وثائق تكشف ما قاله "قيس الخزعلي" للأمريكان عن إيران

الخميس 30 أغسطس 2018 08:08 ص

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن تقارير استجواب أمريكية، رفعت عنها السرية في الآونة الأخيرة، سلطت من جديد الضوء، على واحد من أبرز الشخصيات السياسية الشيعية في العراق وهو "قيس الخزعلي" زعيم جماعة "عصائب أهل الحق"، ودور إيران في تدريب وتسليح الميليشيات العراقية التي هاجمت القوات الأمريكية خلال حرب العراق.

وقالت الصحيفة إن عملية استجواب "الخزعلي" أجريت قبل عقد من الزمن، عندما تم القبض عليه من قبل التحالف الدولي، الذي كانت تقوده الولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بـ"صدام حسن"، مشيرة إلى أن التحالف اتهم "الخزعلي" بشن هجوم عام 2007 أدي إلى مقتل 5 من الجنود الأمريكيين.

وأشارت الصحيفة إلى أن تقارير الاستجواب رفعت عنها السرية، وحظيت بالموافقة على العرض العام من قبل القيادة المركزية الأمريكية منذ أشهر، كجزء من جهود لدراسة تاريخ حرب العراق.

وأضافت أنه على الرغم من أن الاستجوابات لم تكن موزعة بشكل رسمي من قبل الحكومة الأمريكية، فقد تم الاطلاع على نسخ من هذه التقارير من قبل "وول ستريت جورنال".

ولفتت إلي أنه تم نشر هذه التقارير في واشنطن، حيث كان مشروعون ومسؤولون في إدارة "ترامب" يناقشون ما إذا كان ينبغي تصنيف "الخزعلي" وميليشياته، ككيانات إرهابية.

ونوهت الصحيفة إلى أنه من المرجح أن تؤدي التقارير السابقة إلى تعكير صفو المشهد السياسي في بغداد، حيث يتنافس "الخزعلي" على السلطة مع قادة سياسيين أخرين من الشيعة، بمن فيهم "مقتدي الصدر"، والذي جنى ائتلافه مكاسب مثيرة للإعجاب في الانتخابات العراقية الأخيرة، في حين اختلف معه "الخزعلي" كما بينت التقارير.

وذكرت الصحيفة أن الشخصية السياسية التي كانت في قلب الدراما، هو "الخزعلي"، الذي فازت مجموعة "عصائب أهل الحق" بـ15 مقعدا في الانتخابات البرلمانية العراقية التي عقدت في شهر مايو/أيار الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الأشهر الأخيرة، أكد "الخزعلي" في تصريحات علنية أنه ليس مدينا لإيران، ولكن تقارير الاستجواب تظهر أن زعيم "عصائب أهل الحق" ناقش تداخله مع إيران، والدعم الذي تلقته الميليشيات الشيعية العراقية من طهران خلال فترة الهجوم على القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها.

وذكرت الصحيفة أن إيران والولايات المتحدة كانتا تتنافسان على النفوذ في العراق، طوال فترة الحرب، وقد سعت إيران للتأثير على الحكومة التي يهمين عليها الشيعة في العراق غالبا، على حساب السنة.

وأكدت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن إيران قدمت الأسلحة والتدريب للميليشيات الشيعية، حتى يتمكنوا من مهاجمة القوات الامريكية والضغط عليهم لمغادرة البلاد.

وقد غادرت الولايات المتحدة العراق في عام 2011 بعدما فشل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ورئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" في الوصول إلي اتفاق للسماح بالقوات الأمريكية بالبقاء في العراق.

ووفق لما ذكرته الصحيفة فقد كشف محضر تحقيق مع "الخزعلي" بتاريخ 18 يونيو/حزيران 2007، عن تدريبات قدمها "الحرس الثوري" الإيراني لميليشيات شيعية عراقية في ثلاث قواعد بالقرب من طهران، بينها "قاعدة الإمام الخميني" التي زارها "الخزعلي".

لكن الإيرانيين لم يدربوا الميليشيات الشيعية العراقية بمفردهم، وحسب التحقيقات كان "هناك إيرانيون ولبنانيون من حزب الله يجرون التدريبات في تلك القواعد... الإيرانيون خبراء في الحرب الشاملة بينما اللبنانيون مختصون بحرب الشوارع أو العصابات"، وفقا للصحيفة

واقترح الإيرانيون أهدافا للهجمات التي نفذتها الميليشيات في العراق وقتئذ، فطلبوا من الميليشيات الشيعية أن تركز بعض هجماتها على القوات البريطانية "لتدفعها للانسحاب" وزيادة الضغط على الولايات المتحدة لتنسحب أيضا، حسب ما نقلت "وول ستريت جورنال".

وكانت بريطانيا شريكة للولايات المتحدة في التحالف الذي قادته واشنطن.

وانسحبت القوات الأمريكية من العراق في 2011 قبل أن تعود في 2014 ضمن "التحالف الدولي" لهزيمة "الدولة الإسلامية" الذي نجح في معاونة الحكومة العراقية على دحر التنظيم.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الخزعلي" تحدث في التحقيقات عن إمداد الإيرانيين الميليشيات بعبوات ناسفة خارقة للدروع تسببت بمقتل وإصابة مئات من الجنود الأمريكيين.

وتقول محاضر التحقيقات إن "المعتقل (الخزعلي) قال إنه يمكن لأي شخص تلقي تدريب على تلك العبوات وإن إيران لا تكترث بمن يحصل عليها... ويرجع هذا إلى رخص ووفرة تلك العبوات".

واعتقل "الخزعلي" وحققت معه السلطات الأمريكية بعد عملية "مجلس محافظة كربلاء، والتي خططت لها إيران"، حسب ما قال "الخزعلي" للمحققين.

وكان الهدف من العملية تبادل الجنود الأمريكيين المفترض اختطافهم بأتباع لـ"الصدر" احتجزهم التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة، غير أن العملية انتهت بمقتل 5 جنود أمريكيين.

وتم تسليم "الخزعلي" للسلطات العراقية في أواخر 2009 بعدما تعهد بأن الميليشيا التي يقودها ستتخلى عن السلاح، وأطلق سراحه بعد ذلك بفترة قصيرة.

انشقت ميليشيا "عصائب أهل الحق" في 2004 عن "جيش المهدي" الذي كان يقوده "الصدر"، لكن العلاقات بين الرجلين شهدت محطات كثيرة قبل أن تتدهور، من تلك المحطات زيارات عدة جمعتهما لإيران.

وأفصح "الخزعلي" للمحققين الأمريكيين عن رحلات عديدة لإيران منفردا وصحبة "مقتدى الصدر" بحثا عن المال والدعم السياسي والسلاح.

وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن التحقيقات مع "الخزعلي" مليئة بالتفاصيل حول التعاملات بين "الصدر" والإيرانيين ورغبة "الصدر" في التحكم بالمال الإيراني المتدفق إلى الجماعات السياسية في العراق.

وخلال إحدى الزيارات التي قام بها منفردا في 2005، قال الإيرانيون لـ"الخزعلي" إن على "الصدر" أن يشارك في الانتخابات العراقية ليضمن "أن يربح (الشعب الشيعي) سيطرة كاملة على البلد والحكومة".

وقال "الخزعلي" للمحققين الأمريكيين إن عددا من الشخصيات السياسية في العراق كانت متعاطفة مع إيران أو تأثرت بنفوذها ومنهم "جلال طالباني" الرئيس العراقي الراحل.

ولم تدم العلاقات الجيدة بين الطرفين في تلك الفترة حسب محضر تحقيق بتاريخ يناير/كانون الثاني 2008، كشف فيه "الخزعلي" خلافا مع "الصدر" الذي قال عنه إنه "ليس لديه أي مبادئ ويعمل فقط من أجل مكاسب شخصية".

وبعد نحو عقد على التحقيقات الأمريكية مع "الخزعلي" تحول المشهد السياسي العراقي وتبدلت أدوار الرجلين.

وجمد "الصدر"، "جيش المهدي" في أواخر العقد الماضي ويتزعم الآن تيار "سائرون" الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في مايو/أيار الماضي.

و"الخزعلي" لا يزال يحتفظ بعلاقات قوية مع إيران حسب الصحيفة الأمريكية، وتحولت معه "عصائب أهل الحق" إلى السياسة لتربح 15 مقعدا في برلمان العراق الجديد.

وقال الباحث في الشؤون العراقية "كيرك سويل" لـ"وول ستريت جورنال" إن هذه المقاعد قد تدخل "الخزعلي" ضمن تحالف أو يستغلها ليصبح صوتا لمعارضة الحكومة المقبلة.

وأوضح أن "كان لديهم مقعد واحد ("عصائب أهل الحق") ولعبوا دورا كبيرا لأنه كان لديهم السلاح والآن لديهم 15 مقعدا".

وأشارت الصحيفة إلى أن "الصدر" كان قد حقق نجاحا بكونه صوتا للمعارضة خلال السنوات القليلة الماضية وقد يكسب "الخزعلي" نفوذا وشعبية بأسلوب مماثل.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

العراق الحرب العراقية الولايات المتحدة الأمريكية التحالف الدولي صدام قيس الخزعلي مقتدي الصدر