لماذا فشلت الحلول "الكونفيدرالية" للقضية الفلسطينية؟

الجمعة 14 سبتمبر 2018 05:09 ص

نشر موقع المونيتور مقالًا للسياسي والوزير والمفاوض الإسرائيلي السابق "يوسي بيلين"، تناول خلاله المقترح المطروح مؤخرا بشكل غير رسمي من قبل إدارة "دونالد ترامب" حول تشكيل كونفيدرالية فلسطينية أردنية كحل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وطرح الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" مقترحا مقابلا لفيدرالية تضم فسلطين و(إسرائيل) كحل بديل.

ونوه "بيلين" بأن كلا الفيدراليتين (الأردنية الفلسطينية والفلسطينية الإسرائيلية) مقترحان قديمان سبق طرحهما في أرشيف مفاوضات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكن كلاهما تم رفضهما في نهاية المطاف إما بسبب رفض الفلسطينيين أو الحكومات المتعاقبة في (إسرائيل).

وفي السطور القادمة ينقل "الخليج الجديد" أهم ما ورد في مقال السياسي الإسرائيلي:

في اجتماع في 2 سبتمبر/أيلول، في رام الله، فاجأ الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" ضيوفه من حركة "ميرتس" وحركة "السلام الآن"، في مناسبتين منفصلتين.

وجاءت المفاجأة الأولى عندما أخبرهم أن أعضاء فريق مفاوضات السلام التابع للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أثاروا فكرة كونفيدرالية أردنية فلسطينية.

والمفاجأة الثانية كانت عندما أخبرهم برده، وهو أنه سيكون مستعدا فقط لدخول مثل هذا الاتحاد إذا كانت (إسرائيل) جزءا منه.

تاريخ الكونفيدرالية

ويثبت الاقتراح الأمريكي أن الفريق قضى وقتا طويلا في تدقيق الوثائق الأرشيفية التي عفا عليها الزمن. وأثار العاهل الأردني الراحل الملك "حسين" في البداية فكرة الكونفيدرالية قبل 35 عاما، واعتمدها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1983. بل إن المجلس منح رئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات" تفويضا للدخول في مفاوضات مع الملك حول تفاصيل مثل هذا الاتحاد الكونفيدرالي، لكن لم يخرج شيء من هذه المفاوضات.

وتحدثت مع الملك "حسين" عن ذلك خلال المفاوضات بين الطرفين، ثم مع الرئيس "عرفات" بعد ذلك بأعوام. وقال لي "عرفات" إن الملك أصر على أن يكون رئيسا للإطار السياسي الجديد، في حين طالب "عرفات" أن تكون الرئاسة بالتناوب. ووفقا لـ"عرفات"، أجاب الملك "حسين" بأن الملوك "لا يقبلون التناوب"، كما أن "حسين" لم يوافق على طلب تأسيس دولة فلسطينية أولا، ثم التوحد مع الأردن في كونفيدرالية.

وقال الملك إن اقتراحه الأصلي، الذي يعود تاريخه إلى عام 1972، كان تأسيس اتحاد على أساس انسحاب (إسرائيلي) من الضفة الغربية، وإنشاء كيان فلسطيني مستقل بذات العلم الأردني في الأراضي المحتلة عام 1967، ورفضت منظمة التحرير الفلسطينية و(إسرائيل) هذا الاقتراح. وفي مؤتمر عقد في العاصمة المغربية الرباط بعد عامين (1974)، أصدرت جامعة الدول العربية قرارا استبعد حق الأردن في تمثيل الفلسطينيين، وسلم الحق الحصري لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي أثار استياء الملك "حسين".

وكان يعني هذا أن الملك لم يعد يحق له التحدث عن الاتحاد، لذلك بدأ يتحدث عن كونفدرالية بدلا من ذلك. وتمت ترقية الكيان الفلسطيني المقترح من الحكم الذاتي إلى السيادي، مع اقتراح مظلة مشتركة للكيانين، المملكة الأردنية الهاشمية وفلسطين. وهذه المرة كانت ظروف "عرفات" هي التي خربت الفكرة.

وفي أبريل/نيسان 1987، أثناء محادثات سرية في لندن، حاول وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، "شيمون بيريز"، التوصل إلى سلسلة من التفاهمات مع الأردن. ودعم هذه الجهود رئيس الوزراء الأردني "زياد الرفاعي". واقترحت الوثيقة عقد مؤتمر دولي للقيام بمحادثات بين (إسرائيل) ووفد أردني، يضم أيضا ممثلين فلسطينيين. ونصت الوثيقة على أن جميع المشاركين، من سيكونون ملتزمين بنبذ الإرهاب وقبول قرار الأمم المتحدة رقم 242 والقرار رقم 338 (الخاصة بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967).

وقبل الملك "حسين" الاتفاقية المقترحة. لكن حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء "إسحاق شامير" رفضت تبني هذه التفاهمات. وفي أواخر يوليو/تموز 1988، أعلن الملك "حسين" في مؤتمر صحفي أنه تخلى عن مطالباته بالضفة الغربية.

انهيار الكونفيدرالية

واعتبر الجناح اليميني الإسرائيلي هذا إنجازا كبيرا. وأصبحت فكرة أن "الأردن هي فلسطين" أكثر عملية الآن، فالأردن لديه أغلبية فلسطينية لأعوام عديدة ولذا فإن الأردن يمثل في واقع الأمر الدولة الفلسطينية من وجهة نظر اليمين الإسرائيلي. وسيكون الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية، وربما في قطاع غزة أيضا أمام خيارين، إما الاستمرار في العيش في منازلهم لكن بدون حقوق سياسية، أو الانتقال إلى الأردن.

وبعد 4 أشهر، قررت منظمة التحرير الفلسطينية اعتماد قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ونددت بالإرهاب. وكان ذلك الأيام الأخيرة من إدارة "ريغان"، حيث بدأت الولايات المتحدة تتحدث علنا مع منظمة التحرير الفلسطينية.

وعندما أدى مؤتمر مدريد عام 1991 إلى إجراء مفاوضات بين وفد (إسرائيلي) ووفد أردني فلسطيني مشترك، كان من الواضح للجميع أن المجموعة الأخيرة كانت في الواقع وفدين منفصلين، وكان أحدهما يأخذ أوامره من الملك "حسين"، والآخر من "عرفات". وكان من الواضح أيضا أنه لم يكن هناك حل أردني فلسطيني مشترك في الأفق.

وفي صيف عام 1993، اجتمعت اللجنة التوجيهية في موسكو لإجراء محادثات متعددة الأطراف تضم الإسرائيليين والفلسطينيين، وممثلي الدول العربية، وممثلين آخرين من المجتمع الدولي.

وكانت مفاوضات "أوسلو" جارية على قدم وساق، وعندما سألت ممثل فلسطين "فيصل الحسيني" عن رأيه في حل أردني فلسطيني محتمل فإنه ضحك وسألني إن كان الإسرائيليون يعتقدون حقا أن كل الفلسطينيين بهذا الغباء. وأوضح: "أنت تواصل الحديث عن كونفيدرالية أردنية فلسطينية، وأقول إننا نريد كونفيدرالية إسرائيلية فلسطينية. لماذا تعتقد أننا مهتمون بشكل خاص بإنشاء إطار مشترك مع نظام ملكي فقير وغير ديمقراطي شرق نهر الأردن؟ نحن نفضل إنشاء كونفدرالية طبيعية غرب النهر، مع دولة ديمقراطية ثرية ومستقرة". وأكد لي على الفور أنه كان يتكلم بدافع القلق على المصالح الوطنية الفلسطينية، وليس لبعض الحب تجاه (إسرائيل)، لكنه شرح أنه يعتقد أن هذا سيكون الحل الصحيح لـ (إسرائيل) أيضا، لأنه سيضمن التعاون في قائمة طويلة من المجالات.

وهذا الأسبوع، عندما قال "عباس" أنه سيصر على كونفيدرالية ثلاثية، أدركت أنه يعني نفس الشيء الذي كان يقصده "الحسيني".

وتريد القيادة الفلسطينية البراغماتية وجود كونفيدرالية مع (إسرائيل). وإذا كان الوسطاء الأمريكيون مهتمين حقا بالنظر إلى نموذج جديد يريد بموجبه المستوطنون البقاء شرق الحدود بين الدولتين السياديتين والمستقلتين، فمن الأفضل أن يراجعوا خيار إقامة كونفيدرالية إسرائيلية فلسطينية، مع أو بدون الأردن.

ولا يمكن أن يكون هناك شيء منطقي أكثر من دولتين مستقلتين توجدان غرب نهر الأردن للعمل في إطار رسمي من التعاون.

ويمكن أن يمنع ذلك الحاجة إلى إجلاء المستوطنين، ويسمح للمهتمين بالعيش في فلسطين كمواطنين إسرائيليين، تماما كما يمكن أن يعيش عدد مماثل من المواطنين الفلسطينيين في (إسرائيل). ويمكن أيضا لأي اتحاد كونفيدرالي إسرائيلي فلسطيني أن يجعل من الممكن دمج قوات الأمن التابعة للكيانين، بل ويسهل حل مسألة السيادة على المدينة القديمة، لا سيما إذا عملت المؤسسات المشتركة من هناك. وبعد كل شيء، اتضح أن "عباس" لم يكن يمزح.

المصدر | يوسي بيلين - المونيتور

  كلمات مفتاحية

الكونفيدرالية الفلسطينية الإسرائيلية محمود عباس الملك حسين ياسر عرفات يوسي بيلين