"و. س. جورنال": قرصنة السعودية لـ"بي إن سبورت" تهدد الاقتصاد الإبداعي بالعالم

السبت 8 سبتمبر 2018 10:09 ص

تبث شبكة فضائية غامضة في المملكة العربية السعودية، دون الحصول على إذن، الأحداث الرياضية من جميع أنحاء العالم، مما يقوض صناعة تليفزيونية بمليارات الدولارات في الشرق الأوسط، ويكشف عن فشل جهود المملكة "المزعومة" لحماية الملكية الفكرية.

وتوزع شبكة باللغة العربية، يطلق عليها "بي آوت كيو"، أجهزة استقبال تحمل شعارها، وتتقاضي رسوم اشتراك من المستخدمين.

وتعرض الشبكة أفلام هوليوود ومباريات كرة القدم وألعاب الدوري الأمريكي للمحترفين، من بين أحداث أخرى، دون الحصول على الحقوق، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها تهدد بانهيار أعمال المنظمات الرياضية.

وقال "مارك ليشتاينهين"، رئيس تحالف مالكي حقوق الرياضة، وهي مجموعة تركز على قضايا الحقوق التي تمثل معظم الهيئات الرياضية الأوروبية الكبرى: "إنها تشكل سابقة خطيرة للغاية بالنسبة للبلدان الأخرى. إذا اعتقد الناس أنه لا توجد ضمانات أن الحقوق التي يشترونها محفوظة، فلن يشتروها. وسوف ينهار بذلك نموذج العمل الرياضي بالكامل بسرعة كبيرة".

ولا يمكن الوصول إلى مسؤولي "بي آوت كيو" للحصول على تعليق. ويقول موقعها على الإنترنت إن الشركة هي "شراكة بين شركة كوبية وشركة كولومبية، تعمل وفق أنظمة البلدين، التي تعتبر نشاطنا قانونيا بنسبة 100%، في إطار تجريم الاحتكار. ويشمل المستثمرون في القناة مستثمرين من دول الخليج وبعض المستثمرين أيضا من كوبا وكولومبيا.

وتقدم الشبكة ما يقرب من 3 آلاف قناة، بلغات مختلفة، بما في ذلك جميع الشبكات الرئيسية في الولايات المتحدة، وتبث أفلاما حديثة، مثل الأفلام الشهيرة لعام 2017، مثل "Blade Runner 2049" و "Get out" و "Dunkirk".

وقال "توم كفيني"، العضو المنتدب لـ"مجموعة بي إن ميديا"، ومقرها قطر: "ما يمكنهم فعله في مجال الرياضة، يمكنهم القيام به في مجال الترفيه"، وخسرت "بي إن" عشرات الملايين من الدولارات من العائدات بسبب "بي آوت".

ولن يدفع أي شخص مقابل المحتوى إذا كان بإمكانه الحصول عليه مجانا، ورفعت الشركة قضايا قانونية في الولايات المتحدة ضد مشغلي "بي آوت كيو" غير المعروفين.

معركة دبلوماسية

وتتداخل المعركة بين "بي آوت كيو" و"بي إن" مع الخلاف الدبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وجارتها قطر.

وفي العام الماضي، قطعت السعودية وحلفاؤها العرب العلاقات مع الدولة الخليجية الصغيرة، بزعم فساد سياسة الدوحة الإقليمية.

وتذيع " بي آوت كيو"، التي تعني اختصارا لـ"اخرجي يا قطر"، رسائل تلميحية ضد قطر، مثل انتقاد دعم قيادتها للجماعات الإسلامية.

وفي خضم الأزمة الدبلوماسية، فرضت السعودية حظرا تجاريا على قطر. وحظرت القنوات التليفزيونية القطرية، بما في ذلك القنوات التي تديرها شبكة "بي إن"، التي تمتلك معظم حقوق البث الرياضي في المنطقة.

ولا تتوفر أي أجهزة استقبال رقمية جديدة في المملكة. وأصبح تجديد الاشتراكات أكثر صعوبة، بسبب حظر التعاملات مع الكيانات القطرية، مما وفر فرصة كبيرة لـ"بي آوت كيو" في السوق السعودية.

وأعلنت الحكومة السعودية عن عدم شرعية نشاطات "بي آوت كيو"، وصادرت السلطات أجهزتها، لكن شبكة "بي إن" والمنظمات الرياضية تقول إن إجراءاتها لم تكن كافية. ولا يزال من السهل العثور على الأجهزة وبيعها مقابل 350 ريالا سعوديا (93 دولارا)، بما يشمل اشتراكا لمدة عام، في متاجر الإلكترونيات الصغيرة. وعلى قنواتها، أعلنت "بي آوت كيو" إن أجهزتها متاحة أيضا في أماكن أخرى، بما في ذلك في دول الخليج الأخرى، والعراق، والأردن.

ويعد تطوير الصناعات الرياضية والترفيه في صميم جهود الحكومة السعودية لفتح مجتمعها، والابتعاد عن الاعتماد على النفط. لكن عملية "بي آوت كيو" عمقت المخاوف بشأن حماية السعودية لحقوق الملكية الفكرية، بين أولئك الذين يمكنهم المساعدة في هذا التحول.

وقال رئيس رابطة الأفلام السينمائية "ستان مكوي" في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن أجهزة وخدمات البث غير القانونية تشكل تهديدا للاقتصاد الإبداعي العالمي، وكذلك لملايين المبدعين في جميع أنحاء العالم، الذين يصنعون الأفلام وعروض التليفزيون".

وأدرج مكتب الممثل التجاري الأمريكي هذا العام المملكة العربية السعودية على قائمة المراقبة الخاصة بالبلدان التي لا توفر الحماية الكافية لحقوق الملكية الفكرية، مستشهدا بقطاعات مثل المستحضرات الصيدلانية والبرامج المقرصنة. ولمعالجة هذه المخاوف، أنشأت المملكة مؤخرا هيئة حكومية لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية.

وتمارس العديد من المنظمات الرياضية الضغط على السعودية لاتخاذ إجراءات مناسبة. وقال متحدث باسم الرابطة الوطنية لكرة السلة إن الدوري الأمريكي لكرة السلة NBA "إن بي إيه" يقف بجانب "بي إن" في مسعاها "لوقف البث غير المرخص لمحتوى الدوري على بي آوت كيو".

إجراءات قانونية

وعلى 10 قنوات تحمل علاماتها التجارية، تعرض "بي آوت كيو" العديد من الأحداث الرياضية، بما في ذلك مباريات كرة القدم ودوري كرة السلة الأمريكي، ومعظمها حقوق حصرية لقنوات "بي إن الرياضية". ويتأخر بث الأحداث المباشرة لبضعة ثوان، ويتم وضع شعار "beoutQ" فوق المكان التي يتواجد فيه عادة شعار "beIN".

وأعلنت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، الشهر الماضي، عن خطط لبدء إجراءات قانونية ضد "بي آوت كيو" في السعودية. وقالت هيئات أخرى لكرة القدم، بما في ذلك الدوري الإسباني لكرة القدم، والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إنهم يدرسون أيضا بدء إجراءات قانونية.

ويقول "أحمد عادل"، 29 عاما من جدة، إنه لم يكن لديه خيار سوى الاشتراك في "بي آوت كيو"؛ من أجل مشاهدة كأس العالم الأخيرة.

وقال: "لا بد لي من استخدام بي آوت كيو، لأنه لا يوجد خيار آخر إذا أردت مشاهدة كرة القدم هنا". وتملك "بي إن" الحقوق الحصرية لعمليات البث الخاصة بكأس العالم في الشرق الأوسط.

ويشير النقاد إلى وجود صلة بين "بي آوت كيو" والمملكة العربية السعودية. ويبدو أن موقعها الإلكتروني متاح فقط في المملكة، وتبقى أجهزة فك التشفير الخاصة بها متوفرة على نطاق واسع هناك، ويتم دفع رسوم اشتراكها بالريال السعودي.

بالإضافة إلى ذلك، اتهمت شركة "بي إن سبورت" شركة القمر الصناعي "عرب سات"، الذي يتخذ من الرياض مقرا لها، بتوزيع مواد "بي آوت".

وأكد مراسل لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في السعودية، اتصاله بجهاز "بي آوت كيو" باستخدام القمر الصناعي "عربسات".

وردا على سؤال حول علاقتها بشبكة القراصنة، قالت "عربسات"، من خلال مكتبها القانوني "سكواير باتون بوغز"، إنها "تنكر بشدة أن تكون بي آوت كيو تستخدم ترددات عربسات".

وأظهر إيصال دفع حصلت عليه "بي إن" خلال الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة، أن موقع "بي آوت كيو" مرتبطا برجل أعمال سعودي بارز، وهو الرئيس التنفيذي لشركة "سيليفيجن" "رائد خشيم"، والشركة تعتبر مزود محتوى رقمي.

وقال "خشيم"، في رسالة بريد إلكتروني، إنه "ليس لديه صلة مباشرة أو غير مباشرة" بـ "بي آوت كيو". وقال إنه كان ضحية "لحملة تشويه" أطلقتها شبكة "بي إن"، بسبب نزاع عمل، حيث كانت "سيليفيجن" هي الموزع الرئيسي لقنوات "بي إن" في المملكة. ورفضت "بي إن" الاتهام، وقالت إنه لا أساس له من الصحة.

  كلمات مفتاحية

بي إن سبورت بي آوت كيو القرصنة التليفزيونية الأزمة الخليجية