هل يتحسر الإعلام المصري على أيام "محمد مرسي"؟

الأربعاء 5 سبتمبر 2018 01:09 ص

وقع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" قانون تنظيم الصحافة والإعلام، فأضاف بذلك تشريعا جديدا إلى منظومة الاستبداد التي لم يتوقف عن ترسيخ أركانها منذ أن قاد انقلابه العسكري في يوليو/تموز 2013، وقطع خطوة أوسع على طريق تقييد الصحافة والإعلام وحرية التعبير، وخاصة استخدام شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

هذا في وقت يشهد تصنيف مصر في المرتبة 161 من أصل 180 دولة، حسب مؤشر العام 2018 للحريات الصحافية، الذي تنظمه شبكة "مراسلون بلا حدود".

والقانون يستحدث هيئة جديدة تسمى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تتألف من 9 أعضاء يتولى رئيس الجمهورية تسمية رئيسها وأحد أعضائها، كما يتم اختيار باقي الأعضاء من أجهزة الدولة المختلفة ومجلس نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين من غير أعضائهما.

وبذلك فإن المجلس خاضع مسبقا، وبحكم هذا التركيب، إلى سيطرة الأجهزة الأمنية وبيروقراطية الدولة، ولهذا عواقب وخيمة ومباشرة بالنظر إلى الصلاحيات الهائلة التي عهد إلى المجلس أمر البت فيها على صعيد الصحافة والإعلام.

فمن جانب أول يتمتع المجلس بصلاحية حظر أو وقف أو اتخاذ إجراءات قانونية بحق أي صحيفة أو وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني بتهمة "نشر أو بث أخبار كاذبة"، أو "ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون"، أو يتضمن "امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية".

ولأن المادة 19 من هذا القانون لا تتضمن أي تحديد ملموس لهذه الاتهامات، فإن للمجلس سلطة قصوى عشوائية في إيقاع العقاب، خاصة وأن إجراءاته لا تمر مسبقا عبر القضاء.

ومن جانب ثان، ليس أقل خطورة وأثرا زجريا على إعاقة مجال التعبير العام لدى المواطنين، لا تسري أحكام المجلس على الصحف والمجلات والأقنية والفضائيات ومختلف أشكال الإعلام المقروء أو المسموع أو المرئي فقط، بل كذلك على الصفحات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي حين يزيد عدد متابعيها عن 5000 شخص، إذ تعتبر عندئذ في حكم الوسيلة الإعلامية.

وهذا يعني فرض الرقابة على مئات منافذ التعبير وصحافة المواطن، خاصة وأن هذا الرقم للمتابعين يعتبر مألوفا تماما لدى بلد يسجل فيه موقع "فيسبوك" 14 مليون متابع، وموقع "تويتر" أكثر من 900 ألف، عدا عن "إنستغرام" و"سناب شات" والمدونات والصفحات الفردية المتعددة.

ولا يكتفي القانون بإدراج حزمة بالغة التشدد في فرض القيود والعوائق، بل يلجأ كذلك إلى الردع المالي حيث تنص المادة 35 على إلزام وسائل الإعلام الجديدة بإيداع مبالغ في أحد المصارف المرخص لها في مصر، تتراوح بين 6 ملايين جنيه للصحيفة اليومية، و100 ألف جنيه للموقع الإلكتروني، وذلك قبل البدء بإجراءات التأسيس وحيازة الترخيص من المجلس.

أخيرا، وليس آخرا، لم يكن مدهشا أن تضيق أجهزة "السيسي" ذرعا حتى بالإعلاميين الذين طبلوا للانقلاب العسكري، فأخذت برامج الـ"توك شو" التي كرسوها لتجميل الاستبداد تتوقف تباعا، غير مأسوف عليها.

أقل إدهاشا أن عديد الإعلاميين المستقلين، ممن تحمسوا للانقلاب بذريعة التخلص من حكم "الإخوان المسلمون"، يتحسرون اليوم على عهد الرئيس "محمد مرسي".

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر محمد مرسي السيسي صحافة إعلام مواقع التواصل