الخلاف الفكري داخل الكنيسة المصرية يتفجر بعد مقتل "إبيفانيوس"

الأحد 19 أغسطس 2018 07:08 ص

تصدرت الكنيسة المصرية الأسابيع الماضية الأخبار في مصر، وباتت حادثة مقتل رئيس دير أبو مقار الأنبا "إبيفانيوس" على يد راهبين محل تداول الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كونها جريمة غير مسبوقة.

وكان لافتا أن القضية لم تفتح بابا للجدل في إطار الجريمة فقط، لكنها كشفت عن طبيعة الخلاف الفكري داخل الكنيسة، بمدرستيها الإصلاحية والمحافظة، والتي لم يكن يعلم تفاصيلها كثيرون من عوام المسيحيين، فضلا عن الرأي العام على عمومه.

ودير "أبو مقار" الذي شهد جريمة القتل يقع في صحراء مصر الغربية في وادي النطرون، استقر فيه الأب "متى المسكين" (توفي سنة 2006) مرسخا فيه مدرسته الإصلاحية التي تختلف مع المدرسة التقليدية المحافظة التي مثلها بابا الأسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية السابق البابا "شنودة الثالث".

ونقلت صحيفة "الحياة" عن الباحث في شؤون الأقليات "مينا ثابت" قوله إن "الخلافات بين مدرسة الأب متى المسكين الفكرية وبين مدرسة البابا شنودة موجودة إلى جانب الخلاف الطويل بين البابا شنودة على المستوى الشخصي وبين الأب متى المسكين، والتي ترسخت عبر تطورات تاريخية كثيرة، حتى إنه في عهد البابا شنودة ظلت كتابات الأب متى حبيسة داخل أسوار الدير".

وأضاف: "البابا تواضروس الثاني أظهر اتجاها وميلا لإتاحة مساحة لكتب الأب متى والسماح لها بأن تدخل معرض الكتب القبطية، وعين رئيسا للدير من تلاميذ الأب متى هو الأسقف الراحل وكان يرسله ليمثل الكنيسة القبطية في شكل رسمي في كثير من المؤتمرات اللاهوتية".

واستُدعيت الخلافات الفكرية مع اليوم الأول للإعلان عن الجريمة في 29 يوليو/تموز الماضي، وتزايد ذلك بعدما كشفت التحقيقات عن تورط راهبين داخل الدير في قتل رئيسه الأنبا "إبيفانيوس"، والراهبان ضمن رهبان من تلاميذ البابا شنودة أرسلهم إلى "أبو مقار" في العام 2010، وذلك لتقويض تلك المدرسة داخلها وفق ما تم تداوله، علما أن البابا الراحل لم يزر دير "أبو مقار" سوى في العام 2009 أي بعد 3 سنوات من رحيل "متى المسكين".

وردا على سؤال حول موقع الخلاف الفكري من الحادث، بعدما ثبت تورط الراهبين في قتل رئيس الدير، قال "ثابت": "نعم هناك خلاف، لكنه احتمال ضمن الاحتمالات، وقد يكون الدافع لمن ارتكب الجريمة هو دافع فردي خاص بمن ارتكب الواقعة نفسها".

وقال "ثابت" إن "جموع المسيحيين متأثرون بأفكار قداسة البابا شنودة؛ لأنه ظل بطريريك المسيحيين لأكثر من 40 سنة، وله كتابات كثيرة وعظات أكثر، وتتلمذ على يديه الكثير من الكهنة والآساقفة".

ورأت الباحثة في شؤون الأقباط "وفاء وصفي"، في تقرير نشرته مجلة "روز اليوسف" الحكومية أن "الأنبا إبيفانيوس كان يمثل الاتجاه المستنير في الكنيسة القبطية، فهو يتحدث 5 لغات حديثة ويعرف اللغات القديمة، إذ يتقن القبطية ويتحدث ويكتب بها، بالإضافة لليونانية التي كانت تساعده في قراءة علم الآباء وترجمته في شكل صحيح".

وأضافت: "كان الأنبا إبيفانيوس حائط الصد بين الباب تواضروس وبين من يحاربون فكره المتجدد، إذ كان يدعمه بالإجابات الكتابية التى لا يستطيع أحد أن يشكك فيها".

ونقلت "وفاء" عن الخادم "مدحث ثابت" الذي تتلمذ على يد الأب "متى المسكين" قوله: "إن ما حدث فى دير أبومقار، لا يصنف قتلا لأسقف، ورئيس دير، وراهب ناسك زاهد، ولكنه محاولة مفعمة بغلّ وكراهية لاغتيال فكر مستنير يهدد ساكني الظلمة في وجودهم وكيانهم".

وغداة الجنازة اجتمع مجلس شؤون الرهبنة برئاسة البابا "تواضروس الثاني" وأصدروا 12 قرارا لضبط الرهبنة".

وكان أبرز تلك القرارات حظر تدشين أديرة جديدة إلا التي تقوم على إعادة إحياء أديرة قديمة، وحظر تواصل الرهبان مع الإعلام أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو التورط في أية معاملات مالية، وحذّرت المخالفين من تجريدهم من رتبهم الكهنوتية.

المصدر | الخليج الجديد + الحياة

  كلمات مفتاحية

الكنيسة المصرية الأنبا إبيفانيوس خلاف فكري جريمة قتل راهب البابا تواضروس