كاتبة عراقية: وزير النفط فاسد ويفتخر!

الثلاثاء 24 مارس 2015 07:03 ص

كشف وزير النفط العراقي، «عادل عبدالمهدي» بداية مارس/آذار الجاري، أن العراق مدين لشركات النفط بنحو 20 مليار دولار أمريكي، وهي مستحقات تشكل مبالغ كبيرة هائلة يجب دفعها مباشرة.

ووفقا لتصريحاته الصحافية حينئذ، فإنه في حال «لم نوفر المبالغ فهناك عقوبات ستحصل وتخفيض للإنتاج أو الذهاب إلى المديونية».

وتقول الكاتب العراقية «هيفاء زنكنة» في مقال لها، فإنه من المعروف أن من بين الشركات الكبرى المرتبطة بعقود خدمة مع العراق، «توتال» الفرنسية و«شل» الهولندية و«اكسون موبيل» الأمريكية، و«بي بي» البريطانية.

ويأتي تصريح «عبدالمهدي» لطمأنة شركات النفط متزامنا مع سعي وزير المالية، «هوشيار زيباري»، للقاء ممثلي مصارف عالمية لبحث سبل معالجة العجز المالي، ومن بينها إصدار سندات دولية للمساعدة في سد عجز الموازنة الاتحادية مع البدء بسداد مستحقات شركات النفط الأجنبية في الأول من أبريل/نيسان المقبل.

وبحسب مقال الكاتبة العراقية، فإن اعتراف «عادل عبدالمهدي» بحجم الديون سابقة، وإن كان لم يشرح عواقبها تفصيليا على حد قولها، كما لم يتطرق إلى مجمل ديون الحكومة العراقية بل اكتفى بذكر ديون شركات النفط، لأنه «المرض الأخطر الذي يجب العثور على علاج له وبكل الطرق الممكنة وإلا تم قطع شريان حياة الحكومة المعتمدة على الريع النفطي بنسبة 95%». 

وتقول «زنكنة» في مقالها الذي حمل عنوان «وزير النفط العراقي: أنا سياسي فاسد وأفتخر!»، أنه لبيان حجم التخبط الاقتصادي المبني على الفساد والاستهتار بثروة الشعب، كتب «عصام الجلبي»، وزير النفط السابق، توضيحا بارقام تفصيلية، يشرح فيه أن هذا الدين « تراكم نتيجة عجز الحكومة السابقة والحالية عن تسديد المطالبات المتراكمة بسبب استثمارات شركات النفط الأجنبية المتعاقدة مع حكومة بغداد فقط (عدا تلك المتعاقدة مع الأقليم) ضمن جولة التراخيص الأولى بشكل أساسي والأجور المترتبة لها نتيجة عملياتها التشغيلية».

ويسدد هذا المبلغ إما نقدا أو كنفط خام، وواضح أنه كلما يقل سعر النفط تزيد عدد البراميل التي يتقاضاها شركات النفط وعلى افتراض سعر 50 دولارا لبرميل النفط العراقي، فإن المديونية تعادل 460 مليون برميل لو سددت خلال سنة واحدة فسيعني تسليم 1.25 مليون برميل يوميا، بحسب الكاتبة.

كما افترضت «زنكنة» قدرة العراق على تصدير معدل 3 ملايين برميل يوميا -وهو ما لم يتحقق خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين حيث كان المعدل الفعلي هو 2.563 مليون برميل يوميا فقط، حيث بلغ التصدير في ديسمبر/كانون الأول 2.535 مليون برميل، ولشهر فبراير/شباط 2.597 مليون برميل يوميا- فإن على العراق تسليم حوالي 41.6٪ من نفطه سدادا للديون للشركات، أو بنسبة 48.7٪ لو أستمر المعدل الحالي، مع الإشارة إلى محاولة الحكومة تأجيل قسم من هذه الديون.

وترى الكاتبة أنه لو أستمرت الشركات باستثماراتها لتحقيق معدلات الإنتاج (المُعدّلة)، فهذا يعني تصاعد حجم الديون والتي لن تُعالج إلا بزيادة حجم الصادرات وزيادة أسعار النفط، علما أن سعر النفط العراقي المتحقق لشهر يناير/كانون الثاني هو بحدود 41 دولارا للبرميل، ولشهر فبراير/شباط 47.3 دولار للبرميل.

ويخلص «الجلبي» إلى أن «هذه هي النتيجة الحتمية لعودة شركات النفط الأجنبية وإحلالها محل الجهد الوطني! نصف نفطنا لسداد الديون»، وهو ما علقّت عليه «زنكنة» بقولها: «لا شك أن المواطن غير المختص لا يمكنه الخوض في هذه التفاصيل المالية والإقتصادية، لكنه يتساءل في الخلاصة: إذا دخلنا هذا المأزق بعد كل الجعجعات عن تطوير القطاع النفطي بتسليمه للشركات العالمية، فكيف سنخرج منه؟ بل الأهم من ذلك هل ستستطيع الحكومة دفع رواتب موظفيها منذ الشهر الحالي بدون أن ترهن البلاد قطعة قطعة لمن هب ودب «قانونيا» كما رهنت النفط؟».

وتستنكر في مقالها متسائلة: «من هو المسؤول عن هذه الكارثة التي سيتحمل الشعب العراقي نتائجها، على مدى عقود مقبلة، كما يتحمل الآن دفع تعويضات غزو الكويت؟ من هو المسؤول عن سرقة النفط واستشراء الفساد؟ وما وراء قبول النظام بتوقيع عقود كارثية كهذه؟».

وتستطرد بأنه «هناك مجالات أخرى لهدر وسرقة الثروة النفطية عدا هذه الصفقات الكارثية مع شركات النفط»، مضيفة: «حاول وليد خدوري، المستشار لدى نشرة «ميس» النفطية (16 ديسمبر 2012)، توضيح صورة السرقات السابقة الأخرى، بشكل موثق، عبر الإجابة على عدد من الأسئلة، ومن بينها: «من ارتكب هذه السرقات؟ وهل سرقة ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من النفط ممكنة من دون معرفة الجناة وعدم رفع دعاوى ولو غيابيا عليهم؟ أم هل الاستهتار بالمال العام أصبح شائعا في ظل استشراء ثقافة الفساد؟»».

وتنقل الكاتبة عن «خدوري» قوله بأن «المبالغ المسروقة ضخمة جدا، تتيح للسارقين تبييضها أو استعمالها لأغراض سياسية، وهم إذا اطمأنوا إلى سرقة مئات الملايين من الدولارات في الماضي من دون مساءلة أو محاسبة، ما الذي سيردعهم عن سرقة ملايين أخرى عند تبوئهم مناصب ومسؤوليات سياسية واقتصادية في المستقبل؟».

ويعتبر كلا من «وليد خدوري»، و«عصام الجلبي»، أن عدم وجود نظام قياس دقيق لتدفق النفط من الآبار وخطوط الأنابيب منذ 2003، فتح مجالا واسعا للسرقة باعتبار أن غياب المقاييس يعني أن فارقا نسبته 1% لحمولة ناقلة عملاقة، إمكان الحصول خلسة على كمية من النفط تعادل 500 شاحنة تحمل كل منها نحو ألف غالون.

ومع غياب الرقابة الحكومية وانتشار الفوضى وهيمنة العصابات، في أعقاب الاحتلال الأمريكي، تنوعت طرق السرقة، «فمن خرق أنابيب النفط وتخزين النفط في مرافق عامة إلى سلب شاحنات النفط والمنتجات البترولية المنقولة برا، ومن تعاون السلطات المحلية الى توفير الحماية العشائرية مدفوعة الأجر لصالح احزاب مشاركة بالسلطة وشخصيات حكومية متنفذة سياسيا وأمنيا، وتصل خسائر العراق من النفط المسروق حوالي 120 مليار دولار، أي ما يزيد على الميزانية لمدة عام كامل، وبلغ في احدى السنوات معدل 60 ألف برميل نفط يوميا، حسب عصام الجلبي». 

وتتابع «زنكنة» في مقالها أنه «في مجال تحديد المسؤولية، لايمكن اغفال دور من وقعوا عقود النفط في اختزال حصة العراق في عقود الخدمات إلى 5٪ فقط خضوعا لمطالبة الشركات بتعويضها عما تسميه خسائرها جراء انخفاض اسعار النفط عالميا، وهي نسبة أدنى بكثير من النسبة الدنيا المتعارف عليها، عالميا، والبالغة ما بين 20% و25%».

مختتمة بطرح عدة استفهامات عمّن يتحمل مسؤولية هذه السرقات المفضوحة والعقود التي تركت لشركات النفط حرية الاستغلال كيفما تشاء، مجيبة بأن الجواب عن ذلك السؤال يحمل مؤشرا مهما مفاده أن «هذه الديون ستكون عقوبة مفروضة على الشعب وليس الحكام لأنهم قاموا بتأمين مستقبلهم من خلال السرقات في العقد الأخير، وقد تكلم بعضهم بصراحة أن أحدا من مشاركي العملية السياسية لن يصيبه ضرر لأنهم وعوائلهم قد ضمنوا لأنفسهم ثروات خارج البلد.

وذلك فيما يتهم مسؤولو النظام الحالي «نوري المالكي»، رئيس الوزراء السابق «وكأنه كان يعمل في المريخ لوحده وليس مع نفس وزراء ومسؤولي النظام الحالي، مع تغيير طفيف في توزيع الكراسي» وفق قولها.

  كلمات مفتاحية

العراق أبار النفط

تقارير: إيران تسرق النفط العراقي لتمويل مصالحها في سوريا والعراق

وزير النفط العراقي: سنشترط علي الشركات النفطية تنفيذ مشروعات خدمية في مناطق الاستثمار

تعهد السعودية لا يبدد مخاوف تعطل إمددات النفط العراقي

مدراء صناديق استثمار راهنت على الصعود يذعنون أخيرا لسعر النفط