"التايمز": أيام "محمد بن سلمان" صارت معدودة

الجمعة 14 سبتمبر 2018 03:09 ص

تنبأ الباحث والمؤرخ البريطاني "مايكل بورليغ" بأن أيام مجد ولي العهد السعودي صارت معدودة.

وقال الباحث البريطاني، في مقاله بصحيفة "التايمز"، إن ولي العهد ليس رجلا قويا - كما يظهر - وأنه لا يزال من الممكن تجريده من سلطاته كاملة بـ"جرة قلم".

وفي السطور القادمة ينشر "الخليج الجديد" أهم ما ورد في مقال الكاتب البريطاني:

في البدء قامت شركات العلاقات العامة الغربية وجماعات الضغط بدعاية مكثفة من أجل الترويج لجولة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في الغرب في مارس/أذار الماضي، على أنه زعيم السعودية القادم القويّ، وانتشرت الملايين من هذه الدعاية في الأنحاء مثل النفايات، كما يذكر الجميع.

ولكن بعد ستة أشهر من ذلك، تبدو حقائق صعوده غير يقينيّة بعد، حتى أن والده الملك "سلمان" بدأ يظهر علامات الشك.

دعاية تخالف الواقع

وقد حاول شقيق الملك، الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، وزير الداخلية الأسبق، في الأسبوع الماضي في حوار قصير مع المتظاهرين البحرينيين واليمنيين خارج منزله في لندن، النأي بـ"آل سعود" عن الملك "سلمان" ووريثه الطموح.

وعلى الرغم من أنه قلل من أهمية تصريحاته بعد ذلك، فقد حث أمير آخر في المنفى العائلة المالكة على التحرك ضد "محمد بن سلمان".

وأصبحت الفجوة بين دعاية ولي العهد والواقع صارخة.

جميعنا يذكر مدينة نيوم ذات التقنية العالية، المطلة على خليج العقبة، هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 80 مليار دولار الهادف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي وفق "رؤية 2030"، جنبا إلى جنب مع الاكتتاب العام لـ  5٪ من أسهم شركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط والغاز المملوكة للدولة، التي قدر ولي العهد قيمتها بحوالي ترليون دولار.

ولكن، يبدو أن الملك "سلمان" قد ألغى الاكتتاب العام، مع مخاوف أن وقوع مثل هذا الاكتتاب في نيويورك يخاطر بمصادرة الأصول السعودية بسبب دعوى أمريكية محتملة ضد المملكة لصلاتها بهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

وكانت هناك أيضاً انتقادات داخل السعودية لقرار بيع جزء من أثمن ما تملكه المملكة للأجانب، ليس أقلَّها من الأمراء الذين خافوا من أن يسلط البيع الضوء على الامتيازات والمكافآت غير الشفافة التي يحظون بها.

 وقد ألقي القبض على الاقتصادي ورجل الأعمال "عصام الزامل" لمجرد التغريد على "تويتر"، مشككا بخصوص هذا الاكتتاب.

أما بالنسبة للاستثمار الأجنبي، فبعد احتجاز المليارديرات السعوديين في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، بزعم أنهم فاسدون، فرّ ما يبلغ 150 مليار دولار من الأموال خارج المملكة، ولم يهرع الأجانب إلى استثمار أموالهم في البلاد.

على الجانب الآخر، دمرت مبادرات السياسة الخارجية لـ"محمد بن سلمان" أيضاً دالمملكة، فالحرب في اليمن المجاورة التي جاوزت عامها الثالث، تكلف ما بين خمسة إلى ستة مليارات دولار شهريًا.

وقُتل أكثر من 10 آلاف من المدنيين اليمنيين، ويواجه أكثر من 8 ملايين منهم خطر المجماعة، في حين أن المتمردين الحوثيين المستهدفين من الرياض يصبحون أكثر قوة وليس أكثر ضعفاً.

ويستمر الحوثي في ​​إطلاق الصواريخ الرخيصة على السعودية، وفي كل مرة يعترضها فيها صاروخ باتريوت الذي توفره الولايات المتحدة، يكلف ذلك الرياض ثلاثة ملايين دولار.

كما فشل عزل ولي العهد المفاجئ لدولة قطر بسبب دعمها المزعوم للإرهاب في إخضاع الإمارة الصغيرة، لكنه نجح في تدمير مجلس التعاون الخليجي لصالح هيمنة ثنائية من السعودية والإمارات، وهناك الآن كلام يائس عن حفر قناة بطول 68 ميلا، بتكلفة 750 مليون دولار، لتحويل قطر إلى جزيرة.

ونجا الاقتصاد القطري من الصدمة الأولى للمقاطعة الإقليمية، ونجحت الدوحة في تأمين الدعم الدبلوماسي من الصين وإيران وروسيا، وحتى إدارة "ترامب" تراجعت عن دعمها الأولي للحصار، الأمر الذي أدى إلى مزيد من إحراج الرياض.

صورة الإصلاحيّ تنهار

وحتى الإدعاءات بكون "محمد بن سلمان" محدَّثا وإصلاحيا، لم تنجُ أيضا.

فقمع الشيعة السعوديين في المنطقة الشرقية يستمر، وآخر فضيحة في هذا الصدد هي السعي لإعدام "إسراء الغمغام"، وهي أول ناشطة لحقوق الإنسان تكون معرضة لمثل هذه العقوبة.

وحتى الدعاية لمنح المرأة حق قيادة السيارة تم تقويضها بسبب اعتقال 13 امرأة من الناشطات اللواتي يرغبن في إلغاء أشكال أخرى من الوصاية على المرأة في البلاد.

وتعرض رجال دين سنة بارزين (بما في ذلك إمام وقاض في مكة نفسها) ممن لديهم متابعون كُثُر على وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة وخارجها للقمع أيضا، وكان "سلمان العودة" واحدا من بين العشرات الذين اعتقلتهم رئاسة أمن الدولة الجديدة في العام الماضي بعد تعيين "محمد بن سلمان" كولي للعهد.

وتتوافق الاتهامات الرئيسية ضد العودة مع محاكمات لدعاة آخرين على ارتباطات مزعومة بجماعة الإخوان المسلمين وقطر، وتشمل الاتهامات أيضا "السخرية من الإنجازات الحكومية" وعندما قام شقيق "العودة" بالتغريد منددا باعتقال شقيقه، تم احتجازه أيضًا، وذلك بفضل نشاط الهيئة القومية الجديدة للأمن الإلكتروني.

وفي نهاية المطاف تكشف كل شيء، فـ"محمد بن سلمان" ليس مصلحاً، ولا هو رجل قوي، لأنه بجرّة قلم، يستطيع والده تغيير من يخلُفه ويجرده من سلطته، وقد يحدث ذلك قريباً، بالنظر إلى الصخب المتنامي من الأمراء الغاضبين، ولعل هذا هو السبب في أن "محمد بن سلمان" كان ينام على يخت راسٍ قبالة مدينة جدة تحت حراسة مشددة طوال فصل الصيف.

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان أحمد بن عبد العزيز حرب اليمن القمع في السعودية سلمان العودة عصام الزامل

بن سلمان يضع حجر أساس أول مفاعل أبحاث نووي بالسعودية