"ذي أتلانتيك": الصين تعامل الإسلام على أنه "مرض عقلي"

الاثنين 3 سبتمبر 2018 08:09 ص

يتم الآن احتجاز مليون مسلم في معسكرات الاعتقال الصينية، وفقا لتقديرات استشهد بها مسؤولو الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وقد قال سجناء سابقون، معظمهم من الإيغور، وهم أقلية عرقية مسلمة إلى حد كبير، للصحفيين إنه خلال عملية تلقين دامت عدة أشهر، أُجبروا على نبذ الإسلام، وانتقاد معتقداتهم الإسلامية الخاصة.

فيما أجبر البعض على غناء الأغاني الدعائية للحزب الشيوعي لساعات كل يوم، وكانت هناك تقارير إعلامية عن إجبار النزلاء على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول، وهو أمر محظور على المسلمين، فضلا عن تقارير عن التعذيب والموت.

إن الحجم الهائل لنظام معسكرات الاعتقال في إقليم شينجيانج بشمال غرب الصين هو أمر مذهل، وتصف اللجنة التنفيذية في الكونغرس الأمريكي المختصة بالصين هذه المعسكرات بأنها "أكبر عملية احتجاز جماعي لأقلية من السكان في العالم اليوم".

الإسلام يعامل كمرض

بدأت بكين باستهداف من تصفهم المتشددين من الأويغور، ولكن القمع تطور ليشمل المظاهر الحميدة للهوية الإسلامية فمجرد ترك اللحية تطول إلى حد ما هو أمر كاف لإرسال أبناء الإيغور إلى معسكرات الاعتقال.

وفي وقت سابق، عندما واجهت لجنة تابعة للأمم المتحدة مسؤولا صينيا بارزا حول المعسكرات، أنكر وجود "معسكرات إعادة التأهيل"، على الرغم من أن وثائق الحكومة تشير إلى المرافق بهذا الاسم، لكن الصين بدأن مؤخرا بتشبيهها بنوع آخر من المؤسسات وهي المستشفيات.

في ما يلي مقتطف من تسجيل صوتي رسمي للحزب الشيوعي، تم نقله العام الماضي إلى الأويغور عبر المنصة الإعلامية الاجتماعية "وي شات":

"أفراد الجمهور الذين تم اختيارهم لإعادة تأهيلهم مصابون بمرض إيديولوجي، لقد أصيبوا بالتطرف الديني والأيديولوجية الإرهابية العنيفة، وبالتالي يجب عليهم الحصول على العلاج من المستشفى. إن الإيديولوجية المتطرفة الدينية هي نوع من الأمراض السامة، التي تربك عقل الشعب، وإذا لم نستأصل التطرف الديني من جذوره، فإن الأحداث الإرهابية العنيفة سوف تنمو وتنتشر في جميع الأنحاء مثل ورم خبيث غير قابل للشفاء".

ويقول "جيمس ميلوارد"، أستاذ التاريخ الصيني في جامعة جورج تاون، إن "الاعتقاد الديني يُنظر إليه على أنه مرض"، مضيفا أن بكين غالبا ما تدعي أن الدين يغذي التطرف والانفصالية.

وأضاف: "لذا، فإنهم الآن يشبهون معسكرات إعادة التأهيل بالمستشفيات التي تهدف إلى علاج التفكير، إنه مثل تطعيم أو إجراء طبي يريدون أن يطبقوه على جميع السكان الأويغوريين، لقتل جراثيم التطرف، كما يصفونها. لكن الأمر لا يقتصر على إعطاء شخص ما جرعة واحدة، بل يتم حبسه لشهور في ظروف سيئة".

لطالما خشيت الصين من أن يحاول الإيغور إقامة وطنهم القومي في شينجيانغ، والذي يشيرون إليه باسم تركستان الشرقية، وفي عام 2009، أسفرت أعمال الشغب العرقية هناك عن مئات الوفيات، وادعى المسؤولون الصينيون أنه من أجل قمع تهديد النزعة الانفصالية لدى الأويغور، فإن الحكومة لا تحتاج فقط إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد هؤلاء الذي يظهرون سمات التشدد، ولكن على جميع السكان الإيغوريين.

وتتعمد الحكومة استخدام هذا "التشبيه الطبي" لتبرير سياستها للاعتقال على نطاق واسع، إذ إن محاولة تطعيم شعب بأكمله ضد الإنفلونزا، على سبيل المثال، يتطلب إعطاء لقاح الأنفلونزا ليس فقط للقلة القليلة المنكوبة أصلا، ولكن إلى كتلة كبيرة من الناس، وفي الواقع، باستخدام هذا الخطاب، حاولت الصين الدفاع عن نظام حصص الاعتقال للإيغور، ففي إحدى البلدات، قال مسؤولو الشرطة إنهم أمروا بإرسال 40% من السكان المحليين إلى المعسكرات.

التبرير بلغة طبية

كما تستخدم الحكومة هذه اللغة التشبيهية بالأمراض في محاولة لتبرير فترات طويلة من الاعتقالات والتدخلات المستقبلية في أي وقت يرى فيه المسؤولون أن الإسلام يبدو تهديدا. وقال "تيموثي جروس"، وهو خبير صيني في معهد روز هولمان للتكنولوجيا: "يعامل الإسلام كمرض عقلي لا يضمن أبدا فيه الشفاء التام، مثل الإدمان أو الاكتئاب".

في ما يلي كيفية شرح الحزب الشيوعي لهذا المرض المزعوم ما يحمله من "خطر العدوى":

"هناك دائما خطر أن يظهر المرض نفسه في أي لحظة، مما قد يتسبب في ضرر جسيم للجمهور، ولهذا السبب يجب أن يتم شحنهم في مستشفىات إعادة التأهيل في الوقت المناسب لعلاج وتطهير الفيروس من دماغهم واستعادة عقلهم الطبيعي، إن الإصابة بالتطرف الديني والإيديولوجية الإرهابية العنيفة وعدم طلب العلاج هو مثل الإصابة بمرض لم يعالج في الوقت المناسب، أو مثل تناول أدوية سامة، ليس هناك ما يضمن أنها لن تؤثر عليك في المستقبل".

وبعد خضوع المرضى المزعومين لإعادة التأهيل والشفاء من المرض الأيديولوجي، لا يعني ذلك أنه تم شفاؤهم نهائيا، لذلك، بعد الانتهاء من عملية إعادة التأهيل في المستشفى والعودة إلى المنزل، يجب أن يظلوا يقظين، وأن يمدوا أنفسهم بالمعرفة الصحيحة، يحضروا بنشاط مختلف الأنشطة العامة "لتعزيز نظامهم المناعي".

وبالإضافة إلى الأويغور، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مسلمين من مجموعات عرقية أخرى، مثل الكازاخيين والقرغيز، قد تم إرسالهم إلى المعسكرات، وأضاف: "أعتقد أن الحكومة الصينية تقول: هذا هو المستشفى الأيديولوجي، أرسِل هنا كل شخص ليس صينيا (عرقيا)، إنهم مرضى، ليسوا آمنين، ليسوا موثوقين، إنهم ليسوا أشخاصا أسوياء".

علاج مدمر نفسيا

المفارقة الرهيبة هي أنه في أثناء "علاج" الإيغور من المشاكل النفسية المزعومة، تتسبب الصين في أضرار نفسية حقيقة للمحتجزين. وقال سجين سابق لصحيفة "الإندبندنت" إنه عانى من أفكار انتحارية داخل المعسكرات. ومع علم الإيغور في المنفى في جميع أنحاء العالم ما يحدث لأقاربهم في الوطن، قال بعضهم للصحفيين إنهم يعانون من الأرق والاكتئاب والقلق والبارانويا.

وقال "مراد هاري"، وهو طبيب يبلغ من العمر 33 عاما انتقل إلى فنلندا في عام 2010، إنه تلقى أنباء من أقاربه بأن والديه في المعسكرات، وقد أطلق حملة على الإنترنت بعنوان "حرروا والديّ"، وقال إنه سيجمع الأموال لبدء حملة منظمة للدفاع عنهم لمساعدتهم، لكنه أخبرني أنه يعاني من نوبات هلع متكررة، كما أنه تحدث عن كونه اصبح عُرضة لمشاعر الغضب والعجز والإنهاك، قائلا: "أحاول أن أكون طبيعيا، لكن لديّ مشكلة نفسية الآن".

في مقابلة "مع جلوب آند ميل"، قالت امرأة من الأويغور في كندا لديها أخت في المعسكرات: "لا أستطيع التركيز على أي شيء، ذهني ليس معي، لقد فقدت الكثير من الوزن لأنني لا أريد أن آكل بعد الآن".

يضطر الكثير من الإيغور الذين يعيشون في الخارج للتعايش مع شعور عارم بالذنب، وهم يعرفون أن بكين تتعامل مع أي من الإيغور المسافرين على أنهم مشبوهون، وأن أفراد عائلاتهم يُعاملون على أنهم مشبوهون بسبب الصلة معهم.

على سبيل المثال، قال إيغوري يبلغ من العمر 24 عاما ويدرس في كلية الدراسات العليا في كنتاكي، والذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من أن تعاقب الصين أقاربه، قال إنه مضى 197 يوما منذ أن تمكن من الاتصال بوالده في شينجيانغ، وهو يعد الأيام على لوحة معلقة على حائط غرفة نومه.

وقال: "أخشى على حياة والدي"، وعندما سئل عن سبب اعتقاده أن والده قد أرسل إلى معسكر اعتقال، أجاب دون شك: "لأنني أذهب إلى الكلية هنا في بلد أجنبي"، وأضاف: "الآن أعلم أنه إذا عدت إلى المنزل، فسوف أُسجن تماما مثل والدي".

المصدر | ذي أتلانتيك

  كلمات مفتاحية

الصين الإيغور تركستان الشرقية الإسلام في الصين