استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مأساة شاب عربي أصبح بلا وطن

الثلاثاء 4 سبتمبر 2018 02:09 ص

صرَفت قضية هذا الشاب العربي الفلسطيني انتباهي عن هموم امتنا العربية والاسلامية وما يحيط بها من مؤامرات وتربص، وهي اليوم على حافة الهاوية تنتظر الطلقة الاولى لتشتعل حرب بؤرتها سورية المعذبة وتتوسع دائرتها لتصل ارتدادات تلك الحرب المتوقعة الى الخليج العربي وحكامنا في خلافاتهم يعمهون.

 

هموم امتنا العربية متعددة ومتشعبة من بين تلك الهموم التي تشغل البال الحصار المفروض على دولة قطر من اشقاء ما برحوا يدبرون المكائد لأهل قطر شعبا وقيادة وحكومة، أدخلوا حرب التجسس على قياداتنا والتنصت على وسائل اتصالاتهم الهاتفية سلكية ولا سلكية مستعينين بأعداء الأمة العربية "اسرائيل".

وإذا جاز لهم التجسس عن طريق التنصت على قيادات قطرية فما الذي يمنع من التنصت على قيادات خليجية حليفة استعدادا لمستقبل لا نعرف عواقبه.

والحق أن مأساة شاب فلسطيني يحمل وثيقة سورية (لاجئ فلسطيني) سافر الى الهند قبل اشتعال الحرب في سورية عام 2011 طلبا للعلم، والتحق بإحدى الجامعات الهندية وحصل على بكالوريوس علوم. ضاقت به الحياة فوثيقة سفره السورية انتهت صلاحيتها ولا تدخله حتى سورية في ظروفها الراهنة.

تزوج من فتاة هندية معتقدا أنها ستكون الشفيع له للحصول على الجنسية الهندية كما هو الحال في الدول الغربية والبقاء في الهند كمواطن هندي الى ان يغير الله حال هذه الامة، انجب ثلاثة اطفال "ولدين وبنتا" أعمارهم على التوالي (ثلاث سنين، وسنتان، وثمانية اشهر).

فوجئ ببلاغ من السلطات الهندية بأن عليه مغادرة البلاد لأن اقامته انتهت، وحاول البقاء على اعتبار انه اقترن بمواطنة هندية ولكن لم يشفع له ذلك الحال.

ذهب الى سفارة فلسطين في الهند وشرح لهم حاله فأصدروا له جواز سفر فلسطينيا، وتأكد منهم بأن ذلك الجواز سيمكنه من دخول الأردن الاقرب الى سورية مسقط رأسه، لعله يستطيع أن يشم رائحة الشام مسقط رأسه ومهد طفولته وموطن ذكريات وريعان شبابه، او يقترب من موطن الاباء والاجداد فلسطين.

وأكدوا له في السفارة ذلك الامر بأن الأردن لا يمانع من دخوله طالما يحمل جواز السلطة (اللا سلطة). حزم حقائبه واسرته وغادر الهند الى الأردن، منع من دخول الأردن وبقي في مطار عمان  يعاني آلام الغربة وشح اليدين وعائلة وأطفال يتضورون جوعا ولا معين.

(1)

قررت سلطات مطار عمان إبعاد الرجل واسرته عن غير رغبة منه الى مسقط، وصل مسقط ولم يسمح له بدخول البلاد العمانية، وبقي في المطار وأطفاله الذين لا شفيع لهم في الارض يتضورون جوعا، ورب الأسرة يستحي ان يمد يده للعابرين الى آفاق ارض الله الواسعة عبر مطار مسقط.

السفارة الفلسطينية في مسقط حاولت على استحياء مساعدة هذه الاسرة الحزينة الحاسرة، طرح اسمه ومشكلته على وسائل الاتصال الاجتماعي ولعل احد اهل الخير يمده ببعض المال الذي قد يروي عطشه ويسد رمق صغارة.

ضاعت حقائبه وملابس اطفاله وزوجته فمن يعينهم على شراء ملابس بعد ان بليت ملابسهم التي يرتدونها من التنقل بين مطارات العروبة والاسلام ويحتاجون الى غيار وخاصة الاطفال لا معين ولا غيور، وانعدمت الانسانية وضاقت ارض العرب بمواطن عربي لا يجد مأوى يأوي اليه واسرته رغم سعة مساحة الوطن العربي.

أتفهم حال الأردن في ابعاد هذا الانسان الفلسطيني، فأرض الاردن تعج باللاجئين من كل دنيا العرب ولا يريدون زيادة نسمة واحدة بل يحاولون ايجاد منافذ لاخراج من ضاقت بهم الأردن فموارد الاردن شحيحة مالا وماء وتطبّبا ومساحته ضيقة تكاد لا تكفي اهل الأردن.

سلطات مطار مسقط لم تحتمل بقاءه فرحلت هذا الإنسان المعذب وأسرته إلى ماليزيا أيضا عن غير رغبة منه ولكن لا حول له ولا قوة الا بالله. ركب الطائرة مع اسرته المعذبة واقدامه تتثاقل الخطى انه يسير الى عالم مجهول لا عهد له به ولا يدري ما سيواجهه في ماليزيا واسرته.

(2)

وصل مطار كوالا لمبور ــ ماليزيا بأسرته الحزينة، لا يعرف اين يذهب، انه بلا عنوان، رغم ذلك سمح له بالدخول الى البلاد الماليزية وأعطي اقامة لمدة شهر. المهم الآن كيف يعيش وهو لا يعرف احدا في تلك الديار، وماذا عساه ان يفعل خلال هذا الشهر المصرح له بالإقامة في البلاد؟

تنقلاته في احياء المدينة بحثا عن عمل او معين، تحتاج الى مال، الاطفال لا يعرفون محنة الوالدين يريدون ماء يشربون واكلا ياكلون وحليبا لصغيرهم فلا يجدون ذلك الا بشق الانفس.

أمامه الآن خمسة وعشرون يوما عليه ان يجد حلا لحاله، فماذا عليه ان يصنع، انه لا حول له ولا قوة.

(3)

سؤالي الى اصحاب الضمير من العرب وخاصة اهل الخليج العربي هل من سبيل لإيجاد فرصة عمل لهذا الشاب العربي الفلسطيني التائه وهو مؤهل علميا وحاجتنا الخليجية الى عمالة عربية في هذه المنطقة الثرية والتي ينعم بخيراتها كل شعوب الارض الا العرب والمستضعفون.

آخر القول: أهيب بكل صاحب ضمير خليجي أنعم الله عليه ان يسارع الى مد يد العون كل بقدر طاقته لهذا الشاب الحزين الذي ضاقت دنيا العرب عليه بما رحبت.

أهيب بأصحاب الاعمال والشركات في قطر وخارج قطر ان يجدوا لهذا الانسان فرصة عمل تغنيه عن السؤال وتعينه على تربية أبنائه ولعله يكون طالع خير لكل من يعينه بفرصة عمل مجدية، وإن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر.

  كلمات مفتاحية

التجسس الإماراتي إسرائيل الخليج العربي حصار قطر فلسطين سوريا الهند ماليزيا لاجئ فلسطيني محمد كوثراني