استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عالم بلا بيت أبيض!

الاثنين 20 أغسطس 2018 03:08 ص

كتبت في مقال سابق أن ترمب جعل العالم يخوض دورة تدريبية شاقة استعداداً لعالم ما بعد الهيمنة الأميركية، بعد الانسحاب الأميركي الدبلوماسي في فترتي أوباما وتصرفات ترمب غير المتوقعة تجاه حلفائه وأعدائه بدأت تظهر معالم سياسة دولية لا تهيمن عليها واشنطن بالضرورة.

 

لا شك أن الولايات المتحدة تبقى القوة الكبرى عسكرياً وذات التأثير الأكبر في المجتمع الدولي. لكن لا شك أن وضعها وتأثيرها اليوم لا يشبه ذاك الذي كان عليه في تسعينيات القرن الماضي حين كان لا حل لأي أزمة في العالم إلا عبر بوابة البيت الأبيض.

في اتصال هاتفي بين ماكرون وأردوغان، أعرب الرئيس الفرنسي عن استمرار الدعم الفرنسي لتركيا واهتمامه باستقرار تركيا، بطبيعة الحال ليس ذلك إلا استغلالاً للأزمة بين أنقرة وواشنطن التي افتعلها ترامب دون سبب واضح.

ففرنسا التي تطمح أن تسترجع موقعها العالمي لا تمانع في إظهار موقف مناقض لواشنطن في هذه القضية وغيرها لتعزيز صورتها كحليف صلب. من ناحية أخرى، ترتفع وتيرة التنسيق بين تركيا وروسيا في مختلف الملفات.

وتتقدم قطر التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع واشنطن بدعم مباشر للاقتصاد التركي تأكيداً على العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين، في ظل هذا كله يبدو البيت الأبيض غير آبه، أو على الأقل صامتاً، جزئياً.

فواشنطن لم تعد برشاقتها الدبلوماسية السابقة بعد تعرض وزارة الخارجية لضربات متتالية، ولكن الأهم هو جهل إدارة ترمب بما تعنيه ممارساتها على الأرض بالنسبة للوجود الأميركي الدولي.

حلفاء واشنطن التقليديون في أوروبا وآسيا هم اليوم بين من أصبح يصمم مشاريع بديلة للتحالف مع واشنطن وبين من يحاول أن ينحني للعاصفة بانتظار إدارة أكثر تعقلا، لكن ما يكمن في العمق هو أخطر مما يبدو على السطح فهناك تراجع أميركي مستمر في الساحة الدولية منذ عقد تقريباً.

ورغم أن زوال الهيمنة الأميركية له إيجابياته إلا أنه يستلزم نظرة عميقة فيما ستفرزه مرحلة إعادة تشكل النظام الدولي، القوى الجديدة، والتحالفات المتحولة، والأزمات المتتابعة سيكون لها أثر مشابه لتحرك الألواح «التكتونية» في قشرة الأرض: زلازل دبلوماسية وسياسية وصراعات عسكرية محدودة وكبيرة يحتاج أن يمر فيها العالم في طريق الانحسار الأميركي.

بطبيعة الحال لن يحدث ذلك في أيام قليلة لكنه بات واضحاً أن الانحسار الأميركي وصل لمرحلة لا يمكن معها إيقافه، فحتى إن نجحت إدارة قادمة في تأخير التراجع الأميركي فلن تتمكن من عكس التيار الهادر.

لذلك نجد اليوم محاولات التمدد في مناطق النفوذ الأميركي في ازدياد، فالصين وروسيا وفرنسا وغيرها من القوى لا يألون جهداً في تقديم أنفسهم كبدائل استراتيجية لدى مختلف القوى الإقليمية والدول المنخرطة في أزمات.

وتصرفات إدارة ترمب غير المحسوبة توفر وقوداً وافراً لهذه الجهود. اليوم دول كانت تعتمد بشكل كبير على دعم واشنطن مثل كوريا الجنوبية بدأت تعمل لتوفير بدائل سواءً من خلال تشكيل تحالفات جديدة مع قوى أخرى أو الإمساك بزمام المبادرة والتعامل الذاتي مع الأزمات المختلفة.

حلفاء واشنطن اليوم يعانون عبر العالم، هذه المعاناة ستفرز عالماً جديداً حين يقرر العالم أن بإمكانه تجاهل البيت الأبيض في تشكيل الموقف دولياً، مازالت موافقة واشنطن أساسية للتعامل مع كثير من الأزمات دولياً.

لكن العالم اليوم بات أقرب من أي وقت مضى لتجاهل واشنطن في ظل إدارة لا تعرف كيف تحافظ على مكتسباتها الاستراتيجية، ساكن البيت الأبيض يسمى عرفاً "قائد العالم الحر" فهل سيتحرر العالم من قائده؟

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

الهيمنة الأميركية إعادة تشكل النظام الدولي القوى الجديدة التحالفات المتحولة أزمات دبلوماسية وسياسية صراعات عسكرية الانحسار الأميركي محمد كوثراني