الإعلام المصري.. المقصلة تطال إعلاميي السلطة

الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 12:09 م

بين ليلة وضحاها، صار إعلاميون بارزون في مصر من الموالين للسلطة، من المغضوب عليهم، في تغير دراماتيكي يذهب بالمسرح الإعلامي إلى حلبة جديدة من السيطرة، وفق إرادة لاعبين جدد.

وتتجه مقصلة الرقيب نحو تفصيل مشهد إعلامي بمقاسات محددة، تلبي تطلعات أجهزة سيادية ترفع شعار "تمام يا أفندم"، دون النظر إلى جودة المحتوى، أو قيمة الرأي الآخر.

"آخرة خدمة الغُز علقة".. لسان حال الكثير من إعلاميي النظام ممن تم التخلي عنهم، لكن التساؤلات تطرح نفسها بقوة: لماذا، ولمصلحة من، وكيف سيدار المشهد الإعلامي مستقبلا؟!.

عملية سيادية

ويبدو وفق قراءة للمشهد، أن عملية تغيير وترقيع تجري وراء الكواليس، تسعى من خلالها أجهزة سيادية إلى تجفيف برامج "التوك شو" أو نزع المواد السياسية من الوجبة المقدمة للمشاهد، على أن يتم استبدال ذلك بمحتوى فني ورياضي واجتماعي، يذهب ببوصلة الرأي العام إلى اهتمامات أخرى.

المفارقة اللافتة أن يد النظام الباطشة طالت "لميس الحديدي"، وهي الإعلامية التي اختارها الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، بصحبة الإعلامي "إبراهيم عيسى" للظهور في أول إطلالة إعلامية له بعد أن خلع بزته العسكرية وأعلن الترشح لرئاسة مصر بعد شهور من قيامه بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب "محمد مرسي" في يوليو/تموز 2013.

ووفق مصادر مطلعة، فإن شخصيات نافذة خيرت "الحديدي" بين التقاعد أو الانتقال إلى قناة أخرى بشروط، منها "تغيير موضوعات برنامجها نحو القضايا الاجتماعية، وتخفيض أجرها وأجور مساعديها، وأن يكون البرنامج مسجلاً حتى يسهل التحكّم في محتواه قبل البث".

أما "عيسى" فقد اضطر إلى الرحيل عن عدة قنوات مصرية بعد تعرضه لضغوط، وانتقل إلى قناة "الحرة" الأمريكية ليقدّم برنامج "مختلف عليه" الذي يناقش أمورا بعيدة في الغالب عن الشأن السياسي.

المصير ذاته، لاحق الإعلامي "تامر أمين" الذي غادر  قناة "الحياة" بعد أن توقف عن تقديم برنامجه "الحياة اليوم".

كذلك أبدى المذيع "تامر عبد المنعم" في مقطع مصور أسفه على الطريقة التي غادر بها قناة "العاصمة".

وسبق أن أعلن الإعلامي "جابر القرموطي" رحيله عن قناة "النهار" وتوقف برنامجه "مانشيت". 

ويطارد المصير ذاته الإعلامي "وائل الإبراشي" بعد بث حلقات مسجلة من برنامجه "العاشرة مساء" على فضائية "دريم".

"السيسي" والتوك شو

منذ أن أبدى "السيسي" استياءه من برامج "التوك شو"، منتقدا تعددها وطول فترة بثها، بدا أن هناك نية مبيتة لمزيد من التأميم للساحة الإعلامية، تحمل مزيدا من قرارات الحجب والغلق.

ولا يعد مصير "لميس" هو الأول من نوعه، سبقتها الإعلامية "منى الشاذلي" التي تم حصرها في تقديم برنامج اجتماعي على "سي بي سي" يخلو من أي نكهة سياسية بعنوان "معكم"، وكذلك الإعلامي الكبير "محمود سعد" الذي يقدم برنامج "باب الخلق" على قناة "النهار"، ويتضمن قضايا اجتماعية.

كذلك توقف برنامج الإعلامي "عمرو أديب" على قناة ON في أبريل/نيسان الماضي، وتوقف برنامج "نقطة تماس" للإعلامي "يوسف الحسيني"، الذي كان يُبث على قناة  ON Live، وبرنامج "بين السطور" للإعلامية "أماني الخياط"، إضافة إلى إيقاف برنامج الإعلامية "لبنى عسل"، والإعلامي "معتز بالله عبد الفتاح".

ويغيب عن المشهد كذلك، الإعلامي "مجدي الجلاد" منذ توقف برنامجه "لازم نفهم"، ورئيس تحرير اليوم السابع "خالد صلاح"، الذي أعلن توقف برنامجه «على هوى مصر»، على فضائية "النهار"، والإعلامي "محمد الدسوقي رشدي" صاحب برنامج "قصر الكلام".

تقليم الأظافر

خلال السوات الماضية، بدا لأجهزة سيادية أن التعاون مع رجال الأعمال، مالكي القنوات والصحف، لا يحقق النجاح المطلوب، نظرا لاختلاف المصالح والأجندات ، لذا قرر النظام أن يلعب دور "المالك".

عزز ذلك، رؤية سيادية تنادي بتقليم أظافر الإعلاميين الذين تم الاعتماد عليهم للوصول للسلطة عام 2013، بسبب خلافات حول طريقة الإدارة، وانتقادات وجّهها بعض الإعلاميين للطريقة التي يحكم بها ضباط المخابرات المشهد الإعلامي.

ويتضمن التصور الجديد الذي تشرف عليه المخابرات الحربية، الاكتفاء بشبكتين رئيسيتين مملوكتين للدولة، "أون تي في" بمجالي الرياضة وبرامج "التوك شو"، و"دي إم سي" في مجال الأخبار.

وضمن خطط إعادة الهيكلة التي تجري سرا، تشير مصادر إلى أن الاستخبارات العامة المصرية تتجه نجو إلغاء قناة "سي بي سي" العامة، وقناة "سي بي سي إكسترا" والاكتفاء بقناتي الدراما والمطبخ.

وتجري عملية ترتيب للمشهد الإعلامي في البلاد، منذ استحواذ شركة "إيغل كابيتال" التي تمتلكها وزيرة الاستثمار المصرية السابقة "داليا خورشيد"، على شركة "إعلام المصريين" للتدريب والاستثمارات الإعلامية، المالكة للعديد من الشركات والمؤسسات الإعلامية في مصر.

بموزاة ذلك، تتضمن خطط إعادة الهيكلة، تخفيض الانفاق على الإعلام إلى الثلث تقريباً، وإغلاق قنوات، والتخلص من وجود قديمة، بحثا عن مشهد إعلامي يروق للجنرالات، ويرفع شعار "ليس في الإمكان أفضل مما كان".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الإعلام المصري عبدالفتاح السيسي سي بي سي إعلام المصريين لميس الحديدي دي إم سي