هل يصمد الحياد العماني في مواجهة ضغوط السعودية والإمارات؟

الأربعاء 12 سبتمبر 2018 07:09 ص

شغلت الأزمة الخليجية التي نشبت بين قطر من جانب والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب آخر، جميع دول العالم، التي سارعت إما بتقديم حلول للأزمة التي نشبت قبل أكثر من عام، أو اتخاذ موقف مؤيد لأحد الطرفين.

ووسط هذه الأزمة آثرت سلطنة عمان الصمت والوقوف على الحياد والاكتفاء بإرسال وزير خارجيتها "يوسف بن علوي" إلى الكويت، لمؤازرتها في جهود وساطتها لحل الأزمة.

ولم تنضم إلى حملة حصار قطر، عندما وفرت لها ميناءين بحريين، بدل ميناء جبل علي الإماراتي، والذي كانت الدوحة تستقبل من خلاله، مجمل حاجتها من السلع والبضائع.

وبخلاف كل دول مجلس التعاون الأخرى، بقت سلطنة عمان على الحياد في أزمة اليمن، ولم ترسل أيا من قواتها إلى هذا البلد، لترجيح كفة طرف على طرف في النزاع اليمني الداخلي.

وآثرت عمان أن تقوم فقط بأمور إنسانية، مثل المساهمة بالإفراج عن بعض المحتجزين، لدى الميليشيات المسلحة، من رعايا الدول الغربية؛ كما وفرت طائرات لنقل مفاوضين محسوبين على الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام، من صنعاء إلى الكويت، للمشاركة في جلسات الحوار مع مسؤولين من الحكومة اليمنية الموالية للرئيس "عبدربه منصور هادي" المعترف بها دولياً.

لكن ذلك قد يكون على وشك التغيير، فالسعودية والإمارات تحاولان استغلال أي فرصة لإجبار مسقط على تبني سياسات تتماشى بشكل وثيق مع سياساتهما الخاصة.

ولدى كل من الرياض وأبوظبي فرصة لتحدي الحياد العماني، مستفيدتان من ذروة العلاقات الجيدة مع واشنطن، ولكن لتحقيق النجاح، يجب أن تكون استراتيجية دول الخليج الكبرى خفية، وهناك طرق مختلفة قد تسمح لمسقط بالمقاومة.

محاولات إخضاع

محاولات الإخضاع كشفتها وثائق مسربة حصلت عليها صحيفة "الأخبار" اللبنانية من داخل السفارة الإماراتية بسلطنة عمان تظهر خططا من أبوظبي والرياض لإخضاع مسقط، عن طريق "الترغيب والترهيب".

وأشارت الصحيفة إلى أن "التحرك باتجاه السلطنة لثنيها بالترغيب أو الترهيب، يبدو أنه قد بدأ فعلا منذ فترة بقيادة الإمارات، التي لها سوابق تاريخية في استفزاز عُمان والتدخل في شؤونها"، منوهة إلى أن "أبوظبي حاولت الانقضاض على الظهير الجنوبي الغربي للسلطنة في اليمن (محافظة المهرة)، عن طريق شراء الولاءات وعمليات التجنيد والأعمال الإنسانية".

واستدركت بقولها إن "الجهود الإماراتية لم تفلح في تحقيق الاختراق المطلوب، ما دعا السعودية إلى التدخل بنفسها تحت ستار منع التهريب"، مؤكدة أنه "حتى اليوم، لا يزال الشد والجذب قائما بين الرياض التي تحاول إحكام قبضتها على المهرة وبين أذرع النفوذ العمانية التي بدأت السلطنة بمدها في المحافظة، منذ أن انطلقت من هناك الدعوات إلى انفصال ظفار نهاية ستينات القرن الماضي".

وبينت الصحيفة أنه "بموازاة التحرك السعودي على الأرض، تتولى أبوظبي مهمة إثارة مسقط إعلاميا، تارة عبر الدعوة إلى ضم جزيرة سقطرى إلى الإمارات، وتارة أخرى عبر إحياء الحساسيات التاريخية المتصلة بالحدود بين الدولتين، خصوصا محافظة مسندم العُمانية، التي لا تخفى الأطماع الإماراتية فيها".

تحرش إماراتي

وبدت سياسة الترهيب التي تستخدمها الإمارات ضد السلطة واضحة في التحرشات الإعلامية والسياسية لأبوظبي.

وشهد شهر مايو/أيار الماضي، خلافا إعلاميا بين سلطنة عمان والإمارات، بعدما نظمت الأولى ندوة لتأكيد عُمانية "المهلب بن أبي صفرة" ( أحد ولاة الأمويين على خراسان)؛ وذلك استباقا للمسلسل الإماراتي الذي يعرضه تليفزيون أبوظبي في رمضان عن "المهلب" لمحاولة إثبات نسبه للإماراتيين.

ولم يكن هذا الخلاف الأول بين الإمارات وسلطنة عمان؛ ففي يناير/كانون الثاني 2018، وضعت السلطات خريطة "مشوهة" في متحف "اللوفر" الجديد في أبوظبي، ضمت فيها محافظة "مسندم" العمانية إلى حدودها.

وفي فبراير/شباط 2018، تداول ناشطون عُمانيون، صورة قالوا إنها مأخوذة من أحد كتب المنهج الإماراتي، ادعت أن حضارة "مجان" إماراتية، وليست عُمانية.

وفي مارس/آذار 2018، تسبب الفيلم الوثائقي الذي بثته وسائل الإعلام الإماراتية بعنوان: "زايد الأول.. ذاكرة ومسيرة"، في موجة غضب عارمة على إثر تلفيقه لوقائع تاريخية مشوهة وغير حقيقية.

كما شكا القائمون من اجتزاء حديث المؤرخ العماني "محمد المقدّم"، بما يناسب الفكرة العامة التي يرغبون بالترويج لها.

الصراع الإماراتي العماني برز بشكل جلي في أغسطس/آب 2017، خلال حملات التجنيس لأبناء المناطق اليمنية الحدودية، حيث بدأت الإمارات تجنيس عدد من أبناء سقطرى، فردت عمان بحملة تجنيس أخرى لأسرتي رئيس الوزراء السابق "حيدر أبوبكر العطاس"، وسلطان المهرة الشيخ "عيسى بن عفرار"، شملت نحو 69 من أبناء الأسرتين.

وحسب تقارير صحفية، سبق أن دبرت أبوظبي محاولة للانقلاب على السلطان "قابوس بن سعيد"، لكن الأجهزة الأمنية العمانية أحبطتها.

كما يتهم العمانيون الإمارات بشكل غير رسمي بالوقوف وراء أحداث "صحار" التي شهدت احتجاجات ضد النظام السياسي في البلاد، في فبراير/شباط 2011.

خيارات عمان

وفي مواجهة الضغوط المتزايدة، من المرجح أن تغير عُمان موقفها في عدد من القضايا، ويمكنها مكافحة عمليات التهريب لحركة الحوثيين في ​​اليمن، أو على الأقل تقديم عرض علني للقيام بذلك.

وبدلا من ذلك، قد تتخذ مسقط خطوات لتقليل التجارة الإيرانية عبر موانئها، حتى لو لم تلغ هذه التجارة تماما، خاصة إذا كانت التجارة أو الاستثمارات الإماراتية أو السعودية تعوض عن الخسائر التي تتكبدها الشركات العمانية إذا قطعت التجارة مع إيران.

علاوة على ذلك، يمكنها أيضا إدارة عملية الخلافة لضمان أن يأتي السلطان التالي بمباركة الرياض وأبوظبي، حسب "ستراتفور".

ومع ذلك، قد لا تكون عُمان ضعيفة كما تأمل السعودية والإمارات، وعلى عكس قطر، فهي ليس لديها قناة الجزيرة، التي أزعجت الحكومات الإقليمية، ولا يمكن اتهامها بأنها تستضيف "الإخوان المسلمون"، وهو المبرر الأقوى الذي كانت الرياض وأبوظبي تبرزانه أثناء محاولتهما إقناع الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانبهما.

وبينما يضغط جيران عمان في الخليج بثقلهم على السلطنة في محاولة للقضاء على مسارها المستقل، من المرجح أن تتخلى مسقط عن بعض الأسس التي تجلب تلك الضغوط، لكن حتى في تقديم تنازلات لجيرانها الخليجيين، فإن عمان ستضمن حماية سيادتها الكلية من خلال صناعة توازن جيوسياسي جديد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عمان الإمارات السعودية فطر الأزمة الخليجية حصار قطر اليمن التحالف العربي

فايننشال تايمز: هل يفقد اقتصاد عمان مكانته كسويسرا الشرق؟