط بعض الناشطين لتحقيق مطالب ربما تسعى الحكومة السعودية لتحقيقها بالفعل، لكن الرياض تريد متابعة الإصلاح وفق شروطها الخاصة.

ورغم سعي المملكة بقوة للحصول على تمويل خارجي، إلا أن تحركاتها ضد كندا تحدث أثرا عكسيا؛ فهي تؤكد صحة تخوفات بعض المستثمرين، وقد تقلل من معنوياتهم.

وحدث موقف مماثل في أعقاب الانتقادات الألمانية للسعودية، في نوفمبر/تشرين الثاني، إثر محاولة السعودية الضغط على رئيس الوزراء اللبناني، "رفيق الحريري" لمواءمة سياسة حكومته مع الرغبات السعودية.

وفي أعقاب هذا الخلاف، وجدت الشركات الألمانية أن ممارسة الأعمال التجارية في المملكة أكثر صعوبة.

ومن المرجح أن يشعر المستثمرون الكنديون بالقلق تجاه التعاملات المستقبلية في المملكة، حتى إن انتهى التوتر العلني في العلاقات.

ولن يلغي هذا الصدع أي صفقات تجارية قائمة، بما في ذلك اتفاق لشركة كندية على تسليم مركبات مدرعة خفيفة ثم توفير صيانتها، لكنه سيؤثر على الصفقات المستقبلية.

ماذا بعد؟

ومن المنظور الكندي، سيظل التركيز على حقوق الإنسان، بدرجات متفاوتة، سمة من سمات نظامها السياسي.

وتجعل هذه الاعتبارات من المحتمل، في مرحلة ما، زيادة التعبير عن القلق حول ممارسات حقوق الإنسان في السعودية؛ مما يزيد من الضغط على العلاقة المتوترة.

وبالنظر إلى التجربة الألمانية، هناك خطر من إقدام المملكة على تجميد التعاملات الشركات الكندية أو المستثمرين الكنديين كليا إذا نمت التوترات بشكل أكثر ضراوة.

وفي الوقت الذي يناصر فيه ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك السماح لمزيد من الحريات للنساء، أوضح أيضا أن الدولة، وليس المجتمع المدني، هي المسؤولة عن التشريع وتنظيم هذه الحريات.

وبالنسبة لـ"بن سلمان"، فالاحتفاظ بولايته على الإصلاح، سيتطلب منه مقاومة الضغوط من القوى الخارجية.

ويجدي هذا الموقف بشكل جيد مع المواطنين السعوديين.

وأدى امتناع البيت الأبيض الحالي عن فرض الإملاءات حول السياسة الداخلية السعودية إلى تشجيع السعودية على رفض ومقاومة الانتقادات من الآخرين.

ويعود ذلك جزئيا إلى أن المملكة تعرف أن القادة في واشنطن أقل اهتماما بالتعبير عن معارضتهم لسياساتها الداخلية، أو لأفعالها ضد دول مثل كندا.

  كلمات مفتاحية

السعودية كندا الأزمة السعودية الكندية