هل يمكن للولايات المتحدة وإيران العمل معا في العراق؟

الجمعة 11 يوليو 2014 11:07 ص

علي الرضا نادر، مؤسسة راند - ترجمة: الخليج الجديد

أشعل غزو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) مؤخرًا للكثير من الأراضي العراقية، النقاش حول دور إيران. وقد تساءل المحللون والنقاد: هل يجب أن تعمل واشنطن مع طهران لوقف مسيرة داعش التي لا ترحم؟

يبدو أن التعاون بين الولايات المتحدة وإيران ممكنًا، وإن لم يكن مرغوبا فيه. تخشى كل من واشنطن وطهران داعش والجماعات السنية المتطرفة المرتبطة بها، ويمكن أن تؤدي المفاوضات بين البلدين بشأن البرنامج النووي الايراني إلى مزيد من الانخراط في قضايا أخرى، وخاصة فيما يتعلق بالعراق. لكن التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وإيران حول العراق في هذه المرحلة محفوف بالتعقيدات.

لا تتطابق المصالح الأمريكية والإيرانية في العراق بصورة كبيرة. وقد يُعقِد التعاون بين البلدين المفاوضات النووية من خلال إعطاء طهران المزيد من النفوذ، مما يغضب حلفاء الولايات المتحدة مثل السعودية وإسرائيل، ويعزز المعارضة في الكونغرس بشأن صفقة نووية مستقبلية.

تفعل جمهورية إيران الإسلامية كل ما في وسعها للتأكد من أن داعش لن تسيطر على بغداد وتدمر الأضرحة الشيعية المقدسة في النجف وكربلاء. ومثل تلك النتيجة ستكون ضربة قاصمة للمصالح الجيوسياسية والدينية للنظام الإيراني. لذا ليس من المستغرب أن يُزيد الحرس الثوري الإيراني من نشاطه في العراق ويحشد الآلاف من الميليشيات الشيعية العراقية في محاولة لوقف تقدم داعش. ولن يكون من المستغرب كذلك أن نرى إيران ترسل بالمزيد من قواتها إلى العراق، أو حتى تتدخل علنا إذا تعرضت بغداد لخطر السقوط.

الجنرال محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، صرح مؤخرا بأن إيران كانت "جزيرة استقرار" في الشرق الأوسط بسبب نجاحها في تحمل الهجمة العراقية بين عامي 1980و1988. وعلى الرغم من أن إيران لم تنتصر في تلك الحرب، إلا أن الإطاحة اللاحقة بصدام حسين من قبل الولايات المتحدة وتمكن الشيعة في بغداد برر تضحيات الحرس خلال "دفاعها المقدس" عن إيران. وسيكون سقوط الشيعة في العراق بمثابة النكسة الاستراتيجية للنظام الإيراني.  

ولكن هل هذا يعني أن إيران مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة؟ يبدو أن حكومة الرئيس حسن روحاني تعتقد بذلك. تحدث مستشاروه بحماس عن إمكانية التعاون مع واشنطن، معتبرين أن ذلك ليس فقط سوف يُسهِل المفاوضات النووية، ولكن أيضا سياسة روحاني الخارجية في الاعتدال والمشاركة. لكن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عارض علنا العمل مع واشنطن. ومن الصعب أن نتصور الجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس المسؤول عن العمليات الإيرانية في سوريا والعراق، يعمل مع الجنود الأمريكيين النظاميين.

بعد كل شيء، كان فيلق القدس الذي يقوده سليماني هو المسؤول عن مئات القتلى والجرحى الأمريكيين خلال احتلال العراق. بطبيعة الحال، يمكن للولايات المتحدة اعتماد موقف عملي بأن "عدو عدوي هو صديقي" وتعمل مع ايران، عدوها الأقدر في الشرق الأوسط. ولكن الجراح على كلا الجانبين قد لا تكون التئمت بعد لتبني مثل تلك السياسة الواقعية.  

الانخراط مع إيران حول قضايا أبعد من البرنامج النووي يخلق بلا شك مزيدًا من القلق في تل أبيب والرياض. حكومتي إسرائيل والسعودية مقتنعتان بأن إيران "تتقدم" في الشرق الأوسط. وجهة النظر هذه قابلة للنقاش، وليست دائما دقيقة بشكل كبير، ولكن يمكن مع ذلك أن تُعقِد المفاوضات النووية، وخصوصا في ضوء معارضة الحكومة الإسرائيلية الصاخبة للاتفاق النووي المؤقت في نوفمبر 2013. وحتى يمكن النظر إلى اتفاق نووي "جيد" بين إيران والولايات المتحدة باعتباره خسارة للمصالح الإسرائيلية والسعودية إذا تم رفع العقوبات وأصبح الحرس أكثر حرية في دعم النظام السوري والحكومة الطائفية على نحو متزايد  في بغداد.  

تمسكت الولايات المتحدة بأن حل الأزمة العراقية يكمن في إيجاد حكومة أكثر شمولية في بغداد. وتتحدث الحكومة الإيرانية أيضا عن الشمولية في العراق، ولكن سياسات طهران تحركها الطائفية وتجعلها فوق كل اعتبار. سوف يسعى الحرس ليس فقط لتعزيز القوات المسلحة العراقية الرسمية، ولكن الأهم من ذلك سيقوم بتعزيز الميليشيات الشيعية المسؤولة عن عمليات القتل الطائفية. التطهير الطائفي الشامل من قبل كل من المتمردين السنة والقوات الشيعية المدعومة من قبل إيران هو إمكانية مرعبة لكنها حقيقية. كانت طهران على استعداد دائما لدعم الحملة الإرهابية للنظام السوري؛ وقد لا تتردد في تكرار نفس السياسة في العراق. ولا يمكن لواشنطون أن تكون متواطئة في حرب الذبح الطائفي.  

على الرغم من كل هذا، سيكون لايران دور رئيسي في العراق سواء أرغبت في ذلك واشنطون أم لم ترغب. إذا سعت الولايات المتحدة لإيجاد حل "إقليمي" للأزمة في العراق، فلين يكون بامكانها النجاح بدون إيران؛ ويمكن قول الشيء نفسه عن الصراع في سوريا. قد يتطلب وجود القوات الإيرانية والأمريكية في العراق اتصالات واضحة ومباشرة بين الجانبين، على الأقل لمنع سوء الفهم والمزيد من الفوضى. ولكن يجب على واشنطن التعامل بحذر والتركيز على المفاوضات النووية في الوقت الراهن. يمكن للولايات المتحدة أن تنتظر لنرى ما إن كانت الصفقة النووية المحتملة ستقدم فرصا جديدة للعمل مع إيران في القضايا الإقليمية، ولكن مقولة "عدو عدوي هو صديقي" ربما لا تنطبق على العراق في هذا الوقت.  

 

علي الرضا نادر: محلل السياسة الدولية في مؤسسة راند، ومؤلف لـكتاب «أيام ما بعد التوصل الى اتفاق مع إيران: الإستمرارية والتغيير في السياسة الخارجية الإيرانية».

  كلمات مفتاحية

العراق: الأمير الأمريكي وقتل المجتمع