أسرار كشف أكبر شبكة لـ"CIA" بالصين وإعدام 30 جاسوسا

الخميس 16 أغسطس 2018 09:08 ص

كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في تقرير لها، أسرارا تُكشف لأول مرة حول شبكة تجسس تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) تمكنت الصين من اكتشافها قبل نحو 8 سنوات؛ حيث أعدمت 30 جاسوسا ضمن تلك الشبكة.

وحسب المجلة، كانت هذه العملية أحد أسوأ إخفاقات "CIA" على مدى عقود.

فعلى مدار عامين، بدءاً من أواخر 2010، تمكنت السلطات الصينية، وبشكل منهجي، من تفكيك شبكة جاسوسية من عملاء "CIA" في جميع أنحاء البلاد؛ حيث أعدمت العشرات من الجواسيس الأمريكيين المشتبه بهم.

ومنذ ذلك الحين، يلوح في الأفق سؤال حول الكارثة برمتها: كيف تمكن الصينيون من كشف تلك الشبكة الجاسوسية؟

الآن، وبعد مرور حوالي 8 سنوات، يبدو أن الـ"CIA" أخفقت في اختيار نظام الاتصالات الذي استخدمته للتواصل مع عملائها المنخرطين بتلك الشبكة في الصين، حسب 5 مسؤولين استخباراتيين سابقين وحاليين.

واستعانت "CIA" بنظام اتصالات خاص بعملياتها في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تعتبر بيئة الإنترنت أقل خطورة إلى حد كبير.

ومن الواضح، أيضا، أن الوكالة لم تتوقع قدرة الصين على اختراق هذا النظام.

وقال أحد المسؤولين -الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم لحساسية الأمر- إن الاتجاه الذي كان سائدا، آنذاك، أن نظام الاتصالات هذا لدينا، ولا يمكن المساس به.

ولفت، أيضا، إلى أن عملاء "CIA" الذين عملوا في الصين -في ذلك الوقت- كان يتم وصفهم بأنهم "لا يقهرون".

العميل "لي"

هناك عوامل أخرى لعبت، أيضا، دورا في كشف الصين لشبكة الـ"CIA".

ويشمل ذلك نجاح الصين في تجنيد عميل سابق في الـ"CIA" يدعى "جيري تشون شينغ لي".

وفي وقت سابق من العام الجاري، وجه المدعي العام الاتحادي الأمريكي إلى "لي" اتهامات في هذه القضية.

لكن اختراق نظام الاتصالات يبدو المسؤول الأول عن السرعة والدقة التي تحركت بها السلطات الصينية ضد عملاء الـ"CIA" في الصين.

وعن ذلك قال مسؤول آخر: "يمكنك أن تقول إن الصينيين لم يخمنوا. وزارة الأمن القومي الأمريكي (المسؤولة عن الاستخبارات الأجنبية والأمن الداخلي) كانت تستقطب دائما الأشخاص المناسبين، ومع ذلك سارت الأمور بشكل سيء للغاية فيما يتعلق بالشبكة التي كشفتها الصين".

وكشف المسؤولون السابقون أن الصين أعدمت 30 من عملاء الـ"CIA"، ضمن الشبكة التي كشفتها.

لكن مصادر آخرى تحدثت عن عدد أكبر من هذا الرقم تم إعدامه.

أما صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي نشرت عن القصة لأول مرة العام الماضي، فذكرت أن العدد بلغ "أكثر من 12".

على أي حال، كانت النتيجة النهائية أنه تم إعدام جميع عملاء الـ"CIA"، الذين اعتقلتهم الاستخبارات الصينية في هذا الوقت.

وعند كشف الصين للشبكة الجاسوسية، كان مسؤولو الاستخبارات الأمريكية "مصدومين" في البداية، حسب أحد المسؤولين السابقين، لكن في نهاية المطاف تم البدء في خطة الإنقاذ، وساعد ذلك عدة عملاء على الهرب من الصين.

وقال أحد المسؤولين السابقين إن آخر مسؤول في الـ"CIA" عقد اجتماعات مع عملاء في الصين -ضمن الشبكة التي تم اكتشافها- وزع مبالغ مالية كبيرة على العملاء على أمل أن يساعدهم هذا على الفرار.

نتائج تحقيق أمريكي

وبعد كشف الشبكة الجاسوسية، شكلت الـ"CIA" قوة مهام خاصة، بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ لمعرفة ما حدث من خطأ.

وأثناء التحقيق، حددت فرقة العمل 3 أسباب محتملة للفشل، حسب المسؤولين السابقين، الأول: نظام الاتصالات المستخدم في التواصل مع العملاء، والثاني: تزويد أحد العملاء السلطات الصينية بمعلومات حول الشبكة الجاسوسية، والثالث: عدم تنفيذ بعض مهام التجسس بحرص كاف ما ساعد السلطات الصينية على اختراق الشبكة.

وخلص المحققون إلى أن اجتماع عدة عوامل ساهم في اختراق الشبكة الجاسوسية والقضاء عليها.

وحدد مسؤولو مكافحة التجسس في الولايات المتحدة الضابط "جيري تشون شينغ لي" كعميل مزودج محتمل للصين.

وتشير وثائق أمريكية إلى أن "لي" كان على اتصال مع مسؤوليه في وزارة الأمن القومي الأمريكي حتى عام 2011 على الأقل.

ودفعت السلطات الصينية إلى "لي" مئات الآلاف من الدولارات نظير جهوده، وفقا للوثائق ذاتها.

وفي مايو/أيار 2018، وجه المدعي العام الاتحادي الأمريكي إلى "لي" تهمة "التآمر على التجسس".

لكن المسؤولين السابقين قالوا إن خيانة "لي" المزعومة وحدها لا يمكن أن تفسر كل الأضرار التي وقعت في الصين خلال عامي 2011 و2012.

ورفع البعض من شأن النظرية القائلة بأن الصين تمكنت من التنصت على الاتصالات بين العملاء وموظفي الـ"CIA".

نظام الاتصالات

وفي العادة، عندما يبدأ موظفو الـ"CIA" العمل مع عميل جديد، فإنهم غالبا ما يستخدمون نظام اتصالات مؤقت؛ تحسبا لأن يكون هذا الشخص عميلا مزدوجا.

وقال اثنان من المسؤولين السابقين إن نظام الاتصالات المستخدم في الصين خلال هذه الفترة كان يستند إلى الإنترنت، ويمكن الوصول إليه من أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر المكتبية.

وهذا النظام المؤقت هو برنامج رقمي مشفر يسمح بالاتصال عن بعد بين ضابط مخابرات وعميل، لكنه منفصل عن نظام الاتصالات الرئيسي المستخدم مع مصادر تم التحقق منها؛ مما يقلل من المخاطر إذا ما ساءت الأمور.

فمن الناحية النظرية، إذا تم اكتشاف النظام المؤقت من قبل الاستخبارات الصينية، فإن العملاء الذين  يستخدمون الرئيسي سيظلون محميين.

لكن النظام المؤقت لـ"CIA" احتوى على خطأ تقني فادح؛ حيث تم ربطه بمنصة الاتصالات السرية الرئيسية للوكالة.

وبمجرد حصول الاستخبارات الصينية على إمكانية الوصول إلى نظام الاتصالات المؤقت، كان اختراق النظام الرئيسي سهلا نسبيا، وفقا لمسؤولي الاستخبارات السابقين.

وغير معروف بدقة كيف تمكن الصينيون من اختراق النظام.

وهناك احتمال أن السلطات الصينية تعرفت على عميل في شبكة التجسس الأمريكية -ربما من خلال المعلومات التي قدمها "لي"- واستولت على كمبيوتر ذلك الشخص.

وبمجرد تحديد شخص واحد كعميل في الـ"CIA"، يمكن للاستخبارات الصينية تتبع اجتماعات هذا الشخص مع زملائه ومشغليه، وكشف الشبكة بالكامل.

المصدر | foreignpolicy

  كلمات مفتاحية

الصين أمريكا تجسس CIA وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية