عقود الأعمال.. سلاح سعودي "يخضع" إسبانيا و"يخرس" حلفاء كندا

الجمعة 14 سبتمبر 2018 01:09 ص

"الدول الغربية ستفكر مليا قبل انتقاد السياسة الداخلية السعودية علنا"..

قدمت الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية "بسمة مومني" هذه الخلاصة، تعليقا على الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة بين أوتاوا والرياض، على خلفية تغريدة للسفارة الكندية بالسعودية، في أغسطس/آب الماضي، طلبت فيها "الإفراج الفوري" عن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، اعتقلتهم المملكة، وهو ما ردت عليه الرياض بطرد السفير الكندي واتخاذ سلسلة تدابير ضد كندا، بينها تعليق العلاقات التجارية.

وأوضحت "مومني" أن ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان" يتبع سياسة تهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن الدول التي ستوجه انتقادات تغضب حكام السعودية من الممكن أن تخسر الكثير من صفقات الأعمال، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

وبحسب "مومني"، فقد "تمكن الأمير منذ الخلاف مع كندا، من تقليص مساحة الانتقادات الموجهة إلى الشؤون الداخلية السعودية، وحتى.. إلى السياسة الخارجية لا سيما ما يتعلق باليمن"، مشيرة إلى أن صمت حلفاء كندا "بات يصمّ الآذان".

فكندا التي رفضت التراجع عن موقفها بشأن حقوق الإنسان في السعودية لم تلق دعما من قبل حلفائها الغربيين، بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية، بينما اكتفى سفراء الاتحاد الأوروبي بتقديم "ملاحظة دبلوماسية" خلال اجتماع خاص جمعهم مع وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" بعدما كانوا يخططون لنشر بيان علني الشهر الماضي لدعم الموقف الكندي.

البوارج مقابل القنابل

إنه سلاح "عقود الأعمال" الناجز، بحسب "مومني"، الذي يقف أيضا وراء تراجع إسبانيا عن إلغاء اتفاق بقيمة 9,2 مليون يورو لتسليم السعودية 400  قنبلة موجهة بالليزر بعد غارة جوية نفذها التحالف العربي، بقيادة المملكة، في آب/أغسطس الماضي، تسببت في مقتل عشرات المدنيين، بينهم 40 طفلا.

وجاء الإعلان عن تسليم القنابل بعد تقارير تحدثت عن اتجاه لدى الرياض لإلغاء صفقة بقيمة 1,8 مليار يورو تشتري بموجبها 5 بوارج حربية من إسبانيا.

أنعشت الصفقة السعودية شركة أحواض بناء السفن الإسبانية العامة (نافانسيا)، وعبر موظفو الشركة عن مخاوف على وظائفهم في حال إلغاء صفقة البوارج ردا على إلغاء مدريد لصفقة القنابل.

طلب الجبير

وفي مؤتمر صحفي، الشهر الماضي، لم يوضح وزير الخارجية السعودي مطالب المملكة بالتحديد من كندا، لكن مسؤولون غربيون قالوا إنه طُلب حذف التغريدة التي نشرتها سفارتها في الرياض باللغة العربية، بحسب الوكالة الفرنسية.

ورغم أن السفارة الكندية بثت التغريدة باللغة الإنجليزية أيضا، لكن التغريدة العربية أغضبت السلطات في الرياض بشدة، بحسب دبلوماسي غربي، مشيرا الى أنها رأت فيها محاولة "للتواصل مباشرة مع الشعب"، وهو ما اعتبرته "أمرا خطيرا".

رفضت كندا مسح التغريدة، وارتفع عدد متابعي حساب سفارتها في الرياض من مئات إلى نحو 12 ألف شخص بعد الحادثة، لكنها خسرت كامل عقود الأعمال السعودية، وهو ما يتحاشى كل حلفائها تكراره، بحسب المصدر.

نهج استراتيجي

ولم تكن بداية استخدام ولي العهد السعودي لسلاحه الفعال مع أزمة كندا، بل منذ عام 2015، الذي شهد صعود نجمه في سدة السلطة السعودية، عندما استدعت الرياض، في مارس/آذار، سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزارة الخارجية السويدية للسعودية تتعلق بسجلها الحقوقي.

ويشير المصدر إلى أن المملكة قلصت من تعاملها مع بعض الشركات في ألمانيا بعد خلاف دبلوماسي مع برلين، ما يعني أن استخدام ورقة "عقود الأعمال" بات نهجا ثابتا لدى الإدارة السعودية الحالية في معاملاتها الدولية.

وإزاء ذلك، تقول "مومني" إن الخيار أمام الدول الغربية بات واضحا، وهو رسالة سعودية مفادها: "إذا كان الهدف هو الحفاظ على عقود الأعمال، فالانتقادات العلنية ليست الوسيلة".

المصدر | الخليج الجديد + أ.ف.ب

  كلمات مفتاحية

كندا السعودية بسمة مومني أوتاوا حقوق الإنسان محمد بن سلمان الرياض