أسرار الرد السعودي "القاسي" على انتقاد كندي "روتيني"

الخميس 9 أغسطس 2018 09:08 ص

اعتبر خبراء أن الرد السعودي "القاسي" إزاء انتقاد كندي "روتيني" للوضع الحقوقي في المملكة يتطابق تماما مع النهج المتشدد الذي يتبعه "محمد بن سلمان"، منذ توليه منصب ولي العهد، صيف 2017، والذي لا يتسامح مع أي انتقاد؛ حتى يتجنب أي نوع من المحاسبة سواء داخليا أو خارجيا.

كما رأى هؤلاء الخبراء أن نهج الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"، المتردد إزاء انتقاد الوضع الحقوقي في السعودية ساهم، أيضا، في تشجيع السلطات في المملكة على ارتكاب انتهاكات حقوقية، وعدم تقبل أي انتقاد لذلك، محذرين من أن نهج "ترامب" يشجع الحكام السلطويين في المنطقة على مواصلة الانتهاكات الحقوقية، حسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.

والجمعة الماضي، غردت وزيرة الخارجية الكندية، "كريستيا فريلاند"، عبر "تويتر"، قائلة إنها "قلقة للغاية" بسبب اعتقال الناشطة السعودية "سمر بدوي"، وغيرها من الناشطين والناشطات الحقوقيين، ودعت السعودية إلى الإفراج عنهم.

أكبر أزمة بين السعودية وكندا

وتحول هذا "القلق" الروتيني إزاء الوضع الحقوقي في المملكة إلى أكبر أزمة دبلوماسية بين السعودية وكندا عبر التاريخ.

فمنذ الإثنين، استدعت السعودية سفيرها لدى كندا، واعتبرت سفير الأخيرة لديها "شخصا غير مرغوب فيه".

ووصفت تصريحات وزيرة الخارجية الكندية بأنها "تدخل صريح وسافر في الشؤون الداخلية للبلاد".

وأعلنت المملكة "تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا، واحتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى".

كما علقت الرحلات الجوية إلى تورنتو، وبرامج المنح الدراسية السعودية في كندا.

والثلاثاء، أعلنت السلطات السعودية أنها ستوقف جميع برامج العلاج الطبي في كندا، وتحول المرضى السعوديين إلى مستشفيات خارج البلاد.

وقال وزير الخارجية السعودي، "عادل الجبير"، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن كندا "أخطأت وعليها تصحيح ما قامت به تجاه المملكة.

وشدد على ضرورة أن تفهم كندا أن "ما قامت به غير مقبول بالنسبة للمملكة والدول العربية".

رد مبالغ فيه

وصدم رد  الفعل السعودي بعض المراقبين الذين وصفوه بأنه "رد مبالغ فيه وغير متناسب إزاء انتقاد روتيني لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان.

غير أن محللين من منطقة الشرق الأوسط يقولون إن رد الفعل السعودي يتطابق تماما مع النهج المتشدد الذي يتبعه "بن سلمان" (32 عاما)، الذي غالبا لا يتقبل أي نوع من الانتقاد، منذ أن تولى منصب ولي العهد.

وفي هذا الصدد، قالت الباحثة في الشأن السعودية لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، "هبة زيادين": "منذ أن وصل بن سلمان إلى السلطة، تتعرض المعارضة في المملكة لقمع مكثف".

وأضافت: "ما نراه الآن (الرد الفعل السعودي إزاء الانتقاد الكندي) هو أنه (بن سلمان) لا يريد أن يخضع للمساءلة بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك من قبل السعوديين أنفسهم أو من قبل المجتمع الدولي".

وفي العام الذي بات فيه وليا للعهد، كخطوة أولى نحو العرش، برز "بن سلمان" بمهمة جريئة لتحديث المملكة، ولتعزيز التواجد السعودي في الساحة الدولية.

لكنه في الداخل، حبس المئات من نخبة رجال الأعمال (بما في ذلك بعض أقاربه وأمراء سعوديين آخرين) خلال حملة مزعومة لـ"مكافحة الفساد"، بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وبينما رفع الأمير الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، وفتح أول دور عرض سينمائي في المملكة منذ 35 عاما، قامت السلطات السعودية بتضييق الخناق على الناشطين الحقوقيين (ومعظمهم من النساء)؛ حيث تم اعتقال عدد كبير منهم هذا العام.

كما اتخذ "بن سلمان" خطا متشددا في الخارج؛ حيث قاد مع ولي عهد أبوظبي، "محمد بن زايد"، حصارا ضد قطر، وقاد تحالفا عسكريا عربيا ضد الحوثيين في اليمن، المتهمين بتلقي دعم من إيران.

تشجيع الحكام السلطويين 

وبينما أعلن العديد من الحلفاء في الشرق الأوسط دعم الرد السعودي على كندا، لا يزال رد فعل الدول الغربية خافتا حتى الآن.

وعن ذلك، قال الباحث في مركز أبحاث "تشاتام هاوس" البريطاني، "بيتر ساليسبري": "من المخيب للآمال بعض الشيء ألا يشعر أحد (من الدول الغربية) أنه في موقف يتطلب منه الخروج ودعم الكنديين بشأن قضايا كانت تلقى دعما كبيرا قبل بضعة أعوام".

ويخشى الخبراء من أن الخلاف السعودي الكندي يمكن أن يفرض قيودا على مناقشات المجتمع الدولي بشأن حقوق الإنسان.

ويحذرون من أن تساهل السياسة الخارجية لإدارة "ترامب" مع الانتهاكات الحقوقية حول العالم سيشجع الحكام السلطويين على ارتكاب المزيد من تلك الانتهاكات.

فـ"ترامب" كان دائما مترددا في انتقاد السعودية علنا بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وعن ذلك، قال الباحث في "معهد بروكنغز"، "هادي عمرو"، إن "تصرفات السعودية (الانتهاكات الحقوقية) أمر طبيعي في ظل تحول إدارة ترامب للتركيز بعيدا عن حقوق الإنسان بشكل عام".

واعتبر أن الرئيس الأمريكي "وسع حدود ما يعتبر سلوكا طبيعيا" بالنسبة لكثير من الأنظمة في الشرق الأوسط.

المصدر | cnn

  كلمات مفتاحية

السعودية كندا الأزمة السعودية الكندية محمد بن سلمان ترامب