السعودية على خطى مصر في استهداف الإخوان

الخميس 10 يوليو 2014 05:07 ص

كاريل ميرفي، جلوبال بوست 8/7/2014 – ترجمة: الخليج الجديد

تسبب إعلان السعودية في شهر مارس بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا في دهشة الكثير من السعوديين وتساؤلهم هل يعتبرون الآن مجرمين لأنهم طالما كانوا متعاطفين مع الإخوان المسلمين.

وضع قرار وزارة الداخلية الإخوان - أقدم تنظيم إسلامي في العالم الإسلامي - في نفس قائمة جماعات مثل القاعدة، مع أن الإخوان لم يلجأوا يوما إلى العنف. كما حظر أيضا الدعم الرمزي للجماعة حتى ولو كان نشر صور على الإنترنت أو شعارات.

وسأل «باسم عليم»، وهو محام بجدة، «تقول الحكومة الآن أن أن أناس أمثالكم هم إرهابيون». ويقول «عليم» أنه في الوقت الذي لا يوجد فيه تنظيم للإخوان في المملكة فهناك الكثير من الناس يعيشون مثل الإخوان ويتطلعون لرؤيتهم في المحياة.

كما أن حظر جماعة الإخوان يبدو أنه نابع من أولويتين سياسيتين للرياض. أولا، إظهار الدعم للمجلس العسكري الحاكم في مصر والذي أعلن جماعة الإخوان جماعة إرهابية في ديسمبر ومن ثم قمع أعضاءها واعتقلهم وحكم عليهم أحكاما وصلت للإعدام. ثانيا، للقضاء على أي طموحات للإخوان في بسط نفوذهم على المعارضين السعوديين من أجل المطالبة بإصلاحات سياسية داخلية.

وقال «محمد القجيمي»، رجل أعمال وناشط بالرياض، «يعلم الجميع أن هذا الحظر جاء من أجل أغراض ومصالح سياسية. إنهم يخافون الربيع العربي».

وقال سعودي يعمل في وزارة التعليم في الرياض، «إننا مصدومون. لقد نشأنا ونحن نعرف أن الإخوان المسلمين هم من أفضل الناس وأكثرهم أمانة. ونحن الآن نواجه حقيقة أنهم إرهابيون، وفقا لما قالته الحكومة».

ويأتي حظر جماعة الإخوان في الوقت الذي تستخدم فيه الحكومة بقوة قوانين صيغت على نطاق واسع لمحاربة الإرهاب من أجل سحق نشطاء حقوق الإنسان ونشطاء الإصلاح السياسي. ومثال على ذلك، »وليد أبو الخير» الناشط الحقوقي. في السادس من يوليو، حكم على «وليد» بالسجم 15 عاما وكذلك حظر السفر إلى الخارج 15 عاما لعدم احترامه السلطة وكذلك إثارة الرأي العام ضد الحكومة، وفقا لما قالته رويترز.

كما أن حظر الجماعة يظهر كذلك كيف أن السياسات السعودية تلعب دائما بالمصطلحات الدينية. وفي هذا المثال، ولأول مرة خلال عقود، تتحدى الحكومة السعودية جماعة إسلامية.

وقال «بدر الإبراهيمي»، طبيب وناشط، «ظن أن لدينا تغيرا كبيرا هذه الأيام، حيث تقوم الحكومة بالتخلص من الحركات الإسلامية. وللمرة الأولى خلال 30 عام تدخل الحكومة معركة مع إحدى هذه الحركات».

وقال «الإبراهيمي» أنه توقع أن تقوم الحكومة باستخدام الخطاب السلفي التقليدي وهو الخطاب الرسمي للدولة ضد الإخوان مع العلم أن هذا الخطاب هو الذي أعطى الشرعية للنظام في السعودية لمحاربة الأعداء في الداخل والخارج.

وسوف يكون لإدراج جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي تأثيره خارج الحدود السعودية، حيث سيزيد من الانقسام في الحركة السلفية والتي ظهرت في أعقاب الربيع العربي. وسوف يصل الانقسام إلى الجماعات السلفية التي اعتزلت السياسة مثل رجال الدين الوهابيين من المؤسسة الدينية بالسعودية. أما الجماعة السلفية الأخرى فمثل الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بأن السعي وراء السلطة السياسية يبرر ضرورة أسلمة مجتمعاتهم. وجدير بالذكر أن الجماعات التي تمثل التوجهين كثيرة في دول الشرق الأوسط.

وقالت جماعة الإخوان من خلال مكتبها الإعلامي في لندن أنها مندهشة ومحبطة من الخطوة السعودية والتي تتعارض كليا مع العلاقات التاريخية مع الإخوان المسلمين. لقد أثار قرار الحكومة السعودية حفيظة الكثير من السعوديين لعدة أسباب، من أهمها: أن جذور الإخوان في المملكة تعود إلى أكثر من نصف قرن عندما لجأ أعضاء الجماعة إليها فرارا من الاضطهاد في مصر وسوريا.

وبالرغم من الحظر السعودي لأنشطة الأحزاب السياسية، وهو ما يعني أنه لا يمكنها العمل بشكل تنظيمي صريح، إلا أن الإخوان طورت شبكات معروفة جيدا تضم أفرادا ذوي عقول جيدة. وقد صار الكثير في هذه الشبكات فاعلين مدنيين وانضموا إلى المؤسسات التعليمية حيث جعلوا المناهج الدراسية متأثرة بأيديولوجية الإخوان.

وفي التسعينيات من القرن الماضي، قام المنشقون الإسلاميون الذين شكلتهم رؤية الإخوان للإسلام السياسي والمعروفة باسم الصحوة الإسلامية بالبدء في المطالبة بالإصلاحات السياسية. غير أنهم لم يتحدو الحكومة يوما بشكل صريح وتراجعوا عن ذلك بعد أن اعتقل بعضهم.

ويمكن لإعلان الحكومة أن الإخوان تنظيم إرهابي الآن أن ينفر منها المتعاطفون معها والذين هم شريحة متعلمة جيدا في المجتمع. وقال «فهد الفهد»، 31 عام، استشاري تسويق وناشط حقوقي، «هذه الخطوة بمثابة خطأ سياسي كبير للحكومة  فالمتعاطفون مع الإخوان لهم ثقل في المجتمع السعودي».

وقد عبر بعض المراقبين عن مخاوفهم من أن إجبار الإخوان على العمل تحت الأرض يمكن أن يؤدي بالشباب السعودي للانضمام إلى جماعات إسلامية مسلحة. لقد أوجد هذا القرار العديد من المخاوف. وبمجرد أن صدر القرار، بدأ السعوديون في تنظيف حساباتهم على فيس بوك وتويتر وأزالوا شارة «رابعة» من حساباتهم.

لقد رحبت الرياض بالإنقلاب العسكري والإطاحة بمرسي والذي لامته لعدم قدرته على إدارة الإقتصاد المصري. ولأنها ملكية مطلقة فقد كانت سعيدة لرؤيتها نهاية أول حكومة إسلامية منتخبة.

على كل حال، لم يشارك السعوديون حكومتهم في الثناء على الإنقلاب العسكري. ولقد أثارت الإطاحة بمرسي إدانة كبيرة من السعوديين على تويتر وكذلك في التصريحات على الإنترنت. وقال ناشط على تويتر اسمه «إبراهيم»، «أكثر الناس غير سعداء بما حصل في مصر وخصوصا المجموعات الإسلامية.. وهم ليسوا بالقليلين .... الشعوب التي تؤيد الديمقراطية ليست سعيدة أيضا وهم ليسوا مع الحكومة في الترحيب بالانقلاب».

ويقول «وليام مكانتس»، مدير مشروع حول العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي في معهد بروكنجز إن هذا الانكسار بين السعودية والإخوان إنما هو «تحول كبير في السياسة وله تبعاته مع تطور الأحداث في مصر. إن هذا نوع من التسونامي الذي يأتي من زلزال في مصر وهو يسبب كثيرا من عدم الاستقرار في السعودية».

وقد وصف «محسن العواجي»، الناشط الإسلامي وأحد رموز تيار الصحوة، وصف تصريح وزارة الداخلية بأنه قرار غير قانوني بالمرة والذي من شأنه أن يسكت الجميع. غير أنه أضاف أن هذا الوصف بالإرهاب لن ستمر طويلا بل أنه سيمر مثل السحاب. 

  كلمات مفتاحية