أصدقاء تركيا الآخرون.. خيارات "أردوغان" في مواجهة أمريكا

الثلاثاء 14 أغسطس 2018 11:08 ص

أثار الرئيس الأمريكي "ترامب" الشكوك حول عدد من "الصداقات" الأمريكية مع عدد من الأطراف الدولية هذا العام، منتقدا الاتحاد الأوروبي واليابان والآن تركيا.

ومن خلال فرض تعريفات جديدة على صادرات أنقرة للولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم، دفع "ترامب" الليرة التركية إلى مستويات قياسية من الانخفاض خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وكما كان الحال مع الاتحاد الأوروبي، أثارت تحركات "ترامب" رد فعل شديد اللهجة من قبل الحكومة التركية، ولكن على عكس الاتحاد الأوروبي، قد لا يكون حديث الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، عندما قال إن لديه بدائل حقيقية للصداقة مع الولايات المتحدة، مخادعا.

وكتب "أردوغان"، في مقال بصحيفة "نيويورك تايمز"، تم نشره يوم الجمعة: "قبل أن يفوت الأوان، يجب على واشنطن أن تتصالح مع حقيقة أن لدى تركيا بدائل أخرى".

ولم تكن الفجوة بين تركيا والولايات المتحدة غير متوقعة على الإطلاق، بعد أعوام من الخلاف حول سوريا والتغيرات الديمقراطية والسياسات الاقتصادية.

وحتى الآن، لا تزال الدول الغربية مسؤولة عن غالبية الاستثمارات في تركيا، ولكن مع تزايد الخلافات مع أوروبا والولايات المتحدة، عملت تركيا على تعزيز شراكاتها مع البلدان الأخرى في الأعوام الأخيرة، وعلى وجه الخصوص روسيا والصين وقطر.

روسيا

لم تكن علاقات تركيا القوية مع روسيا سرا عن دوائر السياسة الخارجية في واشنطن، ولطالما كان لتركيا روابط أكثر شمولا مع الكرملين مقارنة بغيرها من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016، صعد "أردوغان" من معاداة الولايات المتحدة، واستخدم الخطاب المناهض للغرب لحشد مؤيديه.

وقد اتهم الزعيم التركي مرارا وتكرارا الولايات المتحدة بالتواطؤ مع متآمري الانقلاب، وهي اتهامات تزامنت مع تحسن العلاقات مع موسكو.

وعلى مدى العامين الماضيين، شارك مسؤولون أتراك أيضا في اجتماعات مع نظرائهم الروس والإيرانيين لمناقشة ملف سوريا، وتشير حقيقة استبعاد الولايات المتحدة من المحادثات إلى مدى تباعد الحليفين في حلف "الناتو".

وقال "آيكان إرديمير"، العضو السابق في البرلمان التركي، لصحيفة "واشنطن بوست"، عام 2016: "إن انجراف تركيا بعيدا عن تحالف الناتو والتحرك نحو روسيا وإيران كان يختمر ببطء لفترة طويلة، فقد أصبحت الدول داخل التحالف غير ذات صلة، واقتصر نشاطها في الشرق الأوسط على الخطابة وحتى واشنطن قدمت كلاما أكثر بكثير من الفعل".

وأدى الغضب التركي من تراخي الولايات المتحدة في منع إقامة دولة كردية موحدة إلى تحول "أردوغان" من كونه خصما قويا للزعيم السوري "بشار الأسد" إلى قبوله الفعلي بالدعم الروسي له.

وقد يتحول التعاون في سوريا قريبا إلى شراكة أوسع، وبعد أن اقترحت تركيا خلال عطلة نهاية الأسبوع أنها كانت تخطط للالتفاف على التعريفات الأمريكية بالتخلي عن الدولار والتداول مع دول مثل الصين أو روسيا بالعملات المحلية، أشار الكرملين إلى أنه على استعداد لقبول الاقتراح.

وتكمن المشكلة في هذه الفكرة في أن إنشاء مثل هذه الآلية لا يحدث بين عشية وضحاها، وعلى الرغم من أن نزاعها الحالي مع الولايات المتحدة قد يجعل موسكو شريكا أكثر جاذبية لتركيا، فإن تراجع الاعتماد على الدولار الأمريكي سيستغرق بعض الوقت.

قطر

ولطالما كانت قطر مرتبطة بعلاقات عميقة مع تركيا، مع التزام رسمي متجدد بتوسيع علاقتهما.

 وتتمركز بعض القوات التركية في قطر، وقد وافقت الدولتان على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة.

ويُنظر إلى العلاقات العسكرية بين تركيا وقطر بتشكك من قبل دول أخرى في المنطقة، وكان تعليقها مطلبا أساسيا من قبل تحالف الدول العربية الذي أطلق حصارا ضد قطر العام الماضي.

غير أن الحصار المتواصل حقق حتى الآن نتائج عكسية، فبعد أن أوقفت المملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى تسليم المواد الغذائية وغيرها من السلع إلى قطر، أرسلت تركيا على الفور طائرات شحن في خطوة ذكرت البعض بجسر برلين الجوي بين عامي 1948 و1949، حين قامت الطائرات الأمريكية بتوريد البضائع إلى الأجزاء الغربية من المدينة، بعد قطع السوفييت جميع طرق الإمداد لها.

وقد قامت قطر في المقابل بتوسيع استثماراتها في تركيا، لكن مع الكفاح الذي تخوضه قطر في أزمتها، من غير الواضح مدى قدرة الدولة الخليجية الصغيرة على مساعدة صديقتها المضطربة.

الصين

في البداية، لا يبدو أن الصين هي الشريك المثالي لتركيا ذات الأغلبية المسلمة، بالنظر إلى قمع بكين للأقلية من "الإيغور" المسلمين.

لكن الصين تعد تركيا بما سعت إليه لفترة طويلة دون جدوى مع الغرب.

ولم تتقدم أبدا جهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن الصين أشارت إلى أن تركيا قد تتمكن في النهاية من الانضمام إلى منظمة "شنغهاي" للتعاون، وهي بديل مقابل للاتحاد الأوروبي في آسيا.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت تركيا والصين عن توسيع العلاقات العسكرية، في وقت أصبح مستقبل الناتو فيه أقل يقينا من أي وقت مضى.

وكانت بكين متحمسة لملء الفراغ العالمي في السلطة الذي خلفته الولايات المتحدة، خاصة بعد انسحاب "ترامب" من الاتفاقات التجارية، وإثارة تساؤلات حول مستقبل الناتو.

وكجزء من جهودها الرامية إلى إنشاء نظام اقتصادي وسياسي بديل في إطار مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، زادت التجارة التركية الصينية إلى 27 ضعفا على مدى الأعوام الـ15 الماضية، حيث تصل الآن إلى نحو 27 مليار دولار سنويا.

وبينما تسعى تركيا إلى توثيق العلاقات مع الصين، يبدو أن هذا السعي متبادل. وقد كتب المحلل الآسيوي "فار كيم بين"، في مقال أخير له لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست": "إذا فشلت تركيا، فسوف يسقط العالم معها".

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الأمريكية الليرة التركية الكرملين منظمة شنغهاي للتعاون الصين روسيا قطر أردوغان