"و. س. جورنال": محاكمات الدعاة تهز هيكل السلطة السعودي

الاثنين 17 سبتمبر 2018 11:09 ص

قال ناشطون في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى مسؤول حكومي، إن السلطات السعودية تسعى إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق 3 من رجال الدين البارزين، ما يعد تحديا للقانون غير المكتوب الذي يعد أساس بقاء حكام المملكة في السلطة.

وقد قام ولي العهد "محمد بن سلمان"، ووالده الملك "سلمان"، باحتجاز ناشطين ورجال أعمال ومسؤولين حكوميين كجزء من جهودهم لإعادة تشكيل المجتمع والاقتصاد السعودي، لكن رجال الدين السعوديين كانوا منذ فترة طويلة قوة صعبة المنال، مع شهرة ونفوذ يتجاوزان نفوذ باقي المتضررين من حملات القمع الأخيرة.

ويعد رجال الدين المسجونون من أشهر الشخصيات الدينية السنية في المملكة العربية السعودية وأكثرهم شعبية، مثل "سلمان العودة"، الذي لديه أكثر من 14 مليون متابع على "تويتر"، و"عوض القرني" رجل الدين المعروف، و"علي العمري"، الواعظ التلفزيوني.

وتم اعتقال هؤلاء جميها قبل عام في حملة اعتقالات لرجال الدين والأئمة الذين يحظون بالكثير من المتابعين؛ لعدم تأييدهم العلني لحملة الضغط التي تمارسها الحكومة ضد قطر، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وهم يواجهون الآن محاكمات أمام محكمة أمن قومي بتهم تشمل التآمر ضد الملكية ودعم الإرهاب، ويسعى المدعي العام للوصول إلى فرض عقوبة الإعدام بحقهم، حسبما قال بعض الأقارب والناشطين، إضافة إلى مسؤول حكومي.

وقال مسؤول سعودي رفيع المستوى إن رجال الدين "يخضعون للتحقيق بسبب تشكيلهم خطرا على المجتمع، لأنهم ينتمون إلى منظمات إرهابية"، مشيرا إلى أن مدعي العموم والقضاة السعوديين مستقلون، وأن ولي العهد لن يلعب أي دور في الحكم أو العقوبة.

ونفى المسؤول البارز أن يكون رجال الدين قد تم اعتقالهم في الأصل بسبب آرائهم حول قطر، موضحا أن المتهمين لديهم حق الوصول إلى المحامين، والحق في استئناف أي حكم.

وتعد الملاحقات القضائية من بين أخطر الجهود التي بذلها "بن سلمان"، البالغ من العمر 33 عاما، لتعزيز سلطته، منذ يونيو/حزيران 2017، عندما قام بالإطاحة بآخر ولي للعهد ليحل مكانه.

تحويل الرأي العام

وقد يتسبب التحرك ضد رجال الدين في تحويل الرأي العام ضد حكام المملكة، مع تقوية عناصر العائلة المالكة التي تعارض الفصيل الحالي في السلطة.

وقد بقي "آل سعود" العائلة الحاكمة في البلاد لأكثر من 8 عقود من خلال تحالف مع رجال الدين الذين ينتمون إلى سلالة من الإسلام تعرف باسم "الوهابية"، وأتاحت هذه الشراكة قيادة مستقرة إلى حد كبير، وأسفرت عن واحدة من أكثر المجتمعات الدينية المحافظة في العالم، وهو مجتمع يتمتع فيه رجال الدين بتأثير كبير على الرأي العام.

ويقول "علي الشهابي"، مؤسس المؤسسة العربية، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن تدعم الحكومة السعودية في الغالب، إن دفع "بن سلمان" رجال الدين للمثول أمام القضاء يعني "أن القواعد قد تغيرت الآن".

وقال "الشهابي" إنه يشك في أن الحكومة ستتابع ذلك وتنفذ حكم الإعدام بحق رجال الدين.

ويواجه "العودة" 37 تهمة جنائية، بما في ذلك نشر الفتنة والتحريض ضد الحاكم، والنشاط في جماعة "الإخوان المسلمون"، حسبما قال نجله، في حين أشار المسؤول السعودي البارز إلى عضوية "العودة" في الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، والذي قال إنه له صلات بتنظيم "القاعدة" وجماعة "الإخوان"، على حد زعمه.

ووصف "عبدالله العودة"، وهو زميل بارز في جامعة جورج تاون، الاتهامات بحق والده بالعبثية، قائلا: "ليس لديهم أي قواعد، لقد كسروا كل تقاليد السلطة والدين والسياسة والثقافة، وكل شيء في البلاد، لذلك نحن لا نعرف ما هو قادم".

ولم يكن رجال الدين مؤيدين لولي العهد دائما؛ لأنه تابع سلسلة من التغييرات التي تشمل السماح للنساء بقيادة السيارات، وصياغة سياسة خارجية أكثر عدوانية، وانتقل إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط، من خلال السعي لجعل المملكة العربية السعودية أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي والسياحة.

إعادة تشكيل

وسعت السلطات السعودية إلى إعادة تشكيل البلاد من خلال الملاحقات القضائية، ويسعى المدعون العموم إلى فرض عقوبة الإعدام على العديد من الناشطين الذين قاموا بحملة من أجل حقوق الأقلية الشيعية المسلمة.

وتم سجن الناشطات اللاتي قمن بحملات من أجل حق المرأة في القيادة والحريات الأخرى، بينما لا يزال العشرات من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين معتقلين بتهم لم يكشف عنها، بعد 10 أشهر من بدء حملة لمكافحة الفساد.

وكان "العودة"، البالغ من العمر 61 عاما، ذات يوم إسلاميا قويا قاد حركة "الصحوة الإسلامية" في التسعينيات، والتي انتقدت قرار السعودية بالسماح للجيش الأمريكي بدخول البلاد لحمايتها من غزو عراقي محتمل، وقد أُلقي به في السجن لمدة 5 أعوام، وخرج من السجن مدافعا عن الإصلاح الاجتماعي والسياسي.

وقال ناشطون حقوقيون إن رجال الدين قد حُكم عليهم بأثر رجعي بسبب انتمائهم إلى منظمات لم تكن محظورة في وقت اعتقالهم.

وقال "عبدالله العودة" إن والده متهم بالانتماء إلى الاتحاد الدولي لعلماء المسلمين، والذي لم يتم تصنيفه كمنظمة إرهابية من قبل السلطات السعودية حتى نوفمبر/تشرين الثاني، بعد شهرين من اعتقاله.

ويواجه "العمري" 30 تهمة تتعلق بالإرهاب، بما في ذلك مزاعم تشكيل منظمة إرهابية للشباب، بحسب ناشطين حقوقيين، ولم تكن هناك إمكانية للوصول إلى عائلة "العمري" أو الممثلين القانونيين له للتعليق.

ووفقا لناشطين في مجال حقوق الإنسان، فإن "القرني" متهم بدعم جماعة "الإخوان المسلمون" وجماعات أخرى في المملكة تم تصنيفها كمنظمات إرهابية. كما أنه متهم بجرائم إثارة الفتنة العلنية، والتآمر ضد زعماء المملكة، والتعاطف مع المعتقلين في القضايا الأمنية.

واحتجت جماعات حقوق الإنسان على طريقة معاملة رجال الدين، وقال "آدم كوغل"، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "الكل في السعودية معرض للاتهام بالتطرف إذا اتبعت الحكومة نهج سجن الناس بسبب آرائهم السياسية".

كما تجرى محاكمة 15 شخصا سعوديا آخرين على الأقل في قضايا غير علنية في المحكمة الجنائية المتخصصة، التي تنظر في قضايا الأمن القومي والإرهاب، ويطالب المدعون العموم بعقوبات تصل للسجن لمدة 20 عاما، وأكثر من 100 مليون دولار من الغرامات، وفقا للناشطين الحقوقيين والمسؤول السعودي.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

اعتقال رجال الدين سلمان العودة عوض القرني علي العمري محمد بن سلمان