مستقبل الأطباء السعوديين بكندا مهدد بقرار وقف الابتعاث.. كيف؟

الخميس 9 أغسطس 2018 07:08 ص

أزمة كبيرة، بات يعاني منها الطلاب والأطباء السعوديون في كندا، بعد إبلاغهم من قبل سلطات بلادهم، بضرورة مغادرة أوتاوا، خلال بضعة أسابيع في خضم أزمة دبلوماسية بين البلدين، في خطوة قد تعرقل برامج عمل تعود إلى 40 عاما.

وأمرت الرياض جميع الطلاب السعوديين في كندا، بالعودة إلى بلادهم بنهاية الشهر الجاري، مما أوجد مأزقا لوجيستيا للطلاب ولأكبر المستشفيات التعليمية في كندا.

جاء ذلك، عقب إعلان الرياض، وقف برامج ابتعاث السعوديين في كندا، حتى وإن كانوا يقضون فترات الزمالة والتدريب في المستشفيات والمرافق التعليمية الكندية، ووجهت بنقلهم إلى جامعات أخرى في الولايات المتحدة وسنغافورة وبريطانيا.

وذكر مسؤولون سعوديون للتليفزيون الرسمي، أن أمر الإعادة، يشمل نحو 12 ألف طالب، وأفراد أسرهم.

وتحتل السعودية، المركز الرابع في قائمة أعلى 20 دولة لها طلاب في كندا، بعد الصينيين والهنود والكوريين الجنوبيين، رغم تراجع عدد مبتعثيها العام الماضي.

كما أن السعودية هي أكبر بلد يأتي منه الأطباء المقيمون أو الباحثون أو المتدربون في مجال الطب من الأجانب بكندا.

وكان من المنتظر أن تستأثر بنحو 95% من عدد الأطباء المقيمين، في العام الدراسي المقبل.

وبحسب وكيل وزارة التعليم السعودية لشؤون الابتعاث "جاسر الحربش"، فإنّ عدد المواطنين السعوديين والسعوديات في كندا يتخطى 12 ألفاً، من بينهم سبعة آلاف مبتعث ومبتعثة.

من هؤلاء الطلاب، خمسة آلاف في مرحلة البكالوريوس والدبلوم، وألفان في مرحلة الدراسات العليا والزمالة في الطب والماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات.

إلى ذلك، تستقبل المستشفيات الكندية مئات المرضى الذين يتلقون العلاج على نفقة الحكومة السعودية، وقررت السلطات نقلهم كذلك إلى المستشفيات الأمريكية للعلاج.

صدمة

ومثّل القرار السعودي صدمة كبيرة لهؤلاء الطلاب، خصوصاً أنّهم ارتبطوا بعقود إمّا لإيجار مساكن أو شراء سيارات أو إيجارها، إلى جانب استقدام المتزوجين والمتزوجات منهم عائلاتهم وتسجيل أبنائهم في المدارس، الأمر الذي يعني أنّ عمليّة الانتقال سوف تكون شاقة وصعبة ومكلفة من الناحيتَين النفسية والمالية.

وهو ما كشفه أستاذ القانون والطب بجامعة أوتاوا "أمير عطاران"، حين قال إن طالبا سعوديا (لا يعرفه)، طرق بابه الثلاثاء الماضي، وطلب مساعدته للبقاء في البلاد.

فرد عليه "عطاران" حسبما نقلت "رويترز" بالقول": "ليس بوسعي شيء أفعله".

كما قالت عضوة نادي الطلاب السعوديين في أوتاوا "أسيل أمين"، إن طلاب المملكة يشعرون بالقلق، ويبحثون عن مزيد من التوجيهات من حكومتهم بشأن ما يتعين عليهم فعله.

وأضافت أن بعضهم يبحث عن كيفية فسخ عقود الشقق التي يسكنونها وبيع الأثاث وشراء تذاكر سفر.

والثلاثاء، عبرت وزارة التعليم السعودية، عن أملها في أن يسرع الطلاب بإنهاء علاقاتهم بكندا، ويتقدموا للحصول على تذكرة عودة إلى المملكة خلال شهر.

فيما قالت الرابطة التي تمثل الأطباء المقيمين في كندا، في بيان، إن المغادرة القسرية للطلاب السعوديين "قد تكون لها عواقب سلبية للغاية"، على قدرة نظام الرعاية الصحية الكندي على توفير رعاية مناسبة.

والمتدربون السعوديون في مجال الطب، جزء من برنامج تموله الرياض منذ أربعة عقود لتدريب خريجين سعوديين، كي يمارسوا الطب في بلادهم في نهاية المطاف.

تضحيات بلا تعويض

 

طبيبة سعودية، تتابع في كندا برنامج الزمالة الكندي الخاص بالطب، تحدثت إلى صحيفة "العربي الجديد"، مشترطة عدم ذكر اسمها، بالقول: "ضحّيت بوظيفتي وابتعدت عن عائلتي لمدّة سنتَين، وها أنا أفاجأ بهذا القرار الذي سوف يحتّم عليّ في الغالب الانتقال إلى الولايات المتحدة لتشابه برنامج الزمالة، ولكنّني سوف أدرس كلّ شيء من جديد، لأنّ هذا النوع من الدراسة لا تتمّ معادلته، بخلاف البكالوريوس".

وأضافت: "الجامعات الأمريكية سوف تعادل معظم مواد الطلاب هذه الشهادة، بالتالي، فإنّ كل ما درسته راح هباءً".

وتابعت الطبيبة أنّه "سوف يتوجّب عليّ تسديد سندات إيجار الشقة المتبقية، لأنّ العقد سنوي في كندا، كذلك سوف يتوجّب عليّ تسديد إيصالات تأمين السيارة التي استخدمها لسنة كاملة، بالإضافة إلى ما تبقى من ضرائب ورسوم معاملات رسمية".

كما استنكرت الطبيبة، عدم رد السلطات السعودية على استفساراتهم بشأن ما إذا كانت الحكومة تنوي تعويضهم عن الخسائر المالية.

وتحكي الطبيبة قصّة "شاب لم يتبقّ له إلا ثلاثة مواد للتخرج في مرحلة البكالوريوس، لكنّه سوف يضطر إلى العودة سنة دراسية واحدة إلى الوراء على أقل تقدير، إذا أراد معادلة مواده في جامعة أمريكية أو بريطانية، بسبب فروقات بسيطة في النظام التعليمي".

إلى ذلك، فإنّ طلاب الدكتوراه في التخصصات الأدبية لن يتمكنوا من مناقشة رسائلهم، الأمر الذي يجبرهم على كتابة رسائل جديدة في الجامعات الأمريكية أو البريطانية.

طلبات لجوء

في الوقت ذاته، بدأ بعض الطلاب التفكير في طلب اللجوء إلى كندا، وذلك بمساعدة بعض المعارضين السعوديين في أوتاوا، على رأسهم المعارض والمهتم بشؤون اللجوء القانوني "بدر الحامد"، الذي راح يوضح آليات طلب اللجوء لهؤلاء الطلاب.

يشار إلى أن السلطات السعودية ووزارة التعليم العالي، رفضتا مناشدات الطلاب السعوديين لقصر القرار على المبتعثين الجدد، والسماح لمن كان على وشك التخرّج بالاستمرار في الدراسة والعيش في كندا.

والإثنين الماضي، اتخذت الحكومة السعودية قرارها بقطع العلاقات التجارية والاستثمارية مع كندا، وطرد السفير الكندي من أراضيها، في ردّ على مطالبة وزارة الخارجية الكندية والسفارة الكندية في السعودية بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي في البلاد.

يشار إلى أن كندا رحلت 30 شخصا إلى السعودية في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، و21 في العام الذي سبقه، وتلقت العام الماضي 362 طلب لجوء من سعوديين.

  كلمات مفتاحية

الأزمة السعودية الكندية ابتعاث ترحيل طلبات لجوء طلاب سعوديون

7 آلاف طالب سعودي "ضحية" الخلاف الكندي

مبتعثون سعوديون في كندا يرفضون قرار حكومتهم