منظمة العفو الدولية: معارضة عالمية لما تقوم به الولايات المتحدة من رقابة جماعية

الخميس 26 مارس 2015 09:03 ص

مع نشرها نتائج استطلاع رئيسي للرأي بالتزامن مع إطلاق حملتها العالمية: #UnfollowMe، قالت منظمة العفو الدولية أن قيام الولايات المتحدة بالرقابة الجماعية على استخدامات الإنترنت والاتصالات الهاتفية يشكل تحدياً للرأي العام العالمي.

وتضمن الاستطلاع طرح اسئلة على 15 ألف شخصٍ من 13 بلداً من مختلف مناطق العالم تبين من خلال ردودهم عليها أن 71% من الذين تم استطلاع آرائهم يعارضون بشدة قيام الولايات المتحدة بمراقبة استخدامهم للشبكة المعلوماتية. كما قال حوالي ثلثيّ المستطلع آرائهم أنهم يودون لو تقوم شركات تكنولوجيا الإنترنت من قبيل غوغل ومايكروسوفت وياهو بتأمين اتصالاتها للحيلولة دون ولوج الحكومات إليها والاطلاع عليها.

وبهذه المناسبة، قال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شيتي: "ينبغي أن ترى الولايات المتحدة في هذا الاستطلاع تحذيراً لها من أن الرقابة التي تمارسها تلحق الضرر بمصداقيتها. وينبغي على الرئيس أوباما أن يذعن لصوت الناس من مختلف أنحاء العالم ويتوقف عن استخدام الإنترنت كأداة لجمع بيانات جماعية عن حياة الناس الشخصية".

واضاف شيتي قائلا: "توفر تكنولوجيا اليوم سلطةً غير مسبوقة للحكومات تتيح لها مشاهدة ما نقوم به عبر الإنترنت. وثمة حاجة لاستحداث آليات تمحيص مستقلة تراقب جهات الرقابة بما يكفل عدم إساءة استغلالها للسلطة. ولكن نادرةٌ هي التشريعات المتوفرة اليوم أو تكاد تكون معدومة على صعيد حماية الحق في الخصوصية وعدم التعرض للرقابة الجماعية العشوائية. ولا شك أنه ثمة عدد متزايد من البلدان التي تفكر فعلاً في سنّ قوانين تمنحها صلاحيات أوسع نطاقاً تخولها القيام بأنشطة الرقابة والتجسس على حساب حقوق الناس".

وفي يونيو/ حزيران 2013، كشف المبلغ عن المخالفات إدوارد سنودن النقاب عن تخويل وكالة الأمن الوطنية في الولايات المتحدة مراقبة استخدامات الهاتف والإنترنت في 193 بلداً في مختلف أنحاء العالم. وفي ما يُعتبر مجرد لمحة عن قدرات الوكالة على صعيد أنشطة الرقابة والتجسس، كُشف النقاب عن قيامها بجمع 5 مليار سجل هاتفي يومياً و42 مليار سجل عبر الشبكة المعلوماتية شهرياً، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني والمواقع التي زارها المتصفح.

أكبر معارضة للرقابة الجماعية في البرازيل وألمانيا

واتضح من خلال استطلاع الرأي أن أقوى معارضة لقيام الولايات المتحدة باعتراض استخدام الإنترنت وتخزين بياناتها وتحليلها قد سُجلت في البرازيل (80% ضد) وألمانيا (بواقع 81%)

عقب ما كشف سنودن النقاب عنه، شهد البلَدان صرخات احتجاج واسعة النطاق بعد أن اتضح أن الولايات المتحدة قد قامت بالتجسس على الاتصالات الهاتفية لرئيسة البرازيل دييلما روسيف والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

بل وحتى في فرنسا، التي سجل المستطلعون فيها أدنى نسبة من المعارضة لممارسات الولايات المتحدة، فلقد عبر غالبيتهم (56%) عن معارضتهم لهذا النوع من الرقابة. ويُذكر أن استطلاع الرأي قد قد أُجري عقب وقوع هجمات شارلي إيبدو.

كما ثمة من بين حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين من يعارض ما تقوم به من أنشطة رقابة وتجسس

تتقاسم الولايات المتحدة ثمار برنامج الرقابة الجماعية الذي تديره مع كل من استراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة تحت مظلة الائتلاف المعروف باسم "الأعين الخمس". وحتى في هذه البلدان، فلقد بلغت نسبة من يعارضون أنشطة الرقابة الأمريكية ثلاثة أضعاف أنصارها، أي بواقع 70% و17% على التوالي.

وقال سليل شيتي: "الرسالة واضحة: حتى مواطني أقرب حلفاء الولايات المتحدة لا يرغبون في قيام الحكومات بتسجيل بيانات استخدامهم للإنترنت. وينبغي أن تتوخى المملكة المتحدة وغيرها من بلدان ائتلاف الأعين الخمس المزيد من الانفتاح مع شعوبها بشأن طريقة تقاسمها لغنائم الرقابة والتجسس – وهذه الغنائم ما هي إلا بياناتنا الشخصية".

ثمة ضغوط تُمارس على شركات التكنولوجيا كي تساعد في حماية الحقوق المتعلقة بالخصوصية لا أن تعطلها.

كما يعتقد الناس أنه ثمة واجب على شركات التكنولوجيا مثل غوغل ومايكروسوفت وياهو يملي عليها تأمين بيناتهم الشخصية بما يكفل عدم اطلاع الحكومات عليها، وهذا رأي (60%) من المستجيبين، بينما عبر 26% منهم عن موافقته على قيام هذه الشركات بمنح السلطات إمكانية الولوج إلى بياناتها.

وفي 2013، كشفت ملفات وكالة الأمن الوطنية التي جرى تسريبها أن الشركات قد تعاونت مع السلطات الأمريكية في تسهيل مراقبة استخدامات الأشخاص للتطبيقات التي توفرها تلك الشركات من قبيل خدمة البريد الإلكتروني ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي.

وعلق سلل شيتي قائلا: "على شركات التكنولوجيا أن تختار بين أمرين لا ثالث لهما يحددان مستقبل الإنترنت ما بين أن تكون مكاناً للتعبير عن الرأي أم لقمعه. وبوسعها أن تطلب من مستخدميها ترك حقوق الخصوصية عند بوابة الدخول إلى خدمات الإنترنت، أو أن تمنحهم القدرة على التحكم ببياناتهم الشخصية والسيطرة عليها".

الرقابة محليا

لم يرغب المستجيبون في جميع البلدان التي شملها استطلاع الرأي وعددها 13 بلداً أن تقوم حكومات بلدانهم باعتراض استخدامهم للهواتف والإنترنت وتخزين بياناتهم وتحليلها. وكمتوسط لجميع البلدان، بلغت نسبة الذين أعربوا عن معارضتهم لقيام حكومات بلدانهم بالرقابة هذه (59%)، أي ضعف نسبة الذين قالوا أنهم يوافقون عليها، والبالغة (26%).

وجاءت أعلى نسب المعارضين لقيام حكومات بلدانهم بأنشطة رقابة وتجسس عليهم في كل من البرازيل (65%) وألمانيا (69%). كما بلغ المعارضون في إسبانيا (67%) مراكز الصدارة في جدول أصحاب الرأي المعارض، لا سيما بعد التقارير التي أفادت بقيام وكالة الأمن الوطني بالتنصت على 60 مليون مكالمة هاتفية في إسبانيا وحدها، الأمر الذي تسبب بموجة غضب عارمة في عام 2013.

كما إن غالبية مواطني الولايات المتحدة (63%)، تعارض برنامج حكومة بلادهم للرقابة والتجسس بينما وافق (20%) منهم عليها.

وعلق سليل شيتي بالقول: "يريد الناس أن يتتبع أصدقاؤهم ما يقومون به من أنشطة وتحركات وليس حكومات بلدانهم. فهم لا يريدون أن يعيشوا حياةً تخضع للمراقبة الدائمة من خلال نظام الرقابة الذي تمارسه (الأخت الكبرى)".

العدو الداخلي؟

وتختلف المواقف والتوجهات كثيراً عندما يتعلق الأمر بممارسة الرقابة والتجسس على الأجانب الذين يقيمون في بلدان المستجيبين. فلقد أعرب عدد أكبر من الناس (45% كمتوسط في 13 بلداً) عن موافقتهم على قيام حكومات بلدانهم بمراقبة استخدام الاتصالات الهاتفية وعبر الإنترنت من لدن الأجانب المتواجدين على أراضي بلدانهم بينما عارض 40% ذلك.

وتتصدر فرنسا والمملكة المتحدة جدول البلدان التي توافق على مراقبة الأجانب المقيمين في البلدين حيث بلغت نسبة المؤيدين (54% و55% على التوالي) وهي تعادل ضعف نسبة المعارضين في البلدين والبالغة (27% و26% على التوالي).

وعلى نحو مشابه، شعر نصف مواطني الولايات المتحدة أنه ينبغي على حكومة بلادهم أن تراقب استخدام الأجانب المقيمين في الولايات المتحدة للهواتف والإنترنت، بينما عارض ذلك 30% فقط.

وقال سليل شيتي: "إن وجود عدد أكبر من الناس يعرب عن استعداده لقبول قيام حكومات بلدانهم بتتبع الأجانب وليس المواطنين قد يبرهن على مناخ من الخوف تم إيجاده لتبرير أنشطة الرقابة والتجسس. ويتعين على الحكومات أن تتصدى لكراهية الغرباء وتقر بأن التضحية بحقوق الإنسان لن يجلب قدراً أكبر من الأمن".

ويُذكر أن منظمة العفو الدولية قد حركت بالفعل قضية ضد الحكومتين الأمريكية والبريطانية في محاولة منها لكبح جماح ممارسة الرقابة الجماعية العشوائية. وتطلق المنظمة اليوم حملتها الجديدة المعنونة (#UnfollowMe) لتناشد الحكومات إيجاد آليات من المساءلة والرقابة التي تكفل تحقيق الشفافية على صعيد أنشطة الرقابة الجماعية.

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة حملة #UnfollowMe العفو الدولية الرقابة الجماعية الإنترنت الاتصالات