"ناشيونال إنترست": هل يحارب "ترامب" إيران للتخلص من تحقيقات "مولر"؟

الأحد 26 أغسطس 2018 02:08 ص

أثار اعتراف "مايكل كوهين" محامي "ترامب" حول قيامه بتقديم رشاوي للتأثير في نتائج الانتخابات بعلم "ترامب" نفسها حديثًا جديدًا حول توجيه الاتهام للرئيس الأمريكي، ومع مفارقة الروابط الجنسية في الوقائع، فإنها حفزت أيضًا مقارنات مع مساءلة الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون".

تركز معظم هذه المقارنات حول التشابهات والاختلافات بين الحالتين، وحول أسئلة مثل ما إذا كان الديمقراطيون الذين قللوا من أهمية علاقة "كلينتون" مع متدربة في البيت الأبيض "مونيكا لونيسكي" سيكونون غير متسقين إذا ما أجهزوا الآن على "ترامب" على الرغم من أن سلوك "كلينتون" لم يكن يتضمن تأثيرا على الانتخابات أو انتهاكا لقانون تمويل الحملات، في حين أن ادعاء "كوهين" بشأن "ترامب" يتقاطع مع هذه الأمور.

وكلفت وزارة العدل الأمريكية المحقق الخاص "روبرت مولر" العام الماضي بالتحقيق في جهود الحكومة الروسية في التأثير على نتيجة الانتخابات الأمريكية التي أسفرت عن وصول "ترامب" إلى البيت الأبيض.

تكتيكات تحويل الانتباه

ويركز المهتمون بالسياسة الخارجية والأمنية على بعد آخر لكيفية مناقشة قضية "كلينتون" و"مونيكا لوينسكي" في ذلك الوقت، عندما أمر "كلينتون"، في أعقاب هجمات القاعدة على السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام قبل عشرين عاماً بشن هجمات بصواريخ كروز ضد المنشآت المرتبطة بتنظيم القاعدة في أفغانستان والسودان.

في ذلك التوقيت، تم اتهام "كلينتون" من قبل خصومه السياسيين باستخدام الضربات لتعزيز الدعم المحلي المهتز على خلفية قضية "لوينسكي"، وهو اتهام عززه توقيت الضربات الصاروخية، التي وقعت بعد ثلاثة أيام فقط من اعتراف "كلينتون" في خطاب متلفز بأنه ضلل الجمهور حول علاقته مع "لوينسكي".

على الرغم من أنه من المستحيل معرفة كل عامل كان يؤثر على تفكير "كلينتون" في ذلك الوقت، سيكون من الصعب تقديم حجة مقنعة بأن التشتيت السياسي كان الدافع الرئيسي، مع تعرض سفارتين أمريكيتين لقصف حقيقي، وهو نوع الهجوم على مصالح الولايات المتحدة والذي يعتبر فيه الرد القوي على نطاق واسع ليس مبررًا فحسب بل إلزاميًا وقد حصل أمر "كلينتون" بالضربة على دعم كبير من الحزبين في الكونغرس، بما في ذلك من رئيس مجلس النواب "نيوت غينغريتش"، الذي قال إن الرئيس "فعل الشيء الصحيح تمامًا".

ولكن الشك في أن قرار "كلينتون" كان له علاقة بمشاكله السياسية الداخلية أكثر مما كان عليه مع الإرهاب ظل رواية رائحة، وأُطلق عليه في ذلك الوقت اسم  "Wag the Dog"، نسبة لفيلم شهير يحكي قصة قيام البيت الأبيض بافتعال حرب زائفة لصرف الانتباه عن فضيحة جنسية رئاسية.

وعلاوة على ذلك، فإن التاريخ الطويل للحروب الخارجية التي تعزز الدعم المحلي للزعماء السياسيين، وتمنحهم ميزة الشعبية وقت الحروب، يجعل من المشروع التساؤل عما إذا كان الزعيم المحاصر سياسياً في يومنا هذا قد يميل إلى استخدام القوة العسكرية بهذه الطريقة.

وإذا أُغري "ترامب" بهذا الخيار كثيراً، فإن الهجوم العسكري ضد جماعة إرهابية ربما لن يكون كافياً لتحقيق التأثير السياسي المطلوب، وقد لا تبدو الضربة العسكرية ضد القاعدة اليوم، في أفغانستان أو في أي مكان آخر، مختلفة قليلاً عن العمليات العسكرية الأمريكية الجارية في الخارج وينطبق الشيء نفسه على أي هجمات على بقايا تنظيم "الدولة الإسلامية".

ويبقى العدو المحتمل لأي حرب من هذا القبيل هو إيران، حيث تمتلك الإدارة بالفعل سياسية لتصعيد التوتر مع الدولة الفارسية يمكنها أن تشع الأساس السياسي والنفسي للحرب، ومع زيادة التصعيد، توداد احتمالية وقوع الحوادث التي يمكن أن تشعل حربا أو تقدم مبرر لبدء واحدة.

لذا فإن السؤال المطروح في هذه اللحظة هو: هل ستقود المشاكل الداخلية والقانونية "ترامب" عن عمد إلى بدء حرب كهذه، كأسلوب تكتيكي تشتيتي نهائي لرئاسته؟

ربما لا يعتبر "ترامب" أن مشاكله وصلت إلى تلك النقطة بعد.

هل يستخدمها "ترامب"

لا يبدو "ترامب" في الوقت الحالي وكأنه يسعى بنشاط إلى شن حرب، لكن عداوته التي لا نهاية لها تجاه إيران مصممة بشكل رئيسي لخدمة أغراض دول أجنبية حليفة للإدارة الأمريكية.

ويخدك التوتر المستمر مع إيران، دون وجود حرب مفتوحة معظم الأهداف المتعلقة بإيران لدى إسرائيل والسعودية والإمارات.

ورغم أن بعض أعضاء إدارة "ترامب" ربما يرحبون بالحرب مع إيران - وعلى الأخص مستشار الأمن القومي، "جون بولتون"، الذي ما زال يعتقد أن حرب العراق كانت فكرة جيدة – فإن هؤلاء المستشارين سيواجهون آخرين مخالفين لهم، على رأسهم وزير الدفاع "جيمس ماتيس"، الذي يبغض إيران بقدر ما يبغضها أي شخص، ولكن يبدو أنه يدرك أيضاً الخلل الهائل في مثل هذا الصراع.

ولكن إذا تم تكثيف التحقيقات الجنائية المحيطة بـ"ترامب" إلى درجة أن قاعدته السياسية بدأت تظهر علامات على التصدع، عندئذ قد يقرر أن الوقت قد حان لمباشرة هذا التكتيك، وهناك سببان يرجحان أن يذهب "ترامب" إلى هذا المسار أكثر من الرؤساء الآخرين الذين تعرضوا لضغوط مماثلة.

أحدها هو أن "ترامب" أظهر بالفعل ميلًا قويًا إلى الاعتماد على التحولات المدمرة، في الغالب من خلال التغريدات والبيانات الشفوية. ويبقى أحد التفسيرات كون سياساته الجائرة لم تتسبب في المزيد من المعارضة لبقائه في السلطة، هي أنها تتعاقب بشكل سريع ما يجعل كل حدث قادرا على سرقة الانتباه من الحدث الذي يسبقه، ونتيجة لذلك، يصبح من الصعب الاستمرار في الغضب على أي سلوك أو سياسة واحدة من "ترامب" عندما يتم حجبها بسرعة عن طريق سياسة أخرى.

والسبب الآخر هو أن "ترامب" يركز تكتيكياً على كل ما يؤثر على موقفه الشخصي وقاعدة دعمه، وهو لا يظهر أي إشارة تذكر للتفكير استراتيجياً فيما يتعلق بالمصالح الأوسع والأطول أجلاً للبلاد، وبالتالي، فمن المعقول تماماً أن يشن حرباً على إيران دون أن يكون لديه تقدير يذكر للعواقب الكارثية لمثل هذا الحريق الهائل.

  كلمات مفتاحية

ترامب إيران بيل كلينتون تحقيقات مولر