مقصلة الرقيب تمنع 4390 كتابا بمعرض الكويت.. والناشرون غاضبون

الخميس 13 سبتمبر 2018 09:09 ص

4390 كتابا تم منعهم بمعرض الكويت الدولي للكتاب، المقرر إقامته منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لتبدأ معركة الرقابة هذا العام مبكرا، وسط انتقادات حادة من المثقفين الذين انتقدوا اتساع مقصلة المنع لتشمل كل أصناف الإبداع الإنساني.

النائب "خالد الشطي"، كشف حصوله على قائمة الكتب الممنوعة من وزارة الإعلام الكويتية، وقال في تصريحات لصحيفة "القبس": "تفاجأت أنه تم منع 4390 عنوان كتاب"، لافتا إلى أن وزارة الإعلام المعنية بتطبيق الرقابة على الكتب، تقول إنها جهة تنفيذية تسهر على تطبيق القانون الذي ينظم عمل الرقابة، وهي غير معنية بسنّ التشريعات الناظمة لحرية التعبير".

هذا الرقم المهول يفتح باب التساؤلات على مصراعيه، لا سيما أن الكويت بلدٌ جبل على الديمقراطية والحرية منذ القدم، فالكتّاب محبطون، والقراء يتحسرون، والمنع مستمر.

ويكشف هذا الرقم الكبير، حسب مراقبين، أن سياسة المنع لا تعتمد على أي معايير ناظمة لها، بل على اجتهادات شخصية، ومخاوف من أي قضية قد تثير الجدل، حتى وإن لم تكن ترتبط بالثلاثي المخيف: (الدين والسياسة والجنس).

خط دفاع

مدير المعرض "سعد العنزي"، دعا إلى البحث عن أصل المشكلة التي يتحدث عنها المحتجون على منع الكتب، وذلك من خلال العودة للقانون الذي ينص في بنوده على تطبيق معايير معينة، من شأنها منح مقص الرقيب صلاحيات في حدود خاصة.

وناشد "العنزي" أصحاب الشأن بعدم محاسبة موظفي وزارة الإعلام، كونهم يؤدون واجبهم وفق القانون، بل يجب محاسبة من أصدر القانون، وهم أعضاء مجلس الأمة.

كما دافع عن هيئة الرقابة، واعتبرها "خط الدفاع الأول لأخلاق المجتمع، فالكويت مجتمع متعدد وبلد حريات، ولدينا علاقات كثيرة تربطنا بصداقة متينة مع دول الجوار، ولسنا على استعداد لخسارة أشقائنا بسبب كتاب، سواء الأشقاء في الكويت أو خارجها".

أما الكتاب، فلهم مواقف في قرار المنع، فهم الذين يطالبون بأن تكون للقارئ حرية انتقاد الكتب وليس الحكومة، ومن أبرزهم، الشاعرة والأديبة "سعدية مفرح"، التي قالت إن "المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود معايير محددة للمنع، ويمكن للكاتب أن يقبل بها".

وأضافت: "أنا ضد فكرة المنع على الإطلاق، خصوصاً في هذا الوقت الذي يتم الحصول على الكتاب بطرق أخرى ليس مطبوعاً أو على الورق أو في معارض الكتب، بلمسة زر نستطيع أن نقرأ ما نشاء، في كل المكتبات بالعالم عبر الإنترنت".

سيطرة الخوف

وقالت الروائية الكاتبة الكويتية "بثينة العيسى": "تقوم فكرة الرقابة على الخوف، وهي فكرة طفولية ترى أن المجتمع بحاجة إلى حماية، وأن من واجب الدولة أن تقوم على حراسة أفكاره وعفته وشرفه. والمجتمع ليس مجموعة من القصّر، والدولة ليست أماً مربية".

وأضافت: "هذا الخوف سمح للدولة بأن تتجاوز منطق الحماية إلى منطق الوصاية، ولهذا السبب أصبحت وزارة الإعلام قادرة على منع عشرات الدواوين الشعرية لحماية المجتمع من كلمة (نهد)! وبسبب عجزهم عن التأويل والقراءة السياقية، أصبحت كل كتابة تستخدم كلمة (ملاك) أو (شيطان) رمزياً هي كتابة خادشة للمقدّسات الدينية!".

تناقضات

أما الروائي "دخيل الخليفة"، فعلق على الأمر قائلا: "نعيش حالة من التناقضات في قضايا حرية التعبير التي كفلها الدستور الكويتي، وهذه التناقضات تحددها ثقافة وزير الإعلام في العادة".

ودلل على كلامه بالقول: "حينما تسلم الراحل الشيخ جابر العلي حقيبة الوزارة حدثت طفرة ثقافية كونه رجلاً واعياً (...) وحدث الأمر نفسه مع الراحل الشيخ سعود الناصر، فترك الوزارة باستجواب وطرح ثقة (...) خطورة الأمر أن هدم حرية الرأي والتعبير يتم عبر المشرع للحريات (مجلس الأمة)، وليس الحكومة!"، وفقا لما نقلته عنه صحيفة "الشرق الأوسط".

أما مبررات الوزارة، فيراها "الخليفة" بمثابة "كلام مجاني"، فقراءة رواية أو ديوان شعر "لا تشكل انحطاطاً في قيم المجتمع الذي اعتاد حرية الرأي والتعبير، ويمتلك صحافة حرة منذ عشرات السنين، ويمارس طقوسه بكل حرية، لكن الأخطر أن الوزارة لم تمتثل للقضاء في أحكام صدرت لصالح مبدعين".

الروائي الكويتي الحاصل على جائزة "البوكر" العربية "سعود السنعوسي"، كانت له تجربة مع الرقيب، فقد تم منع روايته "فئران أمي حصة"، قبل أن يقول: "الأزمة تتجاوز أن يكون المتضرر هو الكاتب أو القارئ أو الناشر أو صاحب المكتبة، لأن المتضرر الأكبر هو الكويت".

وأضاف: "يبدو أن الكويت تستنفد رصيد سنوات طويلة من دعم الثقافة وصنوف الإبداع بسبب قصر نظر وزارة الإعلام، وتعنت لجنة الرقابة بقراراتها، وفق فهمٍ قاصر للقانون، وعدم قراءة النصوص، والاكتفاء بقراءة تقارير الرقيب، بجملها المبتورة المجتزأة من سياقاتها".

وكانت وزارة الإعلام منعت رواية "فئران أمي حصة"، من التداول في البلاد، بعد أيام قليلة من طرحها عام 2015، بيد أن المحكمة الإدارية سمحت مؤخراً بتداول الرواية، وإبطال منعها، لعدم سلامة القرار.

أزمة رقيب

أما أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين "طلال الرميضي"، فقال إن الأزمة تكمن في مسطرة الرقيب، وليس في القانون.

وأضاف: "القانون سليم، ووضع معايير عامة، ولكن الملاحظات تنصّب على الرقيب نفسه"، متابعا: "لا شك أن نصوص التشريعات وضعت محاذير عامة يتفق معها الجميع، حيث لا يختلف أحد في كون (الذات الإلهية) مصونة، وكذلك مقام الرسول الكريم، وما يمس الآداب العامة، كنشر (الإباحية)، أو الإساءة للأفراد والجماعات أو الدول الصديقة، وهي محل إجماع المثقفين، لكن مورد الاختلاف هو في (مسطرة الرقيب)".

وزاد "الرميضي": "لاحظنا أن كتباً لا تستحق المنع تم منعها في الكويت، ولذلك نحن مستمرون في إيصال وجهة نظر الأدباء عبر الطرق القانونية إلى الوزارة المعنية".

يشار إلى أن اللجنة الموكل لها تقييم وفسح الكتب تتشكل من تسعة أشخاص، بينهم سبعة من خارج وزارة الإعلام، وتحدد المحاذير أو المخالفات التي يتضمنها الكتاب، قبل أن تصدر قرارها لوزارة الإعلام بمنع الكتاب أو إجازته.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

معرض الكتاب الكويت منع الرقيب وزارة الإعلام